تعهّد محمد بن سلمان ولي العهد السعودي بعدم وضع قوات عسكرية على جزيرتي تيران وصنافير، التي صادق قائد الانقلاب العسكري في مصر عبدالفتاح السيسي، على نقل السيادة عليهما من القاهرة إلى الرياض، وإبقائها في “المتناول الدولي”.
جاء ذلك في ملحقات نشرتها الجريدة الرسمية المصرية، في 17 أغسطس، مرفقة بقرار مصادقة السيسي (مؤرخ بتاريخ 24 يونيو/ حزيران الماضي)، على اتفاقية الجزيرتين الواقعتين في البحر الأحمر، والتي أثارت غضبًا شعبيًا في مصر.
وبين الملحقات خطاب وقّعه من الجانب السعودي، (ولي العهد حاليًا) الأمير محمد بن سلمان (بصفته ولي ولي العهد آنذاك)، إلى رئيس وزراء حكومة السيسى؛ شريف إسماعيل، بتاريخ 8 أبريل/ نيسان 2016.
و شدد “بن سلمان”، في خطابه، على “التزام السعودية بأحكام القانون الدولي، وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982” وفق 5 مبادئ.
المبدأ الأول، بحسب الخطاب، هو “التعامل مع مضيق تيران بوصفه مجرى مائي دولي مفتوح، بما يتفق وأحكام القانون الدولي أمام الدول للملاحة البحرية، ودون أي معوقات أو عقبات، والحفاظ على الترتيبات والممارسات المعمول بها في المضيق، كما تلتزم بحق المرور، وفقًا لأحكام القانون الدولي، عبر خليج العقبة أمام كافة الدول”.
وأوضح المبدأ الثاني أنه “لن يتم استخدام جزيرتي تيران وصنافير في دعم أو تخطيط أو تنفيذ أي عمل عسكري”.
فيما يتضمن المبدأ الثالث “قصر الوجود الأمني في الجزيرتين على الأجهزة الأمنية غير العسكرية، بما في ذلك حرس الحدود”.
وتطرق المبدأ الرابع إلى أنه “سيتم الاتفاق على ترتيبات بين السعودية ومصر فور توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلد، تتضمن الأحكام المتعلقة بمهمات القوات متعددة الجنسيات والمرافقين في شأن الجزيرتين، بما يكفل تحقيق الهدف من وجودها، ويعمل بتلك الترتيبات من تاريخ نفاذ الاتفاقية المشار إليها”.
أما المبدأ الخامس لخطاب “بن سلمان” فشدد على “التعاون والتنسيق بين مصر والسعودية لإنفاذ الالتزامات المتصلة بهما في مضيق تيران، كلا فيما يخصه”.
الملحقات التي نشرتها الجريدة الرسمية المصرية شملت أيضا 3 خطابات بين حكومة السيسي وإسرائيل تؤكد التزام المملكة العربية السعودية بالترتيبات القائمة فيما يخص مضيق “تيران”، وجزيرتي “تيران وصنافير”، بالإضافة إلى موافقة تل أبيب.
ووقع على الخطابات الثلاثة وزير خارجية السيسي، سامح شكري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 8 مايو/ آيار 2016، و18-19 ديسمبر/ كانون أول 2016.
وقال شكري لنتنياهو في الخطاب الأول: “نحيطكم علمًا بأن مصر والسعودية قد وقعتا اتفاقية تيران وصنافير”.
وأضاف: “على ضوء تبعات هذه الاتفاقية عند دخولها حيز النفاذ، أرفق خطابًا تلقيته من صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان الموجه لرئيس وزراء مصر شريف إسماعيل، بشأن الالتزامات التي تعهدت حكومة المملكة بشكل أحادى بالوفاء بها”.
وتابع شكري: “أتطلع لقبول سعادتكم لمضمون الخطاب المرفق باعتباره اعترافًا من المملكة والتزاما منها بالترتيبات القائمة فيما يخص تيران وصنافير ومضيق تيران”.
تعهدات بعدم تعديل “كامب ديفيد” دون موافقة إسرائيل
وفي الخطاب الثاني، أكد شكري التزام مصر بمعاهدة السلام (1979)، مشيرًا إلى أن “القاهرة والمملكة تعتزمان توقيع الاتفاقية المعنية بالترتيبات بين الحكومتين بشأن مهام القوة متعددة الجنسيات والمراقبين في المضيق والجزيرتين والتي تعهدت المملكة بالالتزام بها”.
وأكد وزير خارجية مصر أن بلاده “لن تقبل أي تعديل بالاتفاقية دون القبول الرسمي المسبق لحكومة إسرائيل”.
بينما جاء الخطاب الثالث يحمل موافقة إسرائيلية على ما جاء في الخطابين السابقين.
وبانتقال الجزيرتين إلى السيادة السعودية محملتين بالالتزامات الواردة في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية يعني مباشرة أن السعودية ستحل طرفا ثالثا في هذه الاتفاقية، وهذا يعني عمليا وجود علاقات سعودية مع الجانب الإسرائيلي.
ورغم أن السلطات السعودية تنفي إمكانية حدوث ذلك حتى لا تصادم الرأي العام المحلي والعربي والإسلامي، فإن الواقع سيفرض هذه العلاقة، بل إن تلك العلاقة لن تأتي فقط كأمر واقع وإنما برغبة من بعض الأطراف في المملكة، على رأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتطلع لولاية العهد مباشرة في حياة والده، وهو مستعد لفعل الكثير مقابل ذلك.
ومن الواضح أنه تلقى نصائح بأن الطريق إلى ذلك يمر عبر البوابة الإسرائيلية الأميركية، وستكون الجزيرتان هما الممر إلى تلك البوابة السحرية.
وكانت صحيفة التايمز الأمريكية نشرت تقريرا في 17 يونيو/حزيران الماضي ذكرت فيه أن هناك خطوات لبدء إقامة علاقات سعودية إسرائيلية، يمكن أن تبدأ بخطوات صغيرة مثل السماح للشركات الإسرائيلية بالعمل في الخليج، والسماح لأكبر شركة طيران إسرائيلية (إلعال) بالتحليق فوق المجال الجوي السعودي.
كما أشارت الصحيفة إلى أنّ وفداً سعودياً -برئاسة جنرال متقاعد- قام العام الماضي برحلة إلى إسرائيل، مختتمة بأنّ “السعودية قد تكون مستعدة لفتح مكتب اتصال غير رسمي لتنسيق مصالحها مع إسرائيل، إلا أنّ الاعتراف الدبلوماسي يبدو أنّ دونه سنوات عديدة”.
كما كشفت تسريبات صوتية لوزير خارجية السيسي، سامح شكري مع إسحق مولخو محامي رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في 11 فبراير/شباط الماضي، أذاعتها قناة “مكملين” الفضائية” أن شكري راجع مع المحامي الإسرائيلي نصوص الاتفاقية كلمة كلمة، مما يعني أن إسرائيل كانت طرفا غير مباشر في إبرامها.
وفي إطار مساعي تل أبيب لفتح علاقات تدريجية مع المملكة؛ فقد اقترح وزير النقل الإسرائيلي قبل ثلاثة أشهر على نتنياهو، إنشاءَ شبكة لربط السكك الحديدية الإسرائيلية بالسكك الحديدية الأردنية والسعودية، موضحا أن الإدارة الأميركية تدعم هذا الاقتراح.
اضف تعليقا