يلتقي، اليوم الثلاثاء، المنتخبان الفلسطيني والسعودي، في مباراة، تعقد لأول مرة، في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، ضمن التصفيات المزدوجة لكأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023، حيث وصل المنتخب إلى رام الله، صباح يوم الأحد، في زيارة تثير الجدل وسط إجراءات التطبيع التي تنتهجها المملكة العربية السعودية مع إسرائيل بعد أن أعلنت الثانية في بيان لوزارة الخارجية، إنها تهدف إلى “التطبيع العلني مع دول الخليج العربي، التي لا تجمعهم بها علاقات رسمية”.

تبرير سعودي للمباراة الأولى من نوعها

بينما رحبت القيادة الفلسطينية، بهذه الزيارة “التاريخية”، عارضت عدة فصائل وهيئات، عقد المباراة، وقالت إنها إحدى أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث أنه من المعتاد أن ترفض اتحادات الكرة العربية، اللعب في الضفة الغربية، كون الدخول إليها يتطلب تأشيرة دخول إسرائيلية، وهي خطوة عادة ما تلاحق صاحبها اتهامات التطبيع، كما سبق أن رفض المنتخب السعودي خوض مبارياته في فلسطين، وكان آخرها في تصفيات مونديال روسيا 2018، قبل أن يتم نقل مكانها إلى الأردن.

من جهته، قال الاتحاد السعودي في بيان بموقع تويتر إنه وافق على لعب مباراة المنتخب الأول في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023، أمام نظيره الفلسطيني، يوم 15 أكتوبر على استاد الشهيد فيصل الحسيني بمدينة رام الله في فلسطين، استجابة لطلب الأشقاء في الاتحاد الفلسطيني”.

وأكد عبد العزيز الفيصل، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في السعودية، أن القرار يأتي “حرصا على ألا يحرم منتخب فلسطين من لعب المباراة على أرضه وبين جمهوره أسوة بالدول الأخرى”، كما استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقر الرئاسة برام الله رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر المسحل، وعبر له عن “اعتزاز الفلسطينيين وسعادتهم بهذه الزيارة التي تجسد عمق العلاقة التاريخية بين البلدين”، كما قال عباس للمنتخب السعودي،” شرفتم بلدكم فلسطين، علاقاتنا بالمملكة تاريخية منذ نشأة القضية الفلسطينية”.

بدوره، قال جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، في بيان الأسبوع الماضي، إن هذه الزيارة، “تحظى باهتمام كبير لدى القيادة السياسية، ولدى الحركة الرياضية الفلسطينية بكافة أطيافها، وكافة أبناء شعبنا”، كما قال مدير إدارة “الإعلام”، في الاتحاد الفلسطيني عمر الجعفري، ” إن اللاعبين السعوديين لن يخضعوا لأي إجراءات تفتيش إسرائيلية خلال عبورهم إلى الضفة الغربية”، وأضاف،” المنتخب السعودي سيخرج من مطار الملكة علياء الأردني باتجاه رام الله مباشرة (وسط الضفة)، في حافلتين مغلقتين، دون المرور بأي حواجز إسرائيلية”.

وأردف الجعفري، ” سيستقل اللاعبون السعوديون الحافلتين من المطار، بحضور مندوب من الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، للتأكد من اتخاذ كل الإجراءات للاعبين، قبل انطلاق الحافلتين”، وأضاف، “إن الجانب الأردني اقترح نقل الفريق السعودي عبر طائرتين، لكن في النهاية تم الاتفاق على الحافلتين”، كما اعتبر الجعفري أن زيارة المنتخب السعودي ستسهم في “كسر حواجز رياضية كثيرة كانت مغلقة أمام الفلسطينيين، وتشكل حافزا لفرق أخرى للعب على أرض فلسطين” مشيرًا إلى أن زيارة ولعب أي فريق من خارج فلسطين، هو “داعم للحق المكتسب في الملعب البيتي والحفاظ عليه”.

دعوة إسرائيلية للمنتخب السعودي

علقت وزارة الخارجية الإسرائيلية على مباراة المنتخب السعودي مع نظيره الفلسطيني، متطلعة إلى أن يخوض المنتخب الإسرائيلي مباراة ضد الأخضر، حيث قالت الخارجية الإسرائيلية عبر صفحتها الرسمية على موقع تويتر، “زار وفد من بعثة المنتخب السعودي لكرة القدم مدينة أورشليم القدس قبل المباراة التي تجمعه مع نظيره الفلسطيني”.

تابعت صفحة إسرائيل بالعربية في تغريدتها على موقع تويتر، “يسعدنا أن تمتد مساحة هذه الروح الرياضية لتشمل مباراة بين السعودية وإسرائيل أيضا”.

 

 

اللاعبون يزورون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية

زار وفد من المنتخب السعودي المسجد الأقصى المبارك، أمس الاثنين، وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث سارت الحافلات برفقة أمنية من مركبات ودراجات نارية تتبع للأجهزة الأمنية الفلسطينية أمام وخلف البعثة، إضافة إلى انتشار أمني واضح حول الفندق الذي يقيم فيه المنتخب السعودي.

وقال المتحدث الإعلامي باسم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم عمر الجعفري، “إن البعثة انقسمت إلى قسمين، حيث ذهب اللاعبون إلى الفندق، وتوجه رئيس الوفد والطاقم الإداري والفني إلى مقر الرئاسة ووضعوا إكليل زهور على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، والتقوا بالرئيس محمود عباس”، مشيرًا إلى أن اللاعبين توجهوا قبيل تدريبهم الأول أمس إلى مقر المقاطعة، والتقوا بالرئيس عباس، وخاضوا تدريبات في استاد فيصل الحسيني في بلدة الرام شمال شرق القدس.

مواقف فلسطينية رافضة

في مقابل ذلك، رفضت فصائل فلسطينية عدة، منها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، زيارة المنتخب السعودي، واعتبرتها نوعا من التطبيع مع إسرائيل، حيث طالبت حركة حماس، “بوقف أشكال التطبيع وإقامة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي”، ودعت في بيان لها “الأشقاء العرب لعدم القيام بمثل هذه الزيارات التي من شأنها أن تكسب الاحتلال الإسرائيلي الشرعية”.

من جهتها، عبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (يسار وثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير) عن “رفض التطبيع عبر بوابة الرياضة”، ودعت في بيان لها، “الجماهير الفلسطينية والعربية للتعبير عن رفضها الشعبي بمحاولات استدخال التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر بوابة تنظيم لقاء يجمع بين المنتخب السعودي والفلسطيني لتسويق السياسات السعودية وتلميعها في المنطقة، وفتح الباب أمام التطبيع مع الكيان الصهيوني”، كما رفضت حركة الجهاد الإسلامي أيضًا، ” زيارة المنتخب السعودي، كونه سيمر بالحواجز الإسرائيلية وسيساهم في التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي”.

من جانبها، أعربت الحملة الشعبية الفلسطينية ضد التطبيع عن رفضها للزيارة، بغض النظر عن طريقة ترتيبها، والنأي باللاعبين عن نقاط التفتيش الإسرائيلية، كونها تناقض الموقف العربي التاريخي، حيث قالت الناشطة في الحملة، هديل شطارة، “إن الدول العربية ومنذ خمسين عامًا ظلت ملتزمة برفضها للتطبيع مع إسرائيل، وكل الزيارات ذات طابع رسمي تتناقض مع هذا الموقف التاريخي”.

وأضافت شطارة، “لا يمكن لأحد أن يدخل إلى مناطق الضفة إلا إن خضع للتفتيش والرقابة الإسرائيلية، واضطر للتعامل مع موظفي المعبر الإسرائيليين”، كما رفضت شطارة فصل موضوع الرياضة، وإخراجه من سياق التطبيع، معتبرة ان ذلك محاولة لتبرير ذلك، بما يظهر أن الرياضة الفلسطينية تتمتع بالحرية الكاملة، والقدرة على التنقل والتطور دون أي معوقات”، كما أشارت، “أنه من الأحرى فضح السياسات الإسرائيلية تجاه الرياضة واللاعبين الفلسطينيين، وحرمانهم من ممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة، لا سيما منع اللاعبين في غزة من التنقل للضفة الغربية أو القدس”.

حركات شعبية تدين المنتخب السعودي

قالت اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل”BDS”، على موقعها الإلكتروني، في وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لها، “إنّه على الرغم من عدم تعارض زيارة المنتخب السعودي مع معايير مناهضة التطبيع، وفي الوقت الذي نقدّر فيه بعمق دعم الشعب السعودي الشقيق للقضية الفلسطينية رغم المحاولات الحثيثة للأنظمة لحرف البوصلة عن فلسطين، لا يمكن أنْ نقرأ قدوم المنتخب السعودي إلى فلسطين المحتلة في هذا الوقت تحديداً، بعد رفضه في العام 2015 لمثل هذه الزيارة إلا في سياق التطبيع الرسميّ الخطير للنظام السعودي – ومعه الأنظمة في الإمارات والبحرين وعُمان وقطر وغيرها- مع إسرائيل، والعلاقات الأمنية والسياسية التطبيعية المتنامية بينهما، ضمن محاولات تصفية القضية الفلسطينية من خلال المشروع الإسرائيلي- الأمريكي المسمّي بـ “صفقة القرن”، على حدّ تعبيرها.

وتابعت الحركة، التي تعتبرها إسرائيل تهديدًا إستراتيجيًا على أمنها القوميّ وترصد الأموال الطائلة من أجل محاربتها عالميًا، تابعت قائلةً على موقعها الإلكتروني، “يتبنى نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والفصل العنصريّ الإسرائيليّ سياسة مزدوجة بالسماح للمنتخبات العربية للعب مع المنتخب الفلسطينيّ داخل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بينما يمنع الأندية المحلية في غزة من المشاركة في الدوري الفلسطيني، ويمنع الأندية الفلسطينيّة في الضفة الغربيّة من المشاركة في المباريات في غزة، ويمنع رياضيين/ات فلسطينيين/ات من السفر للمشاركة في مباريات عربية أو دولية، كما جاء في البيان الرسميّ للحركة.

وأشارت الحركة في بيانها إلى أن اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل تُعبِّر عن صوت الغالبية الشعبية الساحقة في أوساط شعبنا الفلسطيني التي ترفض الظلم والاضطهاد بأشكاله في كل مكان، ولذا تقف بقوة مع الشعب اليمني الشقيق ضد عدوان التحالف وضدّ المجازر والحصار ومع نضاله من أجل العدالة والاستقلال الحقيقي والتنمية والحريات، كما أكّد البيان.

واختتمت حركة المقاطعة بيانها الرسميّ بالقول، “كما تؤكِّد اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة إدانتها لأشكال التطبيع الرياضي المتمثلة باستضافة فرق رياضية إسرائيلية ضمن البطولات العالمية والإقليمية في بعض الدول العربية وآخرها في قطر والإمارات، متحديةً بذلك المقاطعة الشعبية العربية لدولة الاحتلال ومن يمثلها”، على حدّ قول البيان الرسميّ.