تلقى محمد بن سلمان دعوة رسمية لزيارة المملكة المتحدة قبل نهاية العام الجاري، لتعتبر الزيارة المحتملة الأولى من نوعها لولي العهد السعودي منذ اتهامه بالتخطيط لقتل جمال خاشقجي، الصحفي السعودي المعارض الذي فارق الحياة بطريقة بشعة داخل قنصلية بلاده في إسطنبول قبل خمس سنوات.

منذ تلك الحادثة المفجعة، تردد عدد من وزراء المملكة المتحدة على السعودية، كما سافر وزراء سعوديون إلى بريطانيا، بمن فيهم وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود، لكن لم يتم تبادل زيارات بين قادة البلدين بسبب الأزمة الدبلوماسية التي واجهتها السعودية في أعقاب اغتيال خاشقجي، لكن بدأت هذه الأزمة في التلاشي مؤخرًا، وسافر بن سلمان إلى باريس الشهر الماضي وقابل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحضر قمة تمويل المناخ.

تأتي أخبار زيارة المملكة المتحدة، التي نقلتها صحيفة فاينانشيال تايمز أول مرة، في الوقت الذي تدعي فيه المملكة العربية السعودية سعيها لإنهاء الحرب في اليمن، كما فتحت علاقات دبلوماسية مع إيران، وفي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى إقناع المملكة العربية السعودية أيضًا بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لكن الرياض، على عكس حليفتيها الخليجيتين الإمارات العربية المتحدة والبحرين، لم توافق بعد بسبب وجود قائمة مطالب تود الحصول عليها أولًا.

في سياق متصل، تسعى المملكة العربية السعودية إلى اجتذاب تصويت المملكة المتحدة في تشرين الثاني / نوفمبر لاستضافة معرض إكسبو 2030 في الرياض، وهي النقطة التي من المفترض أن تتحقق فيها رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي يقول ولي العهد السعودي إنها تهدف لتنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن النفط.

من جانبها، تتفاوض المملكة المتحدة على اتفاقية تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعد المملكة العربية السعودية عضوًا رئيسيًا فيها، وهي حريصة على عدم إسقاط النظام باعتبارها الشريك الأوروبي الرئيسي للرياض.

بعد الجولة الثالثة من المحادثات التجارية في مارس/آذار، قالت المملكة المتحدة إن تحليلها أظهر أن الاتفاق مع دول مجلس التعاون الخليجي سيزيد التجارة بنسبة 16٪ على الأقل على المدى البعيد، بالإضافة إلى زيادة تقدر بـ 1.6 مليار جنيه إسترليني على الأقل سنويًا للاقتصاد البريطاني والمساهمة بمبلغ إضافي قدره 600 مليون جنيه إسترليني أو أكثر في رواتب المملكة المتحدة.

وبالرغم من محاولة بريطانيا الحفاظ على علاقات هادئة مع السعودية، قرر المستشار الألماني أولاف شولتس توجيه ضربة غير متوقعة لهذه العلاقات، إذ أكد الأربعاء (12 يوليو/ تموز 2023)، أن حكومته لن تسلم طائرات يوروفايتر المقاتلة للسعودية في المستقبل القريب.

وكانت شركة BAE Systems البريطانية قد أبرمت صفقة قبل خمس سنوات لتزويد صانع الأسلحة بـ 48 طائرة لكن ثلث مكوناتها يأتي من ألمانيا، مما يمنح برلين حق النقض بشأن مكان بيع الطائرات.

تريد ألمانيا أن ترى مزيدًا من التقدم في المساع لإنهاء حرب اليمن المستمرة منذ 2015 وتسببت في أكبر كارثة إنسانية في التاريخ الحديث بسبب الأسلحة التي تستخدمها السعودية ضد المدنيين.

تأتي زيارة المملكة المتحدة أيضًا مع انتشار انتقادات واسعة النطاق ضد محاولات السعودية فيما يُسمى بـ “الغسيل الرياضي”، الذي تمثل في الاستثمار في عدد من المجالات الرياضية للتغطية على جرائمها ضد حقوق الإنسان، بما في ذلك استحواذها على نيوكاسل يونايتد، وشراء لاعبين عالميين للعب في الدوري السعودي، وصفقة الاندماج بين جولتي الجولف PGA و LIV الممولة سعوديًا، وهي صفقة يعارضها عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بسبب انتهاكها قوانين مكافحة الاحتكار.

في عام 2022، أعدمت السعودية 196 شخصًا، وهو أعلى عدد من عمليات الإعدام السنوية التي سجلتها منظمة العفو الدولية في البلاد خلال الثلاثين عامًا الماضية.

وفي 12 مارس/آذار من العام الماضي، أعدمت الحكومة 81 رجلاً، بينهم سبعة يمنيين وسوري، في أكبر عملية إعدام جماعي معروفة في تاريخ المملكة.

اللافت للنظر أن الزيارة تتزامن مع الذكرى السنوية الخامسة لاغتيال جمال خاشقجي وتقطيع أوصاله على يد عملاء سعوديين في تركيا، وهي جريمة تم التستر عليها بشكل أساسي من قبل السلطات السعودية.

يجب محاسبة محمد بن سلمان وحكومته على الانتهاكات التي ارتكبها المسؤولون السعوديون، بما في ذلك مقتل خاشقجي، واستخدام التعذيب على نطاق واسع في السجون السعودية والتوسع في إصدار أحكام تعسفية ضد معتقلي الرأي، والقصف العشوائي ضد المدنيين في اليمن.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا