العدسة – ربى الطاهر
عادت أخبار انتحار المراهقين في الظهور مرة أخرى في الآونة الأخيرة، وتثار الشكوك حول لعبة الحوت الأزرق من جديد، ولم يقتصر انتشار تلك اللعبة، التي منشأها روسيا، عليها أو على الدول القريبة منها، ولكنها انتشرت في دول العالم أجمع، حيث شوهدت لعبة الحوت الأزرق على هواتف المراهقين بعد الانتحار.
فقد سجلت الجزائر 5 حالات انتحار، في حين نشرت وسائل الإعلام السعودية أخبارا عن انتحار مراهق بسبب نفس اللعبة، أما روسيا فقد أعلنت السلطات أن 130 حالة انتحار حدثت بها، كان لها علاقة بتلك اللعبة.
كما قدرت شرطة كولومبيا أن 3200 شخص من مستخدمي “فيس بوك” في الدولة يشاركون في اللعبة.
وبعد نقل شاب إلى المستشفى مصابا بجروح في إحدى ذراعيه أصدر وزير الصحة في أوروجواي تحذيرا من هذه اللعبة.
وفي مكسيكو سيتي، نشرت السلطات في مارس الماضي مذكرة حول جرائم الإنترنت، تتعلق بلعبة “الحوت الأزرق “.
بينما أعدت محطة “كادينا سر” الإذاعية في إسبانيا تقريرا عن حالة مراهق في الـ 15 من عمره تم نقله إلى المستشفى لمنعه من الانتحار، ورجحت أن يكون للحالة علاقة بالمشاركة في تلك اللعبة.
فما هي هذه اللعبة؟
قامت العديد من الجهات المختصة وكذلك وسائل الإعلام بإلقاء الضوء والتحذير من تلك اللعبة التي تشمل 50 مرحلة لمدة خمسين يوما، والتي تبدأ بهذه الرسالة المطمئنة إلى أن تصل باللاعب إلى الانتحار “مرحباً، هل أنت مستعد للعب؟ ليس هناك ضغط، وإذا أردت الانسحاب قبل أن نصل إلى التحدي الأول، فعليك أن تخبرني فقط”.
ثم يطلب من الشخص القيام بعملٍ ما، وتختلف المهام المطلوبة بشكل يومي، على أن يتم تصوير اللاعب، ثم إرسال الصورة إلى مسئولي اللعبة، وتتصاعد درجة المخاطرة كل يوم، حتى تصبح أصعب من ذي قبل، لتنتهي بمهمة الانتحار.
وتسمى كذلك باسم تحدي الحوت الأزرق، وللأسف هي متاحة على شبكة الإنترنت، في معظم البلدان، ولعل سبب تسمية اللعبة بـ “الحوت الأزرق” يأتي من ظاهرة انتحار الحيتان على الشواطئ، فارتبط اختيار الاسم بفكرة الانتحار.
وتعتبر لعبة الحوت الأزرق، التي بدأت في روسيا في عام 2013، واحدة من ألعاب “مجموعة الموت”، والموجودة داخل الشبكة الاجتماعية “فكونتاكتي”، ويقال إن أول حالة انتحار تسببت فيها هذه اللعبة كانت في العام 2015، وتوسع الدخول واستخدام اللعبة بين المراهقين في العام 2016، حتى انتبه إليها رجال الإعلام، ونشرت مقالة تربط بين حالات الانتحار المنتشرة وبين هذه اللعبة، الأمر الذي أثار ذعرا أخلاقيا في روسيا.
وبعد لفت الانتباه الإعلامي إليها اكتشف أن مؤلف هذه اللعبة، طالب علم نفس يدعى ” فيليب بوديكين”، والذي فصل من الجامعة لابتكاره تلك اللعبة.
وقال “بوديكين” الذي أُلقي القبض عليه في وقت لاحق واتهم بـ “التحريض ودفع ما لا يقل عن 16 فتاة مراهقة للانتحار”، أنه كان يهدف إلى “تنظيف” المجتمع من خلال دفع الناس إلى الانتحار الذي رأى أنه ليس له قيمة، مما أدى إلى تجديد القلق العالمي تجاه “الحوت الأزرق “.
ورغم كل تلك التحذيرات، وتتتبع السلطات للخيوط المتعلقة بها، لا تزال لعبة “الحوت الأزرق” متاحة على الإنترنت، بل ويقوم القائمون عليها بتوجيه دعوات إلكترونية لمراهقين للمشاركة في اللعبة القاتلة.
مطالب اللعبة
ولا تبدأ اللعبة قبل أن تحذر مستخدمها من عدم القدرة على الاستسلام والتراجع عنها، وذلك بعد أن يقوم اللاعب بإدخال جميع بياناته ومعلوماته، وإذا حاول اللاعب التراجع يتم تهديده باستخدام ما أدخله من معلومات شخصية خاصة به لإلحاق الأذى بأهله.
وتكون أولى هذه المطالب هي الاستيقاظ بمنتصف الليل لمشاهدة فيلم رعب، وتتطور المطالب حتى تصل إلى رسم صورة الحوت الأزرق على جلد اللاعب بشفرة حادة، حتى تختتم بطلب الانتحار.
وقام العديد من المراكز الصحية والنفسية حول العالم، بتحذيرات من هذه اللعبة على الصحة النفسية والعقلية للأطفال والمراهقين، الأمر الذي قد يصل بهم إلى الانتحار.
ولأهمية الموضوع، قام تطبيق “إنستجرام” عند قيام شخص بالبحث عن هاشتاج الحوت الأزرق، بتوجيه تحذير له، وعرض المساعدة إن كان يعاني من أية مشكلة نفسية.
الفضول والتحدي
وتوصلت كل الأبحاث التي تناولت هذا الأمر بأن الفضول وحب اكتشاف تحديات اللعبة، إلى جانب العزلة، هي الأسباب المباشرة التي تقف وراء شغف الأطفال والمراهقين بالبحث عنها، بل وإدمانها والامتثال لأوامرها، التي قد تحتوي على مطالب بايذاء النفس حتى يصل بهم الأمر إلى الامتثال لأمر الانتحار.
اضف تعليقا