جلال إدريس .. 

“عدن” تنتفض ضد الغزو الإماراتي.. فهل يصبح الجنوب مقبرة لعيال زايد؟

 

للمنطقة الجنوبية في اليمن طبيعة خاصة؛ فأهالي الجنوب أحرار غير قابلين للانكسار أو الخضوع والاستسلام، حيث إنهم هم أول من تمردوا على “صالح” وأذاقوه ويلات الحرب، وتمردوا على الحوثيين فسرعان ما طردوهم من أراضيهم وحرروا أنفسهم منهم، وهاهم اليوم أمام اختبار وتحدٍّ جديد، لكن هذه المرة مع المحتل الإماراتي الجديد.

ولأن محافظة “عدن” هي أهم محافظات الجنوب، فلقد كانت محط أنظار الإماراتيين والسعوديين، فعملوا على جعلها عاصمة بديلة لصنعاء، وحاولوا أن يجعلوا منها مركزًا لتقوية جبهاتهم في اليمن، غير أن الإمارات سرعان ما انقلبت على أهالي عدن، وأخذت في التفكير في السيطرة على المنطقة سياسيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا.

وضربت “الإمارات” والميلشيات التابعة لها بقرارات الحكومة الشرعية في اليمن عرض الحائظ، كما حاولت جعل ميلشياتها فوق قوات الجيش اليمني، الأمر الذي زاد من الاحتقان الشعبي ضد الإمارات وقواتها المحتلة، فاندلعت انتفاضات غضب ومظاهرات بين الحين والآخر مطالبة بتحرير عدن من الإماراتيين.

فهل تكون “عدن” مقبرة للإماراتيين؟ أم سيسارع حكام الإمارات بالانسحاب من عدن؟ أم تشهد الفترة المقبلة مواجهات واشتباكات حادة بين المقاومة الشعبية والاحتلال الإماراتي الجديد؟.

اعتقال وليد الإدريسي

يعد اعتقال القيادي في المقاومة الجنوبية وليد الإدريسي وآخر من مرافقيه، على يد ميليشيات موالية للإمارات، هو أحدث التغيرات التي أربكت المشهد الجنوبي، وأثارت القلاقل ضد القوات الإماراتية المنتشرة هناك، حيث اقتحمت قوات أمنية بالعاصمة المؤقتة عدن، ساحة الشهداء (16 فبراير) بمديرية المنصورة واعتقلت “الإدريسي” وذلك بعد إصابته برصاصة طرحته أرضًا .

وجاء اعتقال المقاوم وليد الإدريسي بعد أيام من ظهوره في مقطع فيديو من داخل ميناء عدن وهو يكتب شعارات وطنية، قال فيها :”الأحرار يصرخون حينما يصمت الجبناء.. فالجبناء لا يصنعون التاريخ”، وأضاف في أخرى: ”الجنوب عشق لا ينتهي.. ثوار 16 فبراير الشبابية”، مختتمًا تلك الشعارات بالقول: ”يسقط الاحتلال الإماراتي”.

ويعتبر القيادي وليد الإدريسي من القيادات التي شاركت في الحرب الأخيرة التي غزا فيها الحوثيون العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، حيث كان الإدريسي أحد المقاتلين التابعين للقيادي في الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية الشهيد/أحمد الإدريسي.

رفض “الإدريسي” الانصياع لدولة الإمارات أو العمل تحت سلطتها، وانضم إلى كوكبة كبيرة من القيادات في المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي، والذين لا تتوافق توجهاتهم مع توجهات دولة الإمارات والجنوبيين الذين يوالونها.

يرجح سياسيون وناشطون أن من يقف خلف اعتقال القيادي “الإدريسي” هي جهات أمنية يعملون تحت سلطة الإمارات، حيث أشاروا إلى أن الفترة التي تم فيها اعتقال “الإدريسي” جاءت بعد أيام من كتابات مناوئة للدور الإماراتي في عدن وبقية المحافظات الجنوبية.. فيما رجح آخرون أن أسباب اعتقاله قد تكون بسبب خلافات مع قيادات أخرى قد تكون منها أمنية.

مظاهرات غاضبة واشتباكات

وعلى الفور اندلعت مظاهرات غضب وحوادث انفلات أمني في مديرية المنصورة، ردًّا على اعتقال “الإدريسي”، حيث خرج شباب 16 فبراير وشباب من مديرية المنصورة، وتبادلوا إطلاق النار مع قوة أمنية كانت متمركزة في دوار كالتكس، حيث استمرت الاشتباكات فترة طويلة.

فيما أكد موقع “المشهد الجنوبي” أن ساحة 16 فبراير، شهدت مساء الأحد احتشاد المئات من الجنوبيين في الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية، تتقدمهم قيادات بارزة ترأسها أبو مشعل الكازمي، أدانوا فيه ما تقوم به دولة الإمارات من اعتقالات للقيادات الأمنية.

وقال مقربون من القيادي في المقاومة الجنوبية وليد الإدريسي، إن قوة أمنية اقتحمت ساحة 16 فبراير بمديرية المنصورة، مع الساعة الثالثة فجرًا ومع الأذان الأول، حيث قامت القوة الأمنية بإطلاق النار عليه وإصابته ومن ثم اعتقلته واعتقلت أحد مرافقيه.

وأضاف المقربون أن الجهة الأمنية التي اقتحمت الساحة اعتقلت “الإدريسي” ومرافقيه واتجهوا به إلى جهة غير معروفة.

اشتباكات مسلحة

وردًّا على ذلك خرج شباب مديرية المنصورة بأسلحتهم إلى ساحة 16 فبراير، وتبادلوا إطلاق الرصاص الحي مع القوات الأمنية التي تتمركز في دوار كالتكس بمديرية المنصورة، حيث استمرت هذه الاشتباكات فترة طويلة، بعدها قام شباب المنصورة بقطع الطريق الرئيسي الواصل بين دوار كالتكس ومصنع الغزل والنسيج.

وقامت قوة أمنية باقتحام ساحة 16 فبراير وتبادلت إطلاق النار معهم، حيث كانوا يطالبون بفك أسر القيادي وليد الإدريسي.

وقام المحتجون مساء الأحد بإحراق الإطارات على الطريق الرئيسي لمديرية المنصورة ومنعت مرور السيارات تزامنًا مع احتشاد ضخم شهدته ساحة 16 فبراير.

وتداولت صحف محليه أنباء عن توجيه المندوب العسكري الإماراتي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن كلًّا من إدارة أمن عدن، بقيادة شلال شائع، وما تسمى بقوات مكافحة الارهاب بقيادة يسران المقطري، بقمع المتظاهرين في المنصورة بكل الطرق والوسائل.

http://msdernet.xyz/muta.php?no=1671641&d_no=444

دهس صور “بن زايد” وحرق علم الإمارات

 

وفي إطار الغضب الشعبي العارم بمحافظة “عدن”، تداول ناشطون جنوبيون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر محتجين في عدن وهم يدهسون علم وصور لرموز دولة الإمارات.

وأظهر الفيديو الذي بثه ناشطون، علم دولة الإمارات وقد تم إحراق أجزاء منه وسط الشارع والمارة يدوسون عليه بأقدامهم، كما تم أيضًا بسط صورة لولي عهد إمارة أبوظبي “محمد بن زايد”، وشوهدت السيارات تمر من عليها.

وبرر الناشطون أن هذه الانتفاضة على وقع اعتقال القوات الأمنية المدعومة إماراتيًّا للناشطين والشباب المناهضين لتواجدها في عدن بالصورة التي تخالف أهداف وسياسة التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية.

فديو الدهس

المقاومة تحذر

فيما لاقت عملية اعتقال وليد الإدريسي استياء وسخطًا شعبيًّا ومجتمعيًّا كبيرين، حيث رجحوا أن هذه خطوة قمعية استخدمها النظام السابق، مشيرين إلى القمعية التي كان يقوم بها الأمن المركزي سابقًا، فيما اعتبرت قياديات في المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي أن اعتقال “الإدريسي” ممارسات همجية، مبينين أنه ما هكذا تكافأ القيادات الجنوبية، فيما اعتبر “الكازمي” أن اعتقال “الإدريسي” يستوجب الاحتشاد في ساحة 16 فبراير لوقف مثل هذه الأعمال .

وأدانت قيادات المقاومة الجنوبية هذه الممارسات، حيث قالت في بيانها: ”بيان هام: تعلن قيادة المقاومة الجنوبية، أنه وحرصًا منها على حقن الدماء بين الإخوة واستجابةً لنداء العقلاء، فإنها قد عملت على احتواء الموقف ووقف الاشتباكات التي تفجرت في مناطق عدة في مديرية المنصورة.

وأكدت أنه بعد انقضاء المهلة التي حددتها المقاومة لإطلاق سراح القائد في المقاومة الجنوبية وليد الإدريسي، واستجابةً لمساعي العقلاء ولصوت العقل، فإن المقاومة الجنوبية قد مددت المهلة للإفراج عن القائد المقاوم وليد الإدريسي إلى التاسعة مساءً، فإن لم تتم الاستجابة والإفراج بعد انقضاء المهلة الثانية، فإن قادة المقاومة يحملون التحالف والأمن ووزارة الداخلية أية نتائج أو تطورات سلبية قد تحدث.

كما أدان مجلس الحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب بالعاصمة عدن عملية اعتقال “الإدريسي”، حيث قالت: ”إنه من المعيب أن يكافأ المقاومون الجنوبيون بالزج في السجون على أيدي جنوبيين يفترض فيهم الحرص على تمتين اللحمة الجنوبية”.

ودعا المجلس إلى “إطلاق سراحه فورًا، وضبط النفس من كافة الأطراف، حرصًا على حرمة الدم الجنوبي وتجنبًا للفوضى وإقلاق السكينة العامة للمواطن في العاصمة عدن.. عاش الجنوب حرًّا أبيًّا شامخًا.. والرحمة والمغفرة لشهدائنا الأبرار.. صادر عن مجلس الحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب بالعاصمة عدن ٢٧ مايو ٢٠١٨”.

دور إماراتي مشبوه

ويرى الجنوبيون أن الدور الإماراتي في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات المحررة، بات مشبوهًا ويثير الجدل خصوصًا وأن الإمارات باتت تمارس الاعتقالات التعسفية في حق مواطنين وجهات أمنية ومقاومة دون وجه حق، مستغلة حجة محاربة الإرهاب.

ويرى الأهالي أن الإمارات غيرت عملياتها في اليمن، وهي التي جاءت بحجة إعادة الشرعية اليمنية، حيث دخلت الإمارات في مواجهات سياسية وعسكرية مع الحكومية الشرعية، سواء مواجهات مباشرة أو عبر أطراف داخلية تعمل لديها.

وتشهد العاصمة المؤقتة عدن شعارات مناوئة للتواجد الإماراتي في اليمن، حيث رأوا أن الإمارات قد تخطت حدها، واصفين تواجدها بـ(الاحتلال).

وعبر محللون وسياسيون غربيون عن أن التدخل الإماراتي في اليمن جاء من أجل مصالحه في اليمن، حيث تسيطر الإمارات على المناطق الساحلية والمطارات الواقعة في المحافظات المحررة.