وقف مئات الصحفيين والناشطين والحقوقيين، الأربعاء، أمام القنصلية السعودية بإسطنبول، إحياءً للذكرى السنوية الأولى لمقتل الصحفي “جمال خاشقجي” في مثل هذا اليوم قبل عام بقنصلية بلاده في اسطنبول.

وقد بدأت الفعالية بالوقوف دقيقة صمت ترحمًا على روح “خاشقجي”، عرض بعدها فيلم قصير عن حياة الصحفي السعودي وشهادات أصدقائه عنه، وكلماته الأخيرة في المقابلات التي أجراها.

وبدأت الفعالية عند الساعة (13:14) بتوقيت إسطنبول (10:14 ت.غ)، وهي الساعة التي دخل فيها “خاشقجي” إلى قنصلية بلاده قبل عام، قبل أن يغيب هناك إلى الأبد.

وشهدت الفعالية اهتماما إعلاميا كبيرا، بمشاركة المئات من الصحفيين الأتراك والعرب من مختلف دول العالم، وحضرها ناشطون وحقوقيون ومسؤولون من أصدقاء “خاشقجي”، وافتتح بنهايته نصب تذكاري أمام القنصلية السعودية.

وتخللت الفعالية كلمات، بدأها رئيس جمعية بيت الإعلاميين العرب في تركيا “طوران قشلاقجي”، قال فيها: “بعد عام من قتل خاشقجي نطالب بالعدالة ونسأل أين جسد جمال وهل سيحاكم قتلته؟”

وأضاف: “جمال كان رجلًا جميلًا مثل اسمه.. كان إنسانًا طيبًا وصديقًا مخلصًا يتمتع بقلب طاهر.. كان صادقًا في أقواله وأفعاله، ويتصرف بصدق حتى عندما ينتقد بكلماته وقلمه.. أمّا هواجس منطقتنا، فكان يحملها في قلبه وعقله”.

ولفت إلى أن “جمال كان صحفيًا حرًا، محترفًا في عمله، ومتمسكًا بأعماله بعناية وجدية، ويعي صعوبات ومخاطر العمل الصحفي في العالم العربي.. وكان يقول الصحافة هي مهنة الذين لا أيديولوجيا لهم”.

ورأى “قشلاقجي” أن “خاشقجي استشهد مرتين.. في البداية استشهد عندما قتلوه، والمرة الثانية عندما حرّفوا الأدلة المتعلقة بالمذبحة البربرية والدنيئة.. ولكنهم نسوا أن هذا الرجل صاحب القلب الطفولي، لن يموت وسيعيش في الخيال الأبدي للبشرية”.

وتابع: “التقينا بخاشقجي في مؤتمرات بالكثير من الدول خارج تركيا والسعودية. كان دائمًا يضع الديمقراطية وتركيا كقدوة لأبناء منطقتنا كطريق للخلاص والنجاة.. كان لديه إعجاب كبير بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. لقد اعتبر الربيع العربي أملاً للشعوب والشباب المحاصرين بين الطغمة العسكرية والديكتاتوريين والجماعات الدينية المتطرفة”.

وختم بقوله: “نطالب السعودية أن تعطينا هذا المبنى، حتى نبني متحفًا هنا باسمه ويعيش ذكراه إلى الأبد. اعلموا أنه مثلما هي مكانة ألكسيس دو توكفيل، بالنسبة إلى الثورة الفرنسية، سوف يُذكر جمال خاشقجي، بالنسبة إلى الربيع العربي، سيذكر في القرون القادمة، بنفس المشاعر”.

بدوره، قال “ياسين أقطاي” مستشار الرئيس التركي: “جمال خاشقجي هو رمز احترام الحقوق والحريات الإنسانية، وهو الذي كشف وفضح كثيرا من ممارسات العالم، فهل يمكن اعتبار جريمة خاشقجي واحدة فقط من آلاف الجرائم التي ترتكب في المنطقة”.

وأضاف: “جريمة قتل جمال خاشقجي تفضح نظاما قاتلا في كل أنحاء المنطقة، كثيرون وجدوا في قتل خاشقجي جريمة عادية ولكنها جريمة فضحت لنا نظاما يمارس القتل في العالم أجمع، قتلوا خاشقجي خوفا من أفكاره، ولأنهم قتلوه فإن أفكاره بقيت حية أكثر وتهدد قاتلية بشكل أكبر”.

وشدد قائلا: “لم أكن اتخيل قتل خاشقجي في قنصليته، لأن الدول تحيي مواطنيها ولا تقتلهم، وعندما أبلغتني خطيبته بالأمر شعرت بمسؤولية كبيرة وتابعت الأمر، ولكن عرفنا أنه عندما تلقينا الخبر كان قد قتل قبل ساعات، لأنه قتل بعد دخوله بعشر دقائق، وفريق القتل لم تكن لديه نية الخطف والإقناع، بل كان نيته القتل وهو ما تأكد لنا لاحقا”.

وتابع: “المسؤولية الآن هي تحمل قضيته والعمل بشكل أكبر من أجل أفكاره، ومنذ ذلك اليوم أقوم وفقا لهذه المسؤوليات”.

“أقطاي” لفت إلى أن “الرئيس أردوغان منذ سمع بالقضية، ودون أي حسابات كان توجهه باتجاه العدالة والحقوق وفق القانون، نحن حتى الآن نطالب بالعدالة لخاشقجي، ولا نعرف أين جسده، وحتى الآن لم يتم إبلاغنا بالمعلومات التي لديهم، وهذه مطالب قانونية بحتة”.