أصدر السير ديفيد كالفيرت سميث – القاضي البريطاني المتقاعد والمدير السابق للنيابات العامة في إنجلترا وويلز من 1998 إلى 2003- تقريراً أدان فيه ترشح الجنرال الإماراتي “أحمد ناصر الريسي” لرئاسة منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) واحتمالية فوزه، فيما وصفه بأنها خطوة ستعطي شرعية لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل النظام الإماراتي، لتورط المرشح في ارتكاب العديد منها.
وقال السير “كالفيرت سميث” في تقريره إن تعيين “الريسي” لشغل مثل هذا المنصب سيخلق انطباعاً بأنه “مكافأة” للإمارات بسبب التبرعات المالية الضخمة التي أغدقتها على الوكالة، حيث وافقت الهيئة في مارس/آذار 2017 على قبول تبرع بقيمة 50 مليون يورو على مدى خمس سنوات من منظمة مقرها جنيف تسمى Interpol Foundation for a Safer World ، -والتي تمولها الإمارات بالكامل- مما يجعلها ثالث أكبر ممول خارجي للوكالة.
وأضاف القاضي البريطاني السابق أن عملية انتخاب رئيس للإنتربول، والتي من المقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام “يكتنفها السرية والغموض”.
وأوضح السير “كالفيرت سميث” أن وجود شخص إماراتي على رأس جهاز الانتربول “لن يساعد في التغطية على سجل الإمارات الحقوقي وإعطائه شرعية وحسب، لكن اللواء أحمد الريسي نفسه ليس مناسباً لهذا الدور” مبرراً ذلك بأنه “يتربع على قمة نظام العدالة الجنائية الإماراتي… لقد أشرف على حملة قمع متزايدة ضد المعارضة مع تفشي التعذيب واستمرار ارتكاب الانتهاكات في نظام العدالة الجنائية “.
إن المزاعم الواردة في التقرير المُشار إليه تُمثل معضلة لحكومة المملكة المتحدة لأنها قريبة سياسياً من دولة الإمارات، وعليه ورفضت القول ما إذا كانت تعتقد أن الريسي مرشح مناسب لرئاسة الإنتربول أم لا.
إن الجنرال أحمد ناصر الريسي -المفتش العام لوزارة الداخلية الإماراتية منذ عام 2015، معروف جيداً لدى وزارة الخارجية البريطانية لأنه لعب دوراً رئيسياً في اعتقال واحتجاز الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز لمدة تسعة أشهر، وهي القضية التي أدت إلى انهيار شبه كامل للعلاقات بين المملكة المتحدة والإمارات وسط مزاعم بأن هيدجز تعرض للتعذيب وأُجبر على الاعتراف بتهمة التجسس.
في تصريحات صحفية لها، قال زوجة هيدجز، دانييلا تيخادا، يوم الثلاثاء إن زوجها “ظل لعدة أشهر في سجن عازل للصوت في مكان ما في أبو ظبي، كما كان ممنوعاً من التواصل مع العالم الخارجي حيث ظل في الحبس الانفرادي طيلة هذه المدة.. لم يكن يعلم مصيره، كما كنت أنا… ولم يُسمح له بالتواصل مع القنصلية”.
وأضافت: “يقلقني بشدة أن الرجل الذي أشرف على احتجاز زوجي خارج نطاق القضاء وتعذيبه يُمكن أن يدير الإنتربول”.
وأكدت أن زوجها لا يزال يعاني من اكتئاب حاد ونوبات هلع متكررة، لافتة “لا يمكنني أن أصف بالكلمات الوضع الذي وصلنا إليه وما زلنا نعاني منه”.
لقد أثار السير “كالفيرت سميث” في تقريره مسألة “السرية” التي تحيط بانتخابات الانتربول، وهي الأساليب التي تعرضت لانتقادات واسعة النطاق من قبل جماعات حقوق الإنسان التي تدعي أن نظام النشرة الحمراء – وهي قائمة دولية للمطلوبين – يساء استخدامها من قبل الأنظمة الاستبدادية المتلهفة للقبض على المعارضين السياسيين أو رجال الأعمال المعارضين الذين يسافرون إلى الخارج.
وعلى الرغم من أنه ليس من المفترض أن تصدر الشارات الحمراء في القضايا ذات الدوافع السياسية، إلا أن ما يحدث في الواقع عكس ذلك، إذ يفاجئ شخصيات سياسية -سنوياً- بإصدار إخطارات ضدهم، والأسوأ من ذلك أن الأشخاص موضوع النشرة الحمراء لا يملكون آلية استئناف في أي محكمة دولية أو وطنية ضد هذه النشرات، وهي نقطة لطالما انتقدها مجلس أوروبا.
كما أشار السير “كالفيرت سميث” في تقريره إلى عدد من الانتهاكات التي يرتكبها النظام الإماراتي، وعلى رأسها المحاكمة السرية التي يخضع لها الناشط الإماراتي الحقوقي أحمد منصور، وحبسه انفرادياً، والحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات لانتقاده سجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان.
إن الصور التي تظهر للعالم من دبي وأبو ظبي هي صور تتعلق بالتقدم والحضارة التي وصلت إليها الدولة، ومع ذلك، لا يزال هناك كم هائل الأدلة التي تشير إلى استمرار حدوث انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة.
من ناحية أخرى، أخبر كريس جونز، المسؤول عن العلاقات مع الإنتربول في وزارة الداخلية، لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني في فبراير/شباط أنه من السابق لأوانه تحديد كيفية تصويت المملكة المتحدة في انتخابات رئاسة الإنتربول.
وقال جونز “من الواضح أن المملكة المتحدة سوف تتطلع إلى دعم المرشحين الذين لديهم تاريخ في مراعاة المعايير العالية في نظام دولي قائم على القواعد، وسوف ننظر في ذلك في وقت لاحق من العام بمجرد الإعلان عن القائمة الكاملة للمرشحين”.
الجدير بالذكر أن الريسي لم يعلن عن ترشحه رسمياً لشغل هذا المنصب بعد، لكن العديد من التقارير الصحفية والدولية أكدت إقدامه على هذه الخطوة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ أيضًا: لم يعد تحت الطاولة.. الإمارات تعلن رسميا عن التطبيع الأمني مع إسرائيل
اضف تعليقا