العدسة – معتز أشرف

رسائل حازمة صدرت من بلاد “بوعزيزي” إلى القاطن في الإمارات الديكتاتور محمد بن زايد، ترفض تدخلاته قبل الانتخابات للإطاحة بفصيل كل أزمته أنه يرفع راية إسلامية ديمقراطية، أكدت حماية الثورة التونسية والتجربة الديمقراطية، وتقديم صورة إيجابية عن أيقونة الربيع العربي المحاصر، فهل يتعظ ديكتاتور الإمارات؟! فقد انتهى الدرس بصفعة مدوية على وجه تدخلاته نرصد معالمها.

نصر لتونس و”النهضة”!

عقب عملية ديمقراطية بارزة، قال قياديان في حزبي نداء تونس وحركة النهضة، إن النتائج الأولية للانتخابات البلدية أظهرت فوز الأخير على أقرب منافسيه، وأوضح القيادي في “النهضة” لطفي زيتون، أن حزبه “فاز في الانتخابات متقدمًا على نداء تونس بفارق يصل إلى 5%، وفوزنا هو تتويج لانفتاح النهضة وبحثها عن التوافق والنهج الديموقراطي”فيما أقر القيادي في “نداء تونس”، برهان بسيس، بتقدم النهضة على حزبه بفارق من 3 – 5%.

وأطلقت حركة النهضة كرنفالًا احتفاليًّا على منابرها، وقالت “تونس تنتصر… للفرح غنينا #تحيا_تونس”، وقال أمين عام حركة النهضة زياد العذاري، تعليقًا على الانتخابات: “حركة النهضة اليوم هي حركة جديدة ومتجددة، ضخّت فيها دماء جديدة، وكفاءات من كل الاختصاصات، ونسبة المشاركة التي لم تكن في المستوى المأمول تفرض علينا مزيدًا من القرب والاستماع للتونسيين، حتى يتسنى لمواطنينا استرجاع الثقة والأمل والوعي، بأن لهم القدرة على محاسبة من انتخبوهم، ونحن في حركة النهضة في خدمة جميع مواطنينا، وندعو التونسيين للتفاعل بكثافة مع الأحزاب حتى نتمكن معًا من بلورة حلول لمشاكلنا، خاصة الاقتصادية منها، والعديد من أصدقائنا وشركائنا في العالم عبروا عن تقديرهم وتحيتهم للتجربة المتميزة التي يصنعها الشعب التونسي، وما تمثله من أمل للعديد الشعوب في العالم”.

وأضاف رفيق عبدالسلام عضو المكتب التنفيذي لحزب حركة النهضة، الذي شغل منصب ووزير الخارجية في حكومة حمادي الجبالي: نجاح الانتخابات البلدية خطوة جديدة في ترسيخ الديمقراطية في تونس، وأهم ما أفرزته نتائج الانتخابات هو وجود كتلتين رئيسيتين، وهما “النهضة” و”النداء”، ونحن مواصلون في المنهج التوافقي ومفاوضات سياسية لاختيار رؤساء البلديات، فيما أكد نوفل الجمالي، الذي شغل منصب وزير التشغيل والتكوين المهني في حكومة علي العريض، أن الانتخابات البلدية الشعب التونسي هو من انتصر فيها، والديمقراطية التونسية انتصرت بتركيز هيئات منتخبة بكامل تراب الجمهورية.

وتصدر حزب حركةالنهضة نتائج الانتخابات البلدية في تونس، التي جرت الأحد، بنسبة 27.5%، وبحسب نتائج الاستطلاع، التي بثها التليفزيون الرسمي، فقد حلّ حزب حركة “نداء تونس”في المرتبة الثانية بنسبة 22.5% من الأصوات، ووفق الاستطلاع الذي أجرته شركة خاصة لصالح التليفزيون التونسي، فقد توزعت النسب الباقية بين بقية الأحزاب وائتلافات حزبية متنافسة.

عودة للصدارة!

وبحسب مراقبين فإن تصدّر حزب حركة “النهضة” نتائج الانتخابات البلدية في تونس، هو عودة إلى صدارة المشهد السياسي التونسي بعد أن أزاحها “نداء تونس” من موقع القوة السياسية الأولى إثر الانتخابات التشريعية التي جرت خلال أكتوبر 2014، فيما واصل الشباب “غيابه” عن الاستحقاقات الانتخابية، في تعبير واضح عن “خيبة أمل” تجاه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي لم تتغير منذ ثورة يناير 2011، ووفق وكالة الأناضول، برزت حركة النهضة خلال الحملة الانتخابية كقوة سياسية رئيسية منظمة ومهيكلة، من خلال قدرتها على تأمين ترشحها في كافة الدوائر الانتخابية الـ 350، رغم تجنبها الحملات الاستعراضية.

الملمح الأبرز في العملية الانتخابية، هو قبول الأطراف للنتائج، ما يعطي مؤشرات إيجابية عن المستقبل الديمقراطي لبلاد “بوعزيزي”، وفي تعليق له على اقتراع الأحد، قال رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد، إنه لا رجوع عن الديمقراطية، بغض النظر عن نتائج الانتخابات البلدية، واعتبر “الشاهد” أنّ نجاح تونس في إجراء الانتخابات البلدية قدّم رسالة إلى العالم، مفادها أن النموذج التونسي لا يزال متواصلًا وناجحًا وبحاجة إلى مزيد من الدعم، فيما قال الناطق باسم حركة النهضة عماد الخميري، إن مؤشرات نتائج الانتخابات البلدية تأتي تحت عنوان دعم الهندسة السياسية المبنية على التوافق والإصلاحات، معتبرًا أن “إجراء الانتخابات البلدية علامة من علامات نجاح المسار الانتخابي في تونس، و”عنوان كبير لنجاح مسار الانتقال الديمقراطي”.

النزاهة كانت سمة للانتخابات، وهي إجراءات غائبة عن المنطقة، خاصة في دول الربيع العربي التي قامت فيها انتخابات بناء على انقلابات، مثل مصر، ففي تونس أعلنت شبكة “مراقبون التونسية (مستقلة)، أن الانتخابات البلدية جرت “في ظروف طيبة” في جل المحافظات والبلديات، مشيرة إلى وجود “بعض التجاوزات”، وقال رفيق الحلواني، المنسّق العام للشبكة المعنية بمراقبة الانتخابات بالبلاد، الاثنين، أنّ “الاقتراع جرى في ظروف طيبة في جلّ المحافظات والبلديات، مع وجود بعض التجاوزات”.

صفعة للإمارات

ومن دلالات نتائج الانتخاباتن وفق الناطق باسم حركة النهضة عماد الخميري، أن “من جعل برامجه مهاجمة “النهضة” و”النداء” لم يحقق نتائج كبيرة”، ورغم أنه لم يسم أي طرف أو حزب، إلا أن التدخلات الإماراتية في الانتخابات البلدية كانت من أبرز الانتقادات التي تواترات في المشهد السياسي على لسان قادة “النهضة” وآخرين، خاصة مع كشف مستندات عن نية الإمارات الإطاحة بحركة النهضة وإسقاطها في الانتخابات.

وكان (العدسة) رصد في تقارير كثيرة تدخلات الإمارات في المشهد الانتخابي التونسي لضرب حزب حركة النهضة، حيث اعتبر كثيرون من المراقبين الانتخابات البلدية اختبارًا بالغ الأهمية، بحسب المراقبين التونسيين لحجم الشعبية التي يتمتع بها التيار الإسلامي ممثلاً في حركة “النهضة” في الشارع، ومن هنا جاءت الخطة التي تحمل الرقم (478/2017)، ووضعت في يوليو 2017، والتي نشر تفاصيلها كاملة (العدسة)، وكشفت عن عملاء الإمارات في تونس، وتحمل نقاطًا تسعًا ترتكز على استقطاب عدد هام من أعضاء مجلس نواب، مع إعطائهم منحًا شهرية لشراء ذممهم وضمائرهم، بالتوازي مع استمالة 19 نائبًا من حركة النهضة ذاتها، من أجل افتعال المشاكل والخلافات الداخلية، بما يضعف الحركة من الداخل، والعمل على اختراق حركة النهضة على المستوى المركزي بما يضمن إثارة المشاكل والصدامات بين أعضاء مجلس الشورى وأعضاء المكتب التنفيذي وأعضاء المكتب المحيط بالشيخ راشد الغنوشي، عن طريق تمويل العديد من أعضاء هذه المؤسسات الحزبية للتصادم في العديد من الملفات، على غرار الملف المالي”.

وسقطت رشاوى الإمارات الانتخابية، حيث أجرت سفارة الإمارات اتصالًا مباشرًا بالولاة والمواطنين، وتوزيع مساعدات، قبيل الانتخابات البلدية، وكشفت وثيقة نشرت مؤخرًا على الإنترنت بعنوان “الإستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس”، منسوبة إلى مركز الإمارات للسياسات، كشفت عن “خطة إماراتية” لحصر الإسلام السياسي في الزاوية، وبسط نفوذ الإمارات في تونس، وتحتوي الوثيقة على سبع صفحات، وبالرغم من صياغتها المقتضبة، قدمت معرفة دقيقة بتطورات المشهد السياسي في تونس، أما الهدف منها فيكشف عن رغبة في التدخل في شؤون البلاد سعيًا إلى إضعاف نفوذ حركة النهضة وتهميش دور قطر، مقابل إيجاد أطراف موالية للإمارات، وأجابت الوثيقة عن ثلاثة أسئلة مفصلية تتعلق بمآل الأوضاع في تونس، والسياسات المقترحة لدولة الإمارات لتعزيز نفوذها، وتحديد القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في تونس، التي يمكن الاعتماد عليها لخلط الأوراق والإمساك بخيوط اللعبة السياسية، ولكن جاءت الصناديق برسائل تصفع كل واحدة منها التدخلات الإماراتية صفعات مدوية!.