تدعي الولايات المتحدة أنها تكافح من أجل ضمان احترام حقوق الإنسان حول العالم، وتقول إنها مارست الضغوط اللازمة على إسرائيل من أجل تقديم كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب، ولكن في الوقت نفسه، سمحت الولايات المتحدة بتبرعات معفاة من الضرائب للجماعات الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي منعت تسليم تلك المساعدات.
قامت ثلاث مجموعات منعت المساعدات الإنسانية من الوصول إلى غزة – بما في ذلك واحدة متهمة بنهب أو تدمير الإمدادات – بجمع أكثر من 200 ألف دولار من مانحين في الولايات المتحدة وإسرائيل، حسب تحقيق صادر عن وكالة أسوشيتد برس وموقع شومريم الاستقصائي الإسرائيلي في فحص لمواقع التمويل الجماعي وغيرها من السجلات العامة.
إن التشجيع على جمع هذه التبرعات من خلال جعلها معفاة من الضرائب يتعارض مع التزامات أمريكا وإسرائيل المعلنة بالسماح بدخول كميات غير محدودة من الغذاء والمياه والأدوية إلى غزة، كما تقول المجموعات التي تعمل على توصيل المزيد من المساعدات إلى القطاع، مع الإشارة إلى أن التبرعات استمرت حتى بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إحدى هذه المجموعات.
في تصريحات خاصة، قالت تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة جيشا، وهي منظمة إسرائيلية غير ربحية دعت إسرائيل منذ فترة طويلة إلى تحسين الظروف في القطاع، إن عدم اتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه الجماعات، يظهر “ازدواجية المعايير” في السياسية الأمريكية الخاصة بمساعدة غزة.
وتابعت “إذا كنت تقول من ناحية أنك تسمح بدخول المساعدات، ولكنك تسهل أيضًا تصرفات المجموعات التي تمنعها، فهل يمكنك حقًا القول إنك تسهل المساعدات؟”
على الجانب الآخر تتمسك إسرائيل بنفيها لعرقلة أي دخول للمساعدات، وتلقي باللوم على الأمم المتحدة قائلة إنها الجهة التي تفشل في طريقة توزيع المساعدات. من جانبها، تقول الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إن عمليات التسليم تعرقلت مراراً وتكراراً بسبب العمليات العسكرية، والفوضى داخل غزة، والتأخير في عمليات التفتيش الإسرائيلية.
وحسب التحقيق الذي أجرته وكالة أسوشييتد برس وشمريم، فإن المنظمات الثلاث قاموا بإبطاء تسليم المساعدات عن طريق منع الشاحنات في طريقها إلى غزة عند معبر كرم أبو سالم الرئيسي إلى غزة.
وفي حين أن هذه المنظمات لا تشكل العائق الرئيسي أمام شحنات المساعدات، إلا أنها تلقت دعما ضمنيا من بعض القادة الإسرائيليين مثل وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الذي قال إنه يجب منع شحنات المساعدات إلى غزة، وأيد حق المعارضين في التظاهر.
إحدى هذه المنظمات المتطرفة هي منظمة Mother’s March، والتي جمعت ما يعادل أكثر من 125,000 دولار عبر موقع Givechack، وهو موقع تمويل جماعي إسرائيلي، حسبما وجدت وكالة أسوشييتد برس وشومريم. وجمعت المنظمة أيضًا حوالي 13,000 دولار عبر موقع JGive، وهو موقع تمويل جماعي أمريكي وإسرائيلي.
منظمة Mother’s March لا تجمع الأموال بشكل مباشر، وبدلا من ذلك، تعمل مع مجموعة حليفة تدعى تورات ليشيما التي تجمع الأموال نيابة عنها.
أما منظمة Torat Lechima، التي يُترجم اسمها بشكل فضفاض على أنها “عقيدة قتالية”، في الدوائر القومية الإسرائيلية وتعمل على “تعزيز الهوية اليهودية والروح القتالية” بين الجنود الإسرائيليين، وفقًا لموقعها على الإنترنت، تواصل Torat Lechima جمع الأموال لمنظمة Mother’s March على موقع JGive في الولايات المتحدة.
وحتى أن تمت الموافقة عليها الشهر الماضي، قامت منظمة ثالثة اسمها Tzav 9، بجمع أكثر من 85000 دولار من ما يقرب من 1500 مانح في الولايات المتحدة وإسرائيل عبر JGive .
وتقول المنظمات الثلاث، التي لها علاقات باليمين القومي المتطرف في إسرائيل، إنه لا ينبغي لإسرائيل أن تساعد الفلسطينيين طالما أن حماس تحتجز عشرات الأشخاص كرهائن، كما يزعمون أن حماس تسرق الكثير من المساعدات، رغم أنهم لم يقدموا أي دليل يدعم هذا الادعاء.
وفي حملة لجمع التبرعات دشنتها منظمة Mother’s March، اعتمدت الشعار الرئيسي “لا للمساعدات الإنسانية التي تمنح الوقود للعدو الذي يقتلنا! لا لمئات الشاحنات التي تمر كل يوم عبر معبر كرم أبو سالم – وتطيل أمد الحرب!”، ونصب مئات الناشطين خياماً في معبر كرم أبو سالم لعدة ليالٍ في أوائل شهر فبراير/شباط الماضي لوقف تسليم المساعدات.
وأظهرت تقارير إخبارية إسرائيلية قوافل كبيرة من السيارات تمنع شاحنات المساعدات من السفر على الطرق السريعة الإسرائيلية، فضلا عن قيام نشطاء بنهب الشاحنات وتدمير الإمدادات.
من ناحية أخرى، لا تتصدى الشرطة الإسرائيلية لهذه الممارسات، ولا تقم إلا بعمليات اعتقال قليلة في صفوف هؤلاء المتطرفين، يتم الإفراج عنهم بعد أيام قليلة دون أي ضمانات بعدم تكرار هذه الانتهاكات. كما يدعي البيت الأبيض أنه يفرض عقوبات على المتطرفين الإسرائيليين والجماعات التي يتبعونها، لكن على أرض الواقع تؤكد الجماعات الحقوقية المختلفة أن هذه العقوبات لا تدخل حيز التنفيذ ولا يوجد لها أي تأثير يُذكر.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا