العدسة – معتز أشرف

“لم ينته الأمر بعد”.. بهذه الكلمات أطلق فريق الدفاع عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير رصاصات جديدة للدفاع عن الأرض في وجه أكاذيب المحتل السعودي، مؤكدين أنه رغم احتلال السعودية للجزيرتين، فإن إجراءات التحرير لن تتوقف ومستمرة حتي استعادة الأرض رغم التحايل الذي قاده الديكتاتور المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي، لصالح الأمير السعودي الطائش محمد بن سلمان، وهي الإجراءات التي كشف عنها قائد الفريق القانوني المحامي اليساري البارز “خالد علي”.

خارطة وعي!

في تقدير موقف لخطوات فريقه القانوني المقبلة نشره “خالد علي ” بعنوان “ماذا بعد “أحكام الدستورية“ عن تيران وصنافير” جدد التأكيد أن ضم الجزيرتين للسعودية إجراء ترفضه الحقائق الجغرافية والإنسانية والعسكرية، أو حتى الدم، واستمرار خوض الصراع القضائي ضد هذه الاتفاقية بعد التمكن من حسم انتصار أخلاقي وسياسي بأحكام القضاء الإدارى والإدارية العليا بأن الجزر مصرية، رغم أن هذا الانتصار تحاول السلطات المصرية الفكاك منه وتهميش قيمته، فاختلقوا القضايا لنقل الصراع القضائي للمحكمة الدستورية العليا”.

“على” أكد أن تهليل أنصار النظام الحالي بما صدر عن المحكمة الدستورية أوحى كأن الدستورية قضت بعدم مصرية الجزر، وفي الحقيقة هذا لم يحدث مطلقًا، مشيرا إلى 5 نقاط في خارطة الوعي بالقضية في مقدمتها أن مثل هذه القضية لا يُمكن أن تُحسم بالضربة القاضية، بل تُحسم بالنقاط، كما أننا نجحنا في الحصول على نقاط مهمة في مواجهة السلطة، التي تسعى بكل ما لها من سلطان ونفوذ على أرجاء البلاد ومؤسساتها ووثائقها الرسمية، للحصول على نقاط في مواجهتنا، بجانب أننا لسنا أمام نزاع عادي بين مجموعة مواطنين وسلطة على حق من الحقوق، بل هو نزاع استثنائي لم تشهده أي دولة من قبل، ولم تشهده أي محكمة في العالم، غير المحاكم المصرية، فلأول مرة في التاريخ تكون هناك أرض ملك شعب، وتقوم السلطة الحاكمة لهذا الشعب بمنح هذه الأرض لدولة أخرى، فيقوم بعض أفراد هذا الشعب برفع قضية ضد سلطتهم الحاكمة، فبدلًا من أن يكون مثل هذا النزاع بين الدولتين بأن تتمسك كل منهما بملكية الجزر، أضحى النزاع بين الشعب وسلطته التي تنازلت عن أرضه.

وأضاف أن طبيعة هذا النزاع الاستثنائية لا تتوقف عند قضية واحدة أو قضيتين، بل تفرع عن هذا النزاع أكثر من عشرين دعوى قضائية، نُظرت ومازال بعضها متداولًا أمام القضاء الإداري، والإدارية العليا، ومحكمة الأمور المستعجلة، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ومحكمة النقض، والمحكمة الدستورية العليا، واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، مؤكدا أن كل مرحلة من هذا النزاع لها طبيعتها المختلفة عن المراحل التي تليها، فكل ما صدر من أحكام قضائية حتى اليوم كان يتعلق بمرحلة توقيع السلطة على الاتفاقية، أما مرحلة موافقة البرلمان عليها ثم التصديق الرئاسي ونشرها بالجريدة الرسمية فما زال النزاع بشأنها متداولًا أمام القضاء الإداري ولم يصدر بشأنه أي أحكام قضائية.

معركة نقاط

وأشار “خالد علي” إلى أن لكل دعوى قضائية إطارها الخاص بها، وحدودًا للنقاط التي يمكن حصدها أو خسارتها منها، قائلا: المحكمة الدستورية تجاوزت حدود اختصاصها فى هذا النزاع واعتبرت نفسها محكمة طعن على أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا، بعد أن حصلنا على حكم القضاء الإداري (الدعويين رقمي 43709، 43866 لسنة 70 قضائية) ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على تلك الاتفاقية بموجب الحكم في يوم 21/6/2016، قامت هيئة قضايا الدولة ممثلة عن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، ووزراء الخارجية والداخلية والدفاع، برفع ثلاث دعاوى أمام المحكمة الدستورية العليا لمحاولة احتواء هذا الحكم ووقف كافة آثاره القانونية”.

وأوضح محامي “تيران وصنافير” أن الهدف من هذه الدعاوى التي أقامتها الحكومة هو إطالة أمد النزاع واختلاق دعاوى وهمية تزعم أن حكم بطلان الاتفاقية يعارض أحكاما سابقة للمحكمة الدستورية العليا، وهو أمر غير متحقق لأن أحكام الدستورية المستشهد بها سابقة على حكم بطلان الاتفاقية، كما أن موضوع أحكام الدستورية ومحلها مختلف تمامًا عن حكم بطلان الاتفاقية، ومن ثم لا يتصور أن يمثل حكم بطلان الاتفاقية أي عائق من عوائق تنفيذ أحكام الدستورية السالف بيانها، فضلًا عن افتقاد هاتين المنازعتين لأي رابط منطقي بين حكم بطلان الاتفاقية وأحكام الدستورية المستشهد بها.

وأضاف “علي” أنه بالرغم أنه ومنذ جلسة 30/7/ 2017 والدعويان جاهزتان للفصل فيهما، وهو ما طالبنا به نحن وكذلك هيئة قضايا الدولة، إلا أن المحكمة الدستورية قررت التأجيل أكثر من مرة دون رغبة الخصوم بالقضية، وكنا نعي أن هدفها من ذلك أن تنتظر الانتهاء من المرافعات في الدعوى الدستورية الثالثة لتصدر الأحكام الثلاثة في يوم واحد، لكن في يوم 3/3/ 2018 صدر الحكم في الدعويين لصالحنا بعدم قبول دعاوى هيئة قضايا الدولة لكون حكم بطلان اتفاقية التنازل عن الجزر لا يناهض أحكام المحكمة الدستورية العليا، ولا يمثل أي عائق أمام تنفيذها.

البرلمان تجاوز الدستورية!

واتهم المرشح الرئاسي السابق البرلمان الحالي بعدم الاكتراث بالمحكمة الدستورية، قائلا: ” لقد وافق البرلمان على الاتفاقية يوم 14/ 6/ 2017 أي قبل إصدار رئيس المحكمة الدستورية لقراره بوقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، فرئيس المحكمة الدستورية لم يصدر قراره إلا فى 20/6/ 2017 بما يفيد أن الحكومة والبرلمان لم تكترثا بالمنازعات الدستورية، ولم تكن معوقًا أمام البرلمان فى ممارسة أعماله، ولم ينتظر صدور أي قرار أو حكم منها حيث وافق على اتفاقية قضي ببطلانها، وكان حكم البطلان ساريًا بكافة آثاره القانونية وقت موافقة البرلمان عليها”.

وأاضاف أنه قبل بدء جلسات المرافعة في الشق الموضوعي، نُشرت الاتفاقية التي وافق عليها البرلمان وصدق عليها رئيس الجمهورية بالجريدة الرسمية بالعدد 33 في 17 أغسطس 2017، بما يفيد أن رغبة السلطة فى تمرير الاتفاقية لم تكن مُعلَّقة على حكم المحكمة الدستورية، فحتى قرار رئيس المحكمة بوقف تنفيذ الحكم لا يعني إعدام الحكم أو إنهاء آثاره القانونية الواجب احترامها، فوقف التنفيذ ليس معناه السماح لأحد الخصوم باستخدام ما لديه من سلطات لتفريغ الحكم القضائي من جوهره، أو فتح الباب للتحايل عليه والالتفاف حول آثاره.

وأوضح أن الحكومة لم تعبأ بالإطار القانوني أو الدستوري لأحكام القضاء، بل سعت لتمرير الاتفاقية بالبرلمان والتصديق عليها ونشرها بالجريدة الرسمية حتى قبل صدور حكم الدستورية، وجاء حكم الدستورية لتأكيد إغلاق النزاعات القضائية بشأن المرحلة الأولى، وهي مرحلة التوقيع وقبل العرض على البرلمان، وخلال هذه المرحلة تم الإطاحة بالمستشار الدكروري من رئاسة مجلس الدولة، كما تم نقل جميع الأعضاء الذين شاركوا فى كتابة أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا لدوائر أخرى بعيدًا عن الدائرة الأولى بالقضاء الإداري، والدائرة الأولى بالإدارية العليا، كما تم تحرير عشرات المحاضر للشباب والشابات من كافة المحافظات بشأن التظاهر أو التحريض على النظام بشأن الاتفاقية، وصدرت أحكام قاسية بحقهم.

مستقبل التحركات

التصعيد الدولي حاضر في تفكير فريق الدفاع عن الجزيرتين؛ حيث قال “علي”: بعد صدور حكم الإدارية العليا تقدمت ببلاغ للنائب العام ضد رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ووزير الخارجية ووزير الداخلية بشأن تعريضهم أراضي الدولة للخطر، وبعد تمرير الاتفاقية بالبرلمان تقدمت ببلاغ جديد ضدهم إلحاقًا بالبلاغ الأول، وحتى اليوم لم يتم التحقيق في بلاغيَّ أو تحديد جلسة لسماع أقوالي”.

وأضاف أنه أقام وآخرون منهم مالك عدلي شكوى أمام اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لعدم الاعتداد بهذه الاتفاقية لعدوانها على الدستور المصري، وهو أول تحرك قضائي دولي بشأن هذا النزاع، فضلا عن أنه  مازال هناك دعوى قضائية أقامها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية باعتباره موكلًا من مواطنين قالوا إنهم يتمسكون بمصرية الجزر، وبعدم تمتع رئيس الجمهورية أو البرلمان بسلطات دستورية تسمح لهم بالتنازل عن الأراضي المصرية، ولكن رغم ذلك فإنهم يقيمون هذه الدعوى تماشيًا مع الادعاء الذى اعتصمت به الحكومة بأن الأرض غير مصرية، فالذي لا يمكن الجدال فيه تحت أي زعم أن مصر كانت تمارس كافة حقوق السيادة على هذه الجزر، ومن ثم لا يجوز إنفاذ هذه الاتفاقية وسريانها قبل طرحها على الاستفتاء الشعبي وموافقته عليها طبقًا لنص الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور المصري، ومازالت هذه الدعوى متداولة ولم يتم الفصل فيها.