في خطوة قد تمثل تحولاً هاماً في التعامل مع القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان الدولية، طالبت محكمة أمريكية اثنين من كبار مساعدي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بتقديم وثائق وصفتها بـ”الهامة” ضمن القضية المرفوعة من قبل رجل الاستخبارات السابق سعد الجبري.
هذه الوثائق قد تلعب دوراً حاسماً في تقديم أدلة على محاولة اغتيال الجبري، وهي القضية التي جذبت اهتماماً دولياً واسعاً في ظل اتهامات متعددة ضد النظام السعودي.
وفقًا لتقرير وكالة “أسوشييتد برس”، فإن المحكمة أصدرت قرارها الذي يُلزم مدير مكتب ولي العهد بدر العساكر، والمستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، بتسليم هذه الوثائق الهامة في موعد أقصاه مطلع نوفمبر المقبل.
هذه الدعوى ليست فقط قضية جنائية تخص الجبري، بل إنها تحمل دلالات واسعة حول مدى استعداد النظام القضائي الأمريكي لملاحقة المسؤولين الأجانب المتورطين في جرائم حقوق الإنسان، حتى وإن كانوا من داخل الأنظمة الحاكمة.
صديق الأمس عدو اليوم
سعد الجبري، الذي كان أحد أهم المستشارين لدى ولي العهد السابق محمد بن نايف، وجد نفسه في صراع مفتوح مع النظام السعودي بعد خروجه من المملكة في عام 2017. بعد فترة وجيزة من مغادرته، وجهت إليه اتهامات بالخيانة والاختلاس، وهي اتهامات غالباً ما تُستخدم لتشويه سمعة المعارضين للنظام في السعودية.
القضية المطروحة أمام المحكمة الفيدرالية في واشنطن تعيد تسليط الضوء على الدور الذي لعبه الجبري داخل الأجهزة الأمنية السعودية، حيث كان مستشاراً مقرباً من محمد بن نايف، الذي كان يتمتع بعلاقات قوية مع المؤسسات الأمنية الغربية، وخاصة الأمريكية.
لكن بعد انقلاب داخلي داخل الأسرة الحاكمة أدى إلى تصاعد نفوذ محمد بن سلمان، أصبح الجبري هدفاً لمحاولات تصفية بسبب معرفته العميقة بالخبايا الأمنية والعمليات السرية للمملكة.
وتتضمن القضية المرفوعة من الجبري اتهامات بسعي مسؤولين سعوديين، من بينهم القحطاني، لإرسال فرقة اغتيال إلى كندا، حيث يقيم الجبري حالياً، بهدف قتله بعد أيام قليلة فقط من حادثة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، هذه التطورات تضع السعودية في مواجهة مع المجتمع الدولي حول مسؤوليتها عن تلك الانتهاكات.
سعود القحطاني وبدر العساكر
اسم سعود القحطاني ليس غريباً على الساحة الدولية، فقد ورد اسمه في قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، وهي القضية التي أسفرت عن توجيه اتهامات مباشرة ضد عدد من المقربين من ولي العهد السعودي. القحطاني، الذي كان يُعتبر أحد الأذرع اليمنى لابن سلمان، متهم بأنه كان من وراء التخطيط لعملية قتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
أما بدر العساكر، مدير مكتب ولي العهد، فقد ظل شخصية مؤثرة داخل الديوان الملكي، ومن خلال دوره في الإشراف على بعض الملفات الهامة، أصبح محط أنظار القضاء الأمريكي ضمن قضية الجبري. رغم محاولات المملكة تقليل حجم الأضرار التي لحقت بسمعتها الدولية بعد حادثة خاشقجي، فإن القضايا المرفوعة ضد مسؤولين كبار مثل القحطاني والعساكر تبرز مدى تعمق الأزمة وتواصل تداعياتها على الساحة الدولية.
إلزام هؤلاء المسؤولين بتسليم الوثائق الهامة يمثل إشارة واضحة على رغبة القضاء الأمريكي في توسيع نطاق المساءلة لتشمل الشخصيات المؤثرة داخل الدائرة المقربة من ولي العهد، وهو ما قد يفتح الباب أمام مزيد من القضايا المتعلقة بالانتهاكات التي جرت خلال السنوات الأخيرة في السعودية.
الخلاصة أن القضاء الأمريكي أصبح يوسع ملاحقة المسؤولين السعوديين! قرار يطالب كبار مساعدي ابن سلمان بتسليم وثائق هامة في قضية محاولة اغتيال سعد الجبري. هل يشهد العالم محاسبة دولية للمسؤولين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان بالمملكة.
اقرأ أيضًا : السعودية وتبرير الإعدام تحت ذريعة الأمن: توظيف سياسي للقمع
اضف تعليقا