حقّق غاوتابايا راجاباكسا، الذي قاد الحملة العسكرية الوحشية ضد متمردي نمور التاميل قبل عشر سنوات، انتصارا كبيرا الأحد في الانتخابات الرئاسية في سريلانكا بعد سبعة أشهر من اعتداءات نفّذها متطرفون إسلاميون وأودت بحياة 269 شخصا.

وكان غوتابايا راجاباكسا (70 عاما) قام بحملة قومية ركز فيها على الأمن بعد الاعتداءات الجهادية التي أودت بحياة 269 شخصا في 21 نيسان/ابريل في الجزيرة الواقعة في جنوب آسيا.

وسيقلق وصوله للحكم اقلية التاميل والاقلية المسلمة في الجزيرة بالإضافة إلى النشطاء والصحافيين وبعض اللاعبين الدوليين خصوصا بعد فترة حكم شقيقه الأكبر ماهيندا راجاباكسا المحبوب وصاحب الشخصية القوية ولكن المثير للجدل، الذي تولى الرئاسة من 2005 حتى 2015.

وخلال فترة حكم ماهيندا راجاباكسا، تولى غوتابايا وزارة الدفاع وكان يدير فعليا القوات الأمنية، ويعتقد أنه أشرف على “فرق الموت” التي كانت تقوم بتصفية الخصوم السياسيين وصحافيين وغيرهم. وينفي غوتابايا تلك الاتهامات.

أعلنت مفوضية الانتخابات السريلانكية الأحد فوز راجاباكسا (70 عاما) في الانتخابات الرئاسية بعد حصوله على 52,25 بالمئة من الأصوات، بفارق كبير عن منافسه ساجيث بريماداسا الذي حصل على 41,99 بالمئة من الأصوات.

وكان كيهيليا رامبوكويلا المتحدث باسم حزب راجاباكسا الذي قاد الحملة العسكرية الوحشية ضد متمردي “جبهة نمور تحرير إيلام تاميل” قبل عشر سنوات، أعلن قبيل ذلك فوزه. وقال توقعنا ذلك ونحن سعداء للغاية بأن غوتا سيكون الرئيس المقبل”.

وأوضح أن راجاباكسا “سيؤدي اليمين الدستورية غدا (الإثنين) أو بعد غد”.

وبلغت نسبة المشاركة 83,7 بالمئة من الناخبين المسجلين البالغ عددهم 15,99 مليون شخص.

أما بريماداسا (52 عاما) فحصل على 41,99% من الأصوات. وهو يتمتع بشعبية كبيرة في مناطق أقلية التاميل في حين أن حضوره أضعف في شكل واضح في مناطق الغالبية السنهالية.

ووعد غوتابايا بتحديث البنية التحتية وتعزيز الأمن في أعقاب الهجمات الإسلامية في نيسان/أبريل التي أودت بـ 269 شخصا بينهم 45 أجنبيا وتبنتها جماعة جهادية محلية.

واستهدفت هذه الاعتداءات الدامية وغير المسبوقة ثلاثة فنادق وثلاث كنائس. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية أيضا مسؤوليته عن الاعتداءات.

وكان اقتراع السبت اول اختبار حقيقي للحزب الوطني المتحد الحاكم بقيادة رانيل ويكريميسنغي الذي قرر السماح لنائبه بريماداسا بالترشح في الانتخابات.

واقر بريماداسا الأحد بهزيمته معلنا “يعود لي أن أحترم قرار الشعب وأهنئ غوتابايا راجاباكستا على انتخابه سابع رئيس لسريلانكا”.

وقال الطالب ديفني (22 عاما) “لم استطع النوم طوال الليل”.

وتابع وسط حوالي 30 شخصا تجمعوا امام مقر إقامة راجاباكستا في كولومبو “انا متحمس للغاية، (راجاباكستا) هو الرئيس الذي نحتاجه”.

 

 فشل استخباراتي 

ناخب سريلانكي يعرض اصبعه المغمس بالحبر امام مركز اقتراع في كولومبو، السبت 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2019

واجهت إدارة ويكريميسنغي انتقادات شديدة لفشلها في منع الهجمات على الرغم من تلقيها مسبقا تحذيرات استخباراتية مفصلة من الهند المجاورة، حسب ما أظهرت نتائج تحقيق برلماني.

وتعهد بريماداسا أيضا بتوفير الأمن والأمان ووعد بتعيين جنرال الحرب السابق ساراث فونسيكا في منصب مستشاره للأمن القومي.

وهو يصور نفسه كضحية يسعى إلى سحق الإرهاب. فهو نجل الرئيس السابق المغتال راناسينغ بريماداسا الذي قضى في اعتداء انتحاري نفذه المتمردون التاميل في ايار/مايو 1993.

وتحظى عائلة راجاباكسا بشعبية كبيرة لدى الغالبية السنهالية في سريلانكا، بعد أن دحرت نمول التاميل الانفصاليين وطوت في 2009 صفحة حرب أهلية استمرت 37 عاما.

في المقابل، يكره التاميل الذين يمثلون 15 بالمئة من الشعب عائلة راجاباكسا للأسباب ذاتها. وانتهى النزاع بمقتل 40 ألف مدني من التاميل، اتهم الجيش بقتلهم.

كذلك يتخوف البعض في أوساط المسلمين الذين يشكّلون 10 بالمئة من السكان، من غوتابايا، خصوصا بعد أن واجه المسلمون هجمات جماعية في أعقاب اعتداءات نيسان/ابريل.

وفي عهد ماهيندا راجاباكسا، اقترضت سريلانكا بكثافة من الصين لتمويل مشاريع البنية التحتية وسمحت لغواصتين صينيتين بالرسو في كولومبو في العام 2014 ، ما أثار قلق الدول الغربية وكذلك الهند.

وضاعفت هذه المشاريع ديون سريلانكا وآل العديد منها إلى الفشل، مثل خطة إقامة مطار في جنوب البلاد بات خاليا من شركات الطيران، وهو غارق في مزاعم فساد كبيرة.

وقال المحلل بايكياسوثي سارافاناموتو لوكالة فرانس برس إنّ الصين دعمت سريلانكا إذ أمنت لها “حماية دبلوماسية دولية” ضد الانتقادات لسجلها في مجال حقوق الإنسان.

وعلى عكس العام 2015 حين حصلت هجمات بالقنابل وإطلاق النار، مرت هذه الانتخابات في شكل سلمي نسبيا وفقا لمعايير السياسة السريلانكية الملتهبة.

والحادث الرئيسي الوحيد هو حين أطلق مسلحون النار على حافلات كانت تقل ناخبين من الأقلية المسلمة قبل ساعات من بدء الانتخابات الرئاسية، ما أدى إلى وقوع إصابتين.

وبعد حملة قالت لجنة الانتخابات نفسها إنها الأسوأ من حيث خطاب الكراهية والتضليل، قد تعلن النتائج النهائية في وقت لاحق الأحد.