بالرغم من التغير الكبير الذي طرأ على الرأي العام الأمريكي فيما يتعلق بدعم إسرائيل وتبرير انتهاكاتها، لا يزال عدد كبير من المشرعين الأمريكيين من كلا الحزبين متمسكون بهذا الموقف المخز المؤيد للاحتلال والمدافع عن جرائمه.

 في جلسة استماع مع وزير الخارجية أنطوني بلينكين يوم الاثنين (07 مايو/أيار)، قام أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب بالإشادة بإسرائيل وإدانة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، كما دعوا بتقديم مساعدة إضافية للجيش الإسرائيلي، مدينين دبلوماسية إدارة بايدن تجاه إيران -التي تدعم حماس على حد قولهم.

 عضو الكونغرس براد شيرمان، وهو ديمقراطي كبير، بدأ حديثه باتهام حماس بارتكاب جرائم حرب لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل وطالب بلينكن بمساعدة الجيش الإسرائيلي في تطوير نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، المعروف بـ “القبة الحديدية”، وأضاف شيرمان: “لسوء الحظ، لن نقدم المجرمين للعدالة الدولية، لكن يمكننا منع هذه الجرائم في المستقبل من خلال تجديد القبة الحديدية”.

 تعليق شيرمان الأخير جاء بسبب معارضة واشنطن لفكرة العدالة الدولية في إسرائيل وفلسطين، حيث رفضت الإدارة الأمريكية، بدعم من الكونغرس، بشدة تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب محتملة من قبل كل من إسرائيل وحماس، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والذي راح ضحيته 256 فلسطينيا بينهم عشرات الأطفال.

 من جانبه قال بلينكين، في جلسة الاثنين، إن واشنطن “ملتزمة” بتقديم المساعدة لنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي وتعمل مع المسؤولين الإسرائيليين “لفهم احتياجاتهم بالكامل”.

 في سياق متصل، أعلن السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل ستطلب مليار دولار إضافي من التمويل الأمريكي للقبة الحديدية بالإضافة إلى 3.8 مليار دولار تتلقاها سنوياً.

 تصريحات مؤيدة لإسرائيل

 قال بلينكين في كلمته الافتتاحية “إن الميزانية الموضوعة ستدعم شركائنا في الشرق الأوسط من خلال التمويل الكامل لالتزاماتنا تجاه الدول الرئيسية، بما في ذلك إسرائيل والأردن، وإعادة تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني”.

 سأل عضو الكونغرس جو ويلسون، وهو جمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية، بلينكين عما يمكن أن تفعله وزارة الخارجية لمواجهة التغطية الإعلامية المنتقدة لإسرائيل، مستنكراً صحيفة نيويورك تايمز لنشرها صور الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا في القتال على صفحتها الأولى في 28 مايو/أيار الماضي.

 وقال ويلسون: “للأسف، أصبحت وسائل الإعلام الأمريكية اليسارية ذراع دعاية لإرهابيي حماس…الدليل المقزز على ذلك هو الصفحة الأولى لصحيفة نيويورك تايمز قبل 10 أيام.، وبالرغم من أن بلينكين لم يعلق على هذا الأمر، إلا أنه حاول التبرير للعدوان الإسرائيلي حيث قال “سيكون من غير المقبول لأي دولة تتساقط صواريخ عليها عشوائيا وتستهدف المدنيين أن تتجاهل الأمر ولا تفعل شيئاً في المقابل” في إشارة إلى رد إسرائيل على صواريخ حماس.

 وأضاف بلينكين “كما تعلمون، أيدنا بقوة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والدفاع عن شعبها ضد هذه الهجمات الصاروخية العشوائية. وكدولة ديمقراطية، تتحمل إسرائيل أيضًا عبئًا إضافيًا لفعل كل ما في وسعها لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين”.

 خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، واصل الرئيس جو بايدن تأكيد دعم واشنطن لإسرائيل حيث منعت الولايات المتحدة بيانًا لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهو الأمر الذي استقبله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بامتنان كبير.

 بالإضافة إلى ذلك، قدم مشرعون في مجلسي النواب والشيوخ -الأسبوع الماضي- تشريعات من شأنها تحويل المساعدات الأمريكية للفلسطينيين إلى الجيش الإسرائيلي.

 وقال عضو الكونغرس برايان ماست، أحد الرعاة المشاركين لمشروع القانون المُشار إليه، إنه “من المستحيل ألا تفيد المساعدة الأمريكية لغزة حماس لأن الحركة تتمتع بشعبية بين الفلسطينيين”، مضيفاً “سنستثمر مئات الملايين من الدولارات في بنيتهم ​​التحتية”.

 والجدير بالذكر أن حزمة المساعدات البالغة 360 مليون دولار التي تعد إدارة بايدن بإعطائها للفلسطينيين هي جزء بسيط من المساعدة التي تقدمها واشنطن لإسرائيل كل عام.

 الأزمة الإيرانية

 في كلمته، واصل المشرع غريج ستيوب، جمهوري آخر، الضغط على وزير الخارجية بشأن الجهود الدبلوماسية لإدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، متسائلاً “كيف يمكنك أن تقول إنك تدعم أمن إسرائيل بينما تريد الدخول في صفقة تحصل فيها إيران على المليارات من الأسلحة الجديدة؟”.

 رداً على ذلك، قال بلينكين إن دعم إيران لحماس هو “مشكلة مستمرة” تحدث بغض النظر عن الاتفاق النووي، لكنه أشار إلى أن معظم الصواريخ الفلسطينية مصنوعة محليًا، ولم توفرها طهران.

 من بين كل هذا الدعم المتصاعد لإسرائيل، ظهر صوت وحيد رافضاً لانتهاكاتها ومطالباً بالعدالة للفلسطينيين، حيث أدلت عضو الكونغرس إلهان عمر، وهي ديمقراطية تقدمية، بالتعليقات المتعاطفة الوحيدة مع الفلسطينيين في جلسة الاستماع يوم الاثنين، واستجوبت بلينكن بشأن رفض الإدارة تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في إسرائيل وفلسطين وأفغانستان.

 وقالت عمر “في كلتا الحالتين، إذا كانت المحاكم المحلية لا تستطيع أو لا تسعى لتحقيق العدالة – ونحن نعارض المحكمة الجنائية الدولية – فأين نعتقد أن ضحايا الجرائم المفترضة يمكن أن يلجأوا إلى العدالة؟”، وفي جوابه عليها أعاد بلينكين تأكيد حجة واشنطن بأن المحكمة الجنائية الدولية تفتقر إلى الولاية القضائية على أفغانستان وإسرائيل.

 تأتي دعوات المشرعين لتقديم مساعدات إضافية لإسرائيل في الوقت الذي يطالب فيه نشطاء متضامنون مع فلسطين بتقييد المساعدة الأمريكية لإسرائيل بسبب انتهاكاتها ضد الفلسطينيين، وفي وقت يتصاعد فيه انتقادات جماعات حقوق الإنسان الحكومة الإسرائيلية لفشلها في التحقيق في انتهاكات قواتها ضد الفلسطينيين.

وفي هذا السياق قالت هيومان رايتس ووتش في تقرير لها أكد أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري ضد الفلسطينيين: “في ضوء إخفاق السلطات الإسرائيلية على مدى عقود في كبح جماح الانتهاكات الجسيمة، على مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق مع الأفراد المتورطين بشكل موثوق في جرائم الفصل العنصري أو الاضطهاد ضد الإنسانية ومقاضاتهم”.

  للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا