إبراهيم سمعان
تواصلت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية مع مواطنة سورية تعيش في الغوطة الشرقية، آخر معقل للمعارضة، وهي المنطقة المحاصرة منذ عدة سنوات، والتي أصبحت هدفا لقصف النظام المتواصل، حيث تروي جحيم الحياة اليومية للناس هناك في ظل الجوع والإنهاك.
وتحت عنوان “ربما الموت أفضل من المعاناة” روت هذه المرأة التي تدعى “نيفين” (38 عاما)، وأم لطفلين تتراوح أعمارهما بين 11 و6 سنوات، وهي أحد أعضاء شبكة “النساء الآن من أجل التنمية”، معاناة أهالي الغوطة الشرقية، الذين يتعرضون لقصف مستمر من قبل النظام منذ نحو أسبوع.
“نيفين” أوضحت كيف يعيش حوالي خمسين أسرة في أحد المآوي هربا من القصف، معربة عن اندهاشها لرؤية كيف يتمكن بعض الناس من النوم على الرغم من غضب قصف قوات النظام.
وقالت: “عندما تنهمر براميل المتفجرات، أشعر أن قلبي سينفجر، ولتخفيف الضغط في الأذنين أفتح فمي في كل مرة، هذا ما تعلمناه”، مشيرة إلى أن رؤية النور والسماء بعد أربعة أيام من العيش في السرداب، حتى ولو بضع دقائق أصبح أمنية.
وأضافت: “وقتَ الهدوء، حيث يتوقف إطلاق النار تقريبا لمدة عشر دقائق، أرى الناس يذهبون من مأوى إلى آخر، يبحثون عن أحبائهم، لكنهم لا يعثرون عليهم؛ لأن المباني قد اختفت، أو تحولت السيارات إلى عدة قطع، القصف مستمر نهار وليل، تستخدم أسلحة جديدة، نسمع أصوات انفجارات لا نعرفها، مقذوفات لم يسبق لها مثيل، براميل متفجرة بمواد جديدة”.
وتابعت “نيفين”: يستخدم النظام جميع أسلحته في آن واحد؛ “المروحيات تسقط البراميل المتفجرة، والمدفعية تطلق قذائفها، والطائرات تسقط الصواريخ، ألاحظ كل هذا من نافذة صغيرة ذات قضبان حديدية، والفتحة الوحيدة للمأوى”.
وبينت بعد خمس سنوات من الحصار: كنا نظن أننا اعتدنا على ذلك، فالنظام لم يتوقف قط عن قصف الغوطة، ولكن منذ بداية هذا العام، تجمدت الحياة؛ الأطفال لا يذهبون إلى المدرسة، الناس لا يمكنهم العمل بعد الآن، البشر يدفنون أنفسهم.
أما بالنسبة للطعام والشراب، فلفتت المواطنة السورية إلى أن السكان يخرجون إلى الشوارع في محاولة للعثور على طعام، حيث يسير بعض الباعة الجائلين بعربات فاكهة وخضروات بالأزقة، لكن “تخيل الشعور بالجوع! بعض الأسر لا تتناول الطعام لمدة يومين، في بعض الملاجئ يتم تسليم وجبات، لكنها تكون بكميات قليلة… عندما نحصل على ما يعادل وجبة في اليوم، يكون بمثابة عيد، وهنا يجب أن تختار، الآباء يعطون الأولوية لأطفالهم”.
وتقول “نيفين” إن المواطنين باتوا لا يجدون الخبز الذي يعد جزءا من أساس النظام الغذائي في الغوطة، وذلك لأن المخابز توقفت عن العمل، فالنظام يهدف أولا للقضاء على مقومات الحياة، نفس الشيء بالنسبة للمستشفيات، التي تستهدف بوضوح.
وتشير إلى أنه في داخل المأوى نمشي على رؤوس الأصابع، فالمكان ضيق جدا بحيث لا يوجد مجال للنظر إلى الأمام، نخاف أن نسير على أقدام أو أيدي الأطفال النائمة، أو الأطفال الذين يحبون على الأرض، مؤكدة أنه في ظل التفجيرات المستمرة وهذا الوضع المأساوي، نتساءل أحيانا إذا كان الموت أفضل من الاستمرار أكثر في المعاناة.
اضف تعليقا