العدسة – باسم الشجاعي
تحولت وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين خلال الفترة الماضية لأداة ناجحة وأصبحت عاملاً مؤثرًا في مجريات الأحداث على الأرض، مع الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة تجاه ممارساته في الضفة الغربية.
وظهرا ذلك جليا مع قرار الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، في ديسمبر الماضي اعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ”إسرائيل”؛ حيث باتت صفحات “فيسبوك” دليلاً للمتظاهرين الفلسطينيين، وتنشر لهم معلومات توعوية حول أساليب الأمان خلال المواجهات، الأمر الذي أزعج الاحتلال ليسعى جاهدًا في محاربة الفلسطينيين من خلال الفضاء الإلكتروني أيضًا.
وهو ما دفع إدارة “فيسبوك”، لإغلاق العديد من الصفحات والحسابات بزعم مخالفة سياسة النشر المتبعة من قِبل الموقع، استجابةً لطلبات دولة الاحتلال
العدو الثاني لشباب
فعمالقة صناعة الإنترنت، أصبحوا العدو الثاني للشباب الفلسطيني، بعد عدوهم الأول “الاحتلال الإسرائيلي”، وذلك بعد أن ازدات الهجمة الواسعة التي شنها “فيسبوك” على المحتوى والصفحات الفلسطينية، بعد استشهاد الشاب “أحمد جرار” في 6 فبراير الماضي.
العام الجاري 2018 منذ بدايته شهد أكبر حملة من إدارة “فيسبوك” للمحتوى الفلسطيني؛ حيث حذف60 حسابا فلسطينيا بمزاعم نشر منشورات مناهضة للاحتلال “الإسرائيلي”، وداعمة للمقاومة، وتم حظر النشر على أكثر من 100 حساب على خلفية صور ومنشورات عن الشهداء الفلسطينيين.
أما في العام الماضي، فقد نحو 200 حساب وصفحة فلسطينية لذات الأسباب، وفق ما أعلن “التجمع الإعلامي الفلسطيني”، السبت 3 مارس الجاري.
ومن أبرز الصفحات المحذوفة: “فلسطين27” المتخصصة في نشر الأرشيف الفلسطيني وعمليات المقاومة، و”عشيرة آل جرار”، وصفحة “مجلة إشراقات”، وصفحة “خانيونس الآن”.
وفي مقابل ذلك، لا يخضع التحريض الإسرائيلي لأي رقابة تُذكر من قِبل “فيسبوك”، رغم أن التعليقات الإسرائيلية التحريضية ضد الفلسطينيين بلغت 4 ملايين تعليق في عامي 2015-2016، وفي عام 2017، وردت كلمة “اقتل الفلسطينيين” 27 ألف مرة على حسابات إسرائيلية، فيما وردت كلمة “اطرد الفلسطينيين” بشكل كبير دون أن يتدخل الموقع، ويوجد على “فيسبوك”، ما لا يقل عن 122 ألف حساب لإسرائيليين، وذلك وفق ما كشفت دراسة نشرتها مؤخرا مؤسسة “كيرل كيتسنلسون”.
جبهة جديدة
المقاومة الإلكترونية لا تقل أهمية عن ما يحدث على أرض الواقع، ولعل الأرقام أبلغ للحديث عن ذلك، فيَصِل عدد مستخدمي “فيسبوك” في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى ما يقارب مليونًا ونصف المليون؛ منهم 840 ألفًا من الذكور، و600 ألف من الإناث، وفق إحصائيات رسمية.
ومن بين مستخدميه في فلسطين، بلغ عدد الشباب في الفئة العمرية (15-29 عاماً) نحو مليون وستين ألفًا؛ منهم 580 ألفًا من الذكور، و460 ألفاً من الإناث.
هذه الأرقام تؤشر على الدور الفاعل الذي يمكن لموقع مثل “فيسبوك” أن يلعبه، وهو ما ظهر جليًا في الأحداث الجارية حالياً، وما سبقها من أحداث خلال العامين الماضيين.
الاحتلال في ورطة
اتساع الفضاء الإلكتروني أمام الفلسطينيين، دفع قوات الاحتلال الإسرائيلي للتصعيد ضد المحتوى الفلسطيني على “فيسبوك”، وترجم ذلك ما تم الاتفاق عليه بين الموقع وسلطات الاحتلال والقاضي بمراقبة المحتوى الفلسطيني.
وأتى ذلك ثماره، فقد قال مكتب النائب العام للاحتلال الإسرائيلي، أمس “الأربعاء” 7 مارس، إنه تم تقديم 12 ألف طلب سنويًا إلى شركة “فيسبوك” لإزالة المحتوى الفلسطيني، ويتم إزالة فقط 85٪ مما يطلب منه القيام به.
وعادة ما يتم إزالة المحتوى الفلسطيني عن طريق “فيسبوك” خلال ساعات، وفي الأوقات العادية يحدث خلال 24 ساعة، وذلك وفق ما أعلن النائب العام خلال نقاش عقد في الكنيست الإسرائيلي لمواجهة المحتوى الفلسطيني والمواد التحريضية على العمليات والمواجهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الأمر لم يقف عند هذا الحد فحسب، بل قام الجيش الإسرائيلي باعتقال 27 فلسطينيًا خلال عام 2015، بسبب نشاطاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما أعلنت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين.
“مارك” ينقذ دولة الاحتلال
مما لا شك فيه، أن أصول “مارك زوكربيرج”، مؤسس شركة “فسيبوك” والمسيطر الأول على شبكات التواصل الاجتماعي، اليهودية، كانت بمثابة طوق نجاة لدولة الاحتلال.
فبعد سنوات كان فيها “مارك” ملحدا، أصبح يمارس الطقوس الدينية اليهودية مجددا، وحتى إنه اقتبس جزءا من الصلوات اليهودية في محاضراته.
كما تباهى “مارك”، من خلال نشر صور على صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك”، تظهر فيها إضاءة شموع يوم السبت، وتظهر ابنته “ماكس” في الصور وهي تشرب من كأس “التقديس” الذي يباركه اليهود في أيام الجمعة.
“عباس” يؤمم الإنترنت
تضييق الخناق على المحتوى الفلسطينني على الإنترنت لم يكن من جانب الاحتلال الإسرائيلي وحسب، بل أقرر رئيس السلطة الفلسطينية، “محمود عباس”، في يوليو الماضي، قانون الجرائم الإلكترونية، الأمر الذي اعتبرته مؤسسات حقوقية “مؤشرًا خطيرًا على حرية الرأي والتعبير“.
وبعدها بأيام، أصدر النائب العام في الضفة الغربية “أحمد برّاك”، 2017، قرارًا بحجب 20 موقعًا إلكترونيًا إخباريا.
القانون يتضمن العديد من المواد التي أثارت بعض علامات الاستفهام حول مضمونها وما تحمله، فمثلا تجد المادتين (43) و (44) المتعلقتين بالاتفاقيات المبرمة بين فلسطين والدول الأجنبية.
ومن بين هذه الدول “إسرائيل”؛ حيث يتعين على السلطة الفلسطينية تزويد كل الدول الأخرى بالمعلومات التي تحصل عليها وتمثل خطرًا أو تهديدًا لها.
وعليه فالسلطة الفلسطينية ملزمة بموجب هذا القانون إن توصلت إلى أي معلومة عبر المواقع الإلكترونية تخص “تل أبيب” وأمنها أن تزودها بها وهو ما يؤثر سلبًا على القضية الفلسطينية.
اضف تعليقا