العدسة – معتز أشرف:

خرجت الطفلة الفلسطينية عهد التميمي من المقابر الصهيونية المفتوحة ، لكن تبقى وفق احصائيات متواترة ما يقرب من 350  طفلا فلسطينيا في السجون الصهيونية رهن الاعتقال التعسفي والتعذيب وقتل الطفولة والبراءة.

“العدسة” يسلط الضوء على معاناة أطفال فلسطين الأسرى فالمأساة لم تنته بعد.

احصائيات مزعجة !

بلغة الأرقام ، المأساة تتصاعد ، ووفق احصائيات هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين ونادي الأسير الفلسطيني، يقبعُ نحو 350 طفلا فلسطينيا في معتقلات الاحتلال الصهيوني حتي أبريل 2018 ، بينهم 8 فتيات قاصرات، و6 أطفال يقبعون في مراكز صهيونية خاصّة بالأحداث، فيما جرى توقيف  353 طفلا على الأقل منذ مطلع العام الجاري 2018.

سلطات الاحتلال أصدرت كذلك 102 قرارا بالاعتقال المنزلي بحقّ أطفال غالبيتهم من القدس؛ منذ بداية شهر يناير 2017 وحتّى نهاية شهر فبراير 2018، بزيادة بنسبة 15.5 % عن العام 2016″، مشيرا إلى أنّها “حوّلت 25 طفلا منهم للاعتقال الفعلي بعد انتهاء فترة الاعتقال المنزلي”.

و منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر عام 2000، اعتقلت السلطات الصهيونية ما لا يقل عن 7000 طفل فلسطيني، كما أن العديد من الأطفال الذين اعتقلوا وهم أقل من السّن القانوني اجتازوا سن الثامنة عشرة وما زالوا في الأسر. ومنذ منذ انطلاق الهبّة الشعبية في أكتوبر عام 2015، ارتفع عدد الأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني إلى أعلى مستوى له منذ شهر فبراير 2009، ووصل إلى أكثر من 400 طفل في بعض الأشهر، وكان من بينهم 116 طفلا تراوحت أعمارهم بين 12 و15 عاما، وهو أعلى رقم مسجّل منذ شهر يناير من عام 2008، العام الذي بدأت فيه ‘مصلحة السجون الصهيونية بالإفصاح عن أعداد الأطفال المعتقلين لديها”.

وبحسب المراقبين تعتبر دولة الاحتلال البلد الوحيد في العالم الذي يحاكم بشكل منهجي ما بين 500 و700 طفل سنويا، بعضهم لا يتجاوز 12 عاما، أمام المحاكم العسكرية التي تفتقر إلى الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة.

كما قتل الجيش الصهيوني ، 25 طفلا فلسطينيا في الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة، منذ بداية العام الجاري، بحسب مؤسسة أهلية، بينهم 21 طفلا في قطاع غزة، كما تعمد قتل الأطفال عبر استخدام الذخيرة الحية، وبحسب الحقوقيين فإن الجيش الصهيوني قتل نحو ألفي طفل فلسطيني منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية قبل 18 عاما.

انتهاكات ممنهجة

ومن أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الاطفال المعتقلين في سجون الاحتلال ،  استخدام العنف الجسدي، والشبح، وأشكال أخرى من التعذيب وسوء المعاملة، وكذلك حرمانهم من استشارة محام، وذلك بحسب توثيق دقيق للحركة العالمية للدفاع عن الأطفالفلسطين.

ويتعرض “حوالي 90 بالمائة من الأطفال المحتجزين بحسب الحركة للاعتداء اللفظي والإذلال من قبل ضباط الجيش الصهيوني ، و82 بالمائة من الأطفال المحتجزين يتم تجريدهم من ملابسهم أثناء إخضاعهم لعمليات تفتيش ونحو 30 بالمائة منهم يتعرضون لاعتداءات بدنية أثناء احتجازهم، وهناك أكثر من 75 بالمائة من الأطفال المحتجزين حرموا من الحصول على المشورة القانونية قبل استجوابهم.

لجنة حقوق الطفل بالامم المتحدة في استعراضها لامتثال الكيان الصهيوني لاتفاقية حقوق الطفل في العام 2013 ، ادانت دولة الاحتلال ، ووجدت أن الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال “يتعرضون بشكل منهجي لمعاملة مهينة، وأحيانا ما يتعرضون للتعذيب”، وأن دولة الكيان “تجاهلت تماما” التوصيات السابقة للامتثال للقانون الدولي.

وبحسب المراقبين فمنذ العام 2015 شهدت قضية الأسرى الأطفال العديد من التشريعات التي تقنن الاجراءات التعسفية منها إقرار عدد من القوانين العنصرية أو مشاريع القوانين، والتي تشرّع إصدار أحكام عالية بحق الأطفال، وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من عشر سنوات، وحتّى الحكم المؤبد.

ووثق حقوقيون في هيئة الأسرى ونادي الأسير العديد من الإنتهاكات بحق الأطفال منذ لحظة إلقاء القبض عليهم والطريقة الوحشية التي يتم اقتيادهم بها من منازلهم في ساعات متأخرة من الّليل، والتي تدخل تحت نطاق الجرائم ، ومنها إطلاق الرصاص الحيّ بشكل مباشر ومتعمّد خلال عمليات الاعتقال، ونقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف وإبقائهم دون طعام أو شراب، واستخدام الضرب المبرح، وتوجيه الشتائم والألفاظ البذيئة إليهم، وتهديدهم وترهيبهم، وانتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد، إصدار الأحكام غيابيا، وفرض أحكام وغرامات مالية عالية، كما يحرم العديد من الأطفال المعتقلين من التعليم ومن زيارة ذويهم ويحرمون من إدخال الملابس والأغراض الشخصية والكتب التّعليمية والثقافية.

مركز الأسرى للدراسات وثق كذلك أشكال الضغط على الأطفال ومنها تغطية الرأس بكيس ملوث، والوقوف لفترات طويلة، واستخدام المربط البلاستيكي لليدين، رش الماء البارد والساخن على الرأس، وتعرية الأسرى، واستخدام الضرب المبرح، وربطهم من الخلف إما على كرسي صغير الحجم، أو على بلاطة متحركة بهدف إرهاق العمود الفقري للأسير وإعيائه، واستخدام القوة المبالغ فيها أثناء التحقيق والقمع، والشبح لساعات طويلة بل لأيام، إلى جانب استخدامها أساليب الهز العنيف للرأس .

 قائمة شرف !

الفتى فوزي الجنيدي (16 عاماً) أحد ايقونات البراءة داخل سجون الاحتلال  ، وجري توقيفه بعد قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده الى القدس ، وذلك خلال اشتباكات وقعت في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وسحبه الجنود الصهاينة على الأرض معصوب العينين، ومنذ ذلك الحين أصبحت صورة الطفل “معصوب العينين” رمزاً للاحتجاجات الفلسطينية المستمرة ضد سياسة واشنطن في القدس.

الاسماء كثيرة لأبطال البراءة ، وثقتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، ومنهم الأسير يزيد دعنا (17 عاما) من محافظة الخليل، والقابع في معتقل عوفر العسكري، الذي اعتقل في الثالث عشر من  مارس 2017 ، خلال توجهه للمدرسة، حيث تجمع عليه جنود الاحتلال وهاجموه وطرحوه أرضاً واعتدوا عليه بالضرب المبرح، قبل اقتياده لحاجز الكونتينر المحاذي للحرم الإبراهيمي بالخليل، واعتدوا عليه مرة ثانية بوحشية، وبعد ذلك نقل لمركز كريات أربع، وهناك لم يتوقف المحققون عن ضربه بذات الطريقة، خاصة على مؤخرة رأسه”.

المعتقل محمد بياعة (16 عاما) من مخيم شعفاط في القدس المحتلة، اسم آخر بعيد عن الأضواء لم يحظى بأضواء “عهد التميمي”، وتكاد صورته غير معلومة، ولكنه يقبع في سجن مجيدو، بعد أن اعتقل من منزله في أكتوبر 2016، بعدما مداهمة لجنود الاحتلال، وجرى نقله بعد ذلك إلى حاجز شعفاط سيرا على الأقدام، ومن هناك إلى سجن المسكوبية للتحقيق، وعندما وصل إلى هناك انهال عدد من الجنود علي بالضرب المبرح، قبل أن أدخل إلى غرفة التحقيق، واستمر التحقيق لمدة أربع ساعات متواصلة وكنت مقيداً بالكرسي.

الأسير هاني أبو حمادة (17 عاما) من مخيم بلاطة في نابلس، أعتقل في التاسع والعشرين من كانون من يناير 2017 ، وجرى اقتياد أبو حمادة إلى مستوطنة “كرمي شمرون”، بعدما قام المستوطنون بمهاجمته، وهناك قام جنود الاحتلال بتقييد يديه إلى الخلف، وانهالوا عليه بالضرب المبرح بأيديهم وبأرجلهم وبأعقاب البنادق، ثم جروه ودفعوه بقوه لداخل الجيب العسكري، ونقل فيما بعد إلى مركز الشرطة للتحقيق معه، في مسلسل عنف لا ينتهي ضد الطفولة الفلسطينية المعذبة حتى حين.