العدسة _ باسم الشجاعي
رغم فشلها على مدار أكثر من عام، لم تهدأ دول الحصار الرباعي على قطر، وعلى رأسهم “الإمارات والسعودية” التي تفوح رائحتهما عالميا في انتهاكات حقوق الإنسان، لتشويه صورة الدوحة عالميا ومحليا، خاصة بعد الأزمة الخليجية، التي وقعت في مايو من العام الماضي (2016)، ولكن هذه المرة تسعى للدخول من بوابة تنظيم كأس العالم.
اللوبي الإماراتي الحقوقي “المشبوه”، الذي فشل في مهمته، والذي يقوده مستشار “بن زايد”، القيادي المفصول من حركة “فتح”، “محمد دحلان”، دشن مؤخرًا لجنة جديدة تحت اسم “الإنصاف الدولية”، لتشوية صورة قطر، في محاولة لتدراك إخفاقاتها في الجلسة السابقة للأممم المتحدة.
الجديد أيضا، أن الإمارات والسعودية دفعتا بعدد من المنظمات الوهمية الجديدة، من خلال المخابرات الإماراتية، ومن أبرزها: لجنة أسر وعائلات ضحايا المنشآت الرياضية لبطولة كأس العالم 2022 في قطر، والمنظمة الإفريقية للتراث وحقوق الإنسان، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في أوروبا وبريطانيا، والشبكة العربية (الموازية) للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والرابطة الخليجية للحقوق والحريات، والمؤسسة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا.
استنفار جديد
وتهدف اللجنة لملاحقة دولة قطر دوليًّا، بزعم عدم توفيرها الأمان والحماية للعاملين على إقامة منشآت بطولة كأس العالم 2022، المقرر إقامتها في الدوحة.
وبحسب بيان اللجنة الذي اطلع عليه موقع (العدسة)، فإنها تضم: “المنظمة الإفريقية للتراث وحقوق الإنسان، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في أوروبا وبريطانيا، والشبكة العربية (الموازية) للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والرابطة الخليجية للحقوق والحريات، والمؤسسة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان”.
وبعيدا عن حقيقة الإدعائات حول قطر، وبالتدقيق في الأسماء المشاركة في “لجنة الإنصاف الدولية”، التي يشوبها “فضائح”، وخاصة “الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان”، و”المنظمة المصرية لحقوق الإنسان”.
وتعقد الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان مؤتمرات، في الفترة من 12 مارس المقبل، وحتي 20 من الشهر ذاته، يتخللها الحديث عم ملف حقوق الإنسان في قطر، ستطالب خلاله مجلس حقوق الإنسان الدولي في دورته الـ37 القادمة في جنيف، بإدانة دولة قطر، بزعم “تفشي الفساد بكل أشكاله داخل جميع أجهزتها الحكومية”.
الأمر لم يقتصر على المؤتمرات والتحركات في أروقة الأمم المتحدة، بل كشف البيان، عن تنيظم وقفة في 27 فبراير الجاري (لم يحدد مكانها بعد)، بزعم محاربة الإرهاب، ولكنها ستكون موجهة في الأساس ضد دولة قطر.
منابر مأجورة
وبالتدقبق، تجد أن رئيس “الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان”، ومؤسس مركز “تريندز” للبحوث والاستشارات، “أحمد بن ثاني الهاملي” (إماراتي الجنسية، ومقيم بمدينة جنيف السويسرية؛ حيث مقر منظمته سيئة السمعة)، والذي طالب مجلس حقوق الإنسان بالقبض عليه.
“الفيدرالية العربية” مؤسسة تم تدشينها في سبتمبر 2015، ومقرها جنيف، بحسب ما هو مذكور عبر موقعها الرسمي؛ حيث تتألف من 38 منظمة، بعضها معروف، مثل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وغالبها مجهول، يتبع دولتي الإمارات والبحرين.
تقارير وهمية
ويعتبر سجل هذه المنظمة بشأن قضايا حقوق الإنسان مشوهًا؛ حيث يمتدح دولة الإمارات، رغم تعرض أبو ظبي لانتقادات متكررة من قبل منظمات حقوق الإنسان العالمية ووزارة الخارجية الأمريكية، وذلك بحسب ما أشارت الهيئة المستقلة لمراقبة الأمم المتحدة في جنيف.
فقد نشرت هذه المنظمة العام الماضي مؤشرًا لحقوق الإنسان، صنف دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 14 على مستوي العالم، وقطر في المرتبة 97، وهو ما قوبل بانتقادات دفعت المجموعة لحذف هذا المؤشر من موقعها على شبكة الإنترنت.
الأمر لم يقف عن هذا الحد وحسب، بل لحقت اتهامات الهيئة المستقلة لمراقبة الأمم المتحدة أيضا المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والتي يرأسها “حافظ أبو سعدة”، الذي وظفته المخابرات الإماراتية، واستغلته في تبييض وجهها، وفي التحريض ضد قطر.
“الهئية”، أكدت تورطها في مشاركة الإمارات في تسييس أعمال مجلس حقوق الإنسان، من خلال تسهيل عمل”الفيدرالية العربية”، خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان السادسة والثلاثين، خلال سبتمبر الماضي، و تلقي رشاوى مالية.
الفيفا حسمت موقفها
ولكن يبدو أن التحرك السعودي الإماراتي “المشبوه”، ضد الدوحة، لن يكون له تأثير يذكر أو سيغير الرأي العام الدولي؛ حيث إن “جياني إنفانتينو”، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، قد حسم الجدل الدائر حول ملف بطولة كأس العالم 2022 في قطر.
“إنفانتينو”، قال في تصريح صحفي على هامش الملتقى التنفيذي للفيفا، الذي أقيم في سلطنة عمان، 7 فبراير الجاري، إن بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 ستقام في دولة قطر بعد أربعة أعوام، ولا يوجد خلاف في هذا الأمر على الإطلاق، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء القطرية.
ويشترط لسحب تنظيم المونديال من قطر، عدة وثائق دامغة، لا تمتلكها دول الحصار أو اللوبي الحقوقي الإماراتي السعودي.
أولا، يمكن أن تسحب “الفيفا” تنظيم نهائيات كأس العالم، بدعوته لجلسة طارئة للجنة التنفيذية، وإثبات وجود حالات فساد في إسناد تنظيم البطولة لدولة معينة، وهذا لم يتم.
ثانيا، عندما توجد لدى دولة عضو بالفيفا مستندات وأدلة دامغة تثبت فساد الإسناد، عن ذلك يكون من حقها التقدم بطلب تحقيق في الموضوع، وتقديم الأدلة، لسحب تنظيم كأس العالم.
ثالثا، متابعة اللجنة التنظيمية للفيفا لمراحل التنظيم، إذا وجدت قصورا يستحيل معه تنفيذ كامل بنود الملف من الدولة المنظمة، ويجعلها غير قادرة على الإيفاء باحتياجات الفرق والمشجعين والإعلاميين في كأس العالم.
رابعا، إذا لم تنته من البنية التحتية للملاعب والفنادق، ولم تقدم للفيفا ما يثبت قدرتها على عمل البنية التحتية في المواعيد المحددة.
الكويت في الطريق
الأمر لم يقتصر على مهاجمة قطر فحسب، بل طال أيضا دولة الكويت، في خطوة “غريبة”، وخاصة أن الأخير يجمعها بدولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية علاقات طيبة، فضلا عن أنها تلعب دورًا كبيرًا في رأب الصدع الخليجي، الذي تسبب فيه الحصار.
فقد حددت ما تسمى لجنة “الإنصاف الدولية”، 13 مارس، لعقد مؤتمر تحت رعاية المنظمة الإفريقية للتراث وحقوق الإنسان، لمناقشة حقوق الإنسان في دولة الكويت، في سابقة هي الأولى من نوعها.
ولعل التحرك الإماراتي السعودي، جاء ردًّا على تصريحات أمير الكويت، الشيخ “صباح الأحمد الصباح”، التي قالها مطلع العام الجاري، بأن المنطقة تعيش أوضاعا صعبة تستدعي التنبه والعمل الجماعي، ووضع الخلافات جانبا، وذلك في إشارة لطول فترة الحصار على قطر، من قِبل “الرياض وأبوظبي”.
فضلا عن دعم أمير الكويت للحوار بين الأطراف المتنازعة، شرط ألا يمس هذا الحوار بسيادة قطر، وهو ما ترفضه الإمارات والسعودية؛ حيث تريد فرض إملاءاتها على الدوحة.
تاريخ من الفشل
وللإمارات تاريخ طويل من الفضائح مع بعض المنظمات والشخصيات العاملة في مجال حقوق الإنسان، وهو ما كشفه مؤخرا المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط.
وذلك عبر تحركات مشبوهة في أروقة البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية في بروكسل وستراسبورج، من خلال منظمات غير حكومية، وأشخاص تعمل بشكل حثيث على استمالة مساعدين لأعضاء في البرلمان الأوروبي، وبعض العاملين في المفوضية الأوروبية، للانخراط بشكل أكبر في تصدير مواقف لصالح الإمارات والسعودية، ومناهضة لدولة قطر.
تقرير المجهر، الذي نشره موقع (العدسة) سابقا، أوضح أن هذا الحراك سعى لإزالة اسم الإمارات من قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء لدول الملاذات الضريبية.
إلا أن وجود هؤلاء الأشخاص لم يحظ حتى اللحظة، بتقدير وانتشار كبير لمفاصل صناعة القرار داخل الاتحاد الأوروبي، ولوحظ أن الجديد في هذا الحراك، هو الاندفاع غير المحسوب لتلك العناصر، والذي جاء – وفق شهادة الباحث في الشؤون الأوروبية ستيوارت جان– بسبب الموقف الأوروبي الأخير من الأزمة الخليجية، التي بدأت مطلع يونيو الماضي، ومساندته موقف قطر بشكل كبير، ورفض الانحياز إلى مواقف دول الأزمة المناهضة للدوحة.
اضف تعليقا