العدسة – إبراهيم سمعان

سلطت الوكالة اليهودية الضوء على تعيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمدير وكالة المخابرات المركزية “سي.آي.إيه” مايك بومبيو، في منصب وزير الخارجية بدلا من ريكس تيلرسون.

وتحت عنوان “ماذا يعني تعيين بومبيو وزيرا جديدا للخارجية الأمريكية لإسرائيل، رأى الكاتب “رون كامبياس” أن “ترامب” كشف عن سبب إقالة “تيلرسون” خلال حديث الصحفيين قائلا: “فى الحقيقة تيلرسون كان لديه عقلية مختلفة وتفكير مختلف”.

فيما قيم ترامب “بومبيو” قائلا: لدينا نفس طريقة التفكير، وأنا فعلا وصلت لنقطة أصبحنا فيها قريبين للغاية من مجلس الوزراء والأمور الأخرى التي أريدها، مع مايك كانت بيننا كيمياء ممتازة من البداية.

وأضاف الكاتب: لكن ما الذي  نستطيع استنباطه من رحيل تيلرسون، وتقييم بومبيو بأنه على نفس الخط الفكري مع ترامب، فيما يتعلق الأمر بما يهم إسرائيل واليهود الأمريكيين؟

التخلي عن الاتفاق النووي

ورأي الكاتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبدو جادا ومصمما على التخلي عن الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه باراك أوباما مع إيران .

وأشار الكاتب إلى أن ترامب وتيلرسون تصارعا حول عدد من الأمور، من بينها إذا ما كانت روسيا شريكا موثوقا به (لا يعتقد تيلرسون ذلك)، أو التفاوض مع كوريا الشمالية حول قدراتها النووية (أوصى تيلرسون بذلك من البداية ويبدو أن ترامب اقتنع بهذا مؤخرا).

وذكر الكاتب أن السبب الذي جعل ترامب يطيح بتيلرسون كان هو الاختلاف على الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه في عام 2015، مشيرا إلى أن تيلرسون كان واحدا من بين المسؤولين الوزاريين الذين كانوا يدفعون ترامب نحو التوقيع على الاتفاق النووي، ونصحه بالالتزام بما كان يراها ترامب اتفاقية سيئة، ومن ثم تعديلها في المستقبل.

لكن إيران -يقول الكاتب- تشبثت بالمعايير الضيفة للاتفاقية، وكان تفكير تيلرسون وغيره من المسؤولين الأمريكيين بما فيهم “جيمس ماتيس”، هو أن الولايات المتحدة ستفقد القدرة على إقناع حلفائها بالضغط على إيران بوسائل أخرى إذا سعى ترامب لتدمير الاتفاق.

وفي المقابل -يشير الكاتب- عارض بومبيو، الذي كان عضوًا جمهوريًّا في الكونجرس قبل أن يتولى منصبه في وكالة الاستخبارات المركزية، الاتفاق النووي الإيراني، لاسيما فيما يتعلق بتخفيف العقوبات التجارية مقابل الحد من قدرة إيران النووية.

وأوضح الكاتب أن أحد الأسباب المنطقية التي طرحتها إدارة أوباما للتوقيع على الصفقة هو أن البديل الوحيد لعدم التوقيع على الاتفاق، هو توجيه ضربة عسكرية لإيران، وهو الأمر الذي يعتقد مسؤولو أوباما أنه ليس بالضروري أن تنهي البرنامج النووي، لكنها في الوقت ذاته ستؤدي إلى نشوب حرب مفتوحة.

لكن بومبيو -يقول الكاتب- كان يرى بصفته عضوًا في الكونجرس، أن الضربة العسكرية كانت عملا يمكن القيام به في السابق، مشيرا إلى أن بومبيو قال في عام 2014: “إنه يمكن تدمير القدرات النووية الإيرانية بأقل من 2000 طلعة جوية، هذه مهمة ليس من الصعب القيام بها لقوات التحالف” .

نقل سفارة إسرائيل للقدس

وقال الكاتب إنه عندما سئل ترامب خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية عما إذا كان سيكون عادلا عندما يتعلق الأمر بالفلسطينين والإسرائيليين، أجاب ترامب بعد قليل من المراوغة، أنه كرئيس يفضل إسرائيل” .

من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتنياهو، الأسبوع الماضي خلال زيارته واشنطن، إنه من الإنصاف أن أقول إنه ليس لدي خلافات مع ترامب حول القضايا التي تخص إسرائيل” .

وكان حجر الزاوية في سياسية ترامب بشأن إسرائيل هي اعترافه في أواخر العام الماضي بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث خاطر القرار بجهود إحياء محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، لكن الأمر بدا شخصيا جدا.

وقالت صحيفة واشنطن بوست يوم الاثنين، إن نسخة مؤطرة من تصريحات ترامب التي تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل معلقة في مكتب إيفانكا ترامب، ابنته التي تعتنق اليهودية، وأيضا في مكتب زوجها اليهودي جاريد كوشنر.

وأكد الكاتب أن تيلرسون حاول إبطاء عملية الاعتراف بالقدس، لكن جهوده جاءت دون جدوى، وعندما اعترف تيلرسون بالقدس، سعى تيلرسون إلى توضيح أن السفارة لن تتحرك في أي وقت قريب، وقال نائب الرئيس مايك بنس، الذي يؤيد هذه الخطوة إن عملية النقل ستتم في 2019، ثم أعلنت إدارة ترامب أن نقل السفارة سيتم في مايو .

وأشار الكاتب إلى أن بومبيو بصفته عضوًا بالكونجرس، حظي بإشادة كبيرة من نتنياهو، وجعل بومبيو دعم إسرائيل كنقطة ارتكاز رئيسية على موقع حملته الانتخابية .

إفساح الطريق لكوشنر

ويتولي زوج إيفانكا جاريد كوشنر، زمام القيادة في صياغة سياسية الشرق الأوسط لترامب، غادر تيلرسون في الغالب، ليتمكن كوشنر من اللعب بمفرده، وكانت إحدى المناطق التي تدخل فيها تيلرسون هي دعم كوشنر الحماسي للسعودية في محاولته عزل قطر، وفقا للكاتب .

وأضاف أن استهداف النظام السعودي وكوشنر لقطر، إنما هو بسبب تحديها قيادة السعودية لدول الخليج، لكن تيلرسون، أكد أن قطر حليف للولايات المتحدة، وتستضيف قاعدة عسكرية أمريكية رئيسية في الشرق الأوسط، وأوضح أنه يريد حوارا هادئا ومدروسا لحل النزاع بين قطر وجيرانها الخليجيين .

التطرف الإسلامي

وذكر الكاتب أن بومبيو تحدث في السابق بصراحة عن تهديدات التطرف الإسلامي بطرق تشبه إلى حد كبير “الطريقة الترامبية”، مشيرا إلى إنه بوصفه عضوًا في الكونجرس، كان ينتقد مرارا وتكرار الزعماء المسلمين لعدم إدانتهم هجمات التطرف الإسلامي .

وأوضح الكاتب: أنه في عام 2015، ظهر بومبيو في “قمة هزيمة الجهاد” مع شخصيات معروفة بتوجهاتها العميقة ليس فقط استهداف المسلحين الإسلاميين، ولكن جميع المسلمين .

وأضاف الكاتب أن بومبيو دعا، في عام 2016، إدارة مسجد يقع في المنطقة التي يسكن فيها لإلغاء خطاب كان سيلقيه متحدث أمريكي مسلم، ظهر قبل سنوات في شريط فيديو يغني لدعم حماس، كما انتقد بومبيو المسجد لجدولة ظهوره يوم الجمعة العظيمة قبل عيد الفصح، وسرعان ما بدأ المسجد يتلقى تهديدات وألغي الخطاب .

روسيا

وقال الكاتب إن من بين الكثير من التكهنات التي تقال اليوم عن أسباب إقالة  ترامب لتيلرسون، هي أن وزير الخارجية قال بقوة، إن محاولة اغتيال جاسوس روسي سابق في بريطانيا كانت بوضوح عملًا روسيًّا، في حين أن ترامب لجأ إلى المراوغة، ووفقا لهذه الرواية، يريد ترامب أشخاصًا يبعدون روسيا عن طريقه .

وقال ترامب إن روسيا يمكن أن تكون حليفا في مكافحة الإرهاب الإسلامي، لكنه غضب من فكرة أن روسيا تدخلت لصالحه في انتخابات 2016، حسبما نقل الكاتب .

ولفت الكاتب إلى أن: العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، هي أحد جوانب سياسة ترامب التي تزعج الإسرائيليين، والذي يشعرون بالقلق من أن ترامب سينصاع بشكل كبير لروسيا في تشكيل نتائج الحرب الأهلية في سوريا.
كما أن حليف روسيا الفعلي في الحرب السورية هي إيران، عدو إسرائيل الأكثر دموية.

صقر على روسيا

لقد أيد بومبيو مرارا استنتاجات مجتمع الاستخبارات أن الروس حاولوا التدخل في الانتخابات لصالح ترامب، (رغم أنه قال أيضا بشكل غير صحيح أن التقرير خلص إلى أن التدخل الروسي لم يكن له تأثير، حيث توقف التقرير عن الاستنتاج لهذا السبب) .

وأكد بومبيو في مقابلة مع “فوكس نيوز” يوم الأحد: أن الروس حاولوا التدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016″ .

وذكر موقع أكسيوس الإخباري، يوم الثلاثاء أنه خلال جلسات التأكيد كرئيس لوكالة الاستخبارات، كان بومبيو يشكك على أقل تقدير من الفائدة من روسيا كحليف لمكافحة الإرهاب .

ونقل الموقع عن بومبيو قوله إن روسيا أعادت التأكيد على نفسها بقوة، وغزت واحتلت أوكرانيا، وهددت أوروبا، ولم تقم بأي شيء يذكر للمساعدة في تدمير ودحر “داعش” .