تتفاقم أزمة المخدرات في المملكة العربية السعودية لتكشف عن عجز رؤية محمد بن سلمان 2030 في تحقيق وعودها بتحقيق التوازن بين التحديث الاجتماعي والاستقرار المجتمعي.

بينما تروج سلطة ولي العهد لتحقيق “التقدم” من خلال فعاليات الترفيه والتغييرات الاجتماعية الجذرية، تتزايد معدلات الإدمان بشكل يهدد البنية الاجتماعية للمملكة خاصة بعد انتشار الحفلات الصاخبة ببلاد الحرمين. 

منذ تولي محمد بن سلمان قيادة السعودية، شهدت المملكة تغييرات اجتماعية عميقة تضمنت تخفيف القيود على الحفلات الموسيقية وتوسيع صناعة الترفيه، بالإضافة إلى إدماج النساء في الحياة العامة. 

ومع ذلك، يتهم معارضو النظام بأن هذه التغييرات ليست إلا وسيلة لنشر الفساد تحت غطاء “التحديث”، ما ساهم في زيادة معدلات الإدمان.

إحصائية مفزعة

التقارير الرسمية تشير إلى وجود أكثر من 200,000 مستخدم “قهري” للمخدرات في السعودية، وهو رقم يعكس حجم الأزمة التي باتت واضحة للعيان. هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لسياسات متخبطة أدت إلى زيادة الضغوط الاجتماعية والنفسية على الشباب، ما جعلهم يلجأون إلى المخدرات كوسيلة للهروب من الواقع.

الدكتورة علا نبيل محسون من جامعة الملك عبد العزيز أشارت إلى أن الحريات الجديدة الممنوحة للشباب أثارت ردود فعل معاكسة داخل الأسر، ما أدى إلى تصاعد التوترات العائلية وجعل المخدرات خيارًا جذابًا للهروب من تلك الصراعات.

تروج الحكومة السعودية لما تسميه “الحرب على المخدرات”، حيث تنفذ حملات صارمة على المهربين والمدمنين. ميناء جدة والحدود مع الأردن واليمن أصبحت مسارح لحوادث يومية يتم فيها ضبط شحنات كبيرة من المخدرات، خاصة الكبتاغون. ومع ذلك، يرى المراقبون أن هذه الإجراءات قمعية أكثر من كونها حلولًا فعالة.

منظمة العفو الدولية انتقدت استئناف تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات، مؤكدة أن هذه العقوبات القاسية لا تثبت فاعليتها كرادع. فمنذ عام 2023، ارتفعت حالات الإعدام المرتبطة بالمخدرات بشكل كبير، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه السياسة في معالجة المشكلة من جذورها.

بن سلمان المسؤول الأول 

بدلًا من معالجة الأسباب الجذرية لأزمة المخدرات، مثل البطالة والضغوط الاجتماعية والاقتصادية، تركز الحكومة على إظهار “النجاحات الأمنية”. في الوقت ذاته، تعاني البنية التحتية للصحة النفسية من ضعف كبير، حيث لا تزال مراكز إعادة التأهيل محدودة، والطلب على العلاج أعلى بكثير من العرض.

المدير التنفيذي لأول مركز إعادة تأهيل خاص، خالد المشاري، أكد أن الإدمان مرض مزمن يمكن احتواؤه ولكن يصعب علاجه، مشيرًا إلى غياب الدعم الكافي للمدمنين وأسرهم. هذه الاعترافات تعكس الفجوة الكبيرة بين ما تدعيه الحكومة وما يتم على أرض الواقع.

لكن بالنظر إلى سياسات النظام، تبدو رؤية 2030 مشروعًا سياسيًا يهدف إلى تلميع صورة محمد بن سلمان دوليًا أكثر من كونها خطة حقيقية لتطوير المملكة. فبدلًا من مواجهة أزمة المخدرات بخطوات عملية ومستدامة، تُستخدم الحملة على المخدرات كوسيلة دعائية لإظهار “القوة” و”السيطرة”.

لكن على الأرض، يعاني المواطن السعودي من نتائج تلك السياسات المتخبطة، حيث تزداد التحديات الاجتماعية والنفسية، ويتفاقم الإدمان، مما يهدد مستقبل الشباب واستقرار المملكة.

الخلاصة أن أزمة المخدرات في السعودية تظهر ضعف السياسات الحكومية وفشل رؤية 2030 في تحقيق التوازن المطلوب بين التحديث والاستقرار. وفي ظل تجاهل الأسباب الحقيقية للأزمة، يبقى مستقبل المملكة مهددًا بمزيد من التدهور الاجتماعي، ما يعكس هشاشة النظام الذي يضع الدعاية السياسية فوق مصلحة المواطنين.

 

اقرأ أيضًا : لماذا تحرك  الاتحاد الإقليمي الإفريقي للنقابات العمالية (ITUC-Africa) ضد نظام محمد بن سلمان؟