بالرغم من سجلها الوحشي والمقلق في مجال حقوق الإنسان، تعتزم شركة AWZ Ventures  -مقرها تورنتو- تزويد النظام الإماراتي بأحداث برامج المراقبة والتجسس.

الشركة الكندية التي يرأس اللجنة الاستشارية بها ستيفن هاربر – رئيس الوزراء الكندي السابق وزعيم حزب المحافظين الكندي السابق- تمول أنظمة تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية، من بينها أنظمة وخدمات التعرف على الوجه وتتبع أي وسيلة تقدم معلومات شاملة عن الأفراد في أي وقت.

هذه الشراكة سببت موجة انتقادات واسعة النطاق بين صفوف خبراء التكنولوجيا وحقوق الإنسان في كندا والمملكة المتحدة وحتى إسرائيل، والذين رأوا أن تقديم مثل هذه التقنيات المتطورة لدولة لها تاريخ مخز ضد من انتهاكات حقوق الإنسان يشكل جريمة.

يُعد ستيفن هاربر أحد أبرز الشخصيات في تلك الشركة، حيث يشغل منصب رئيس لجنتها الاستشارية التي تتكون من أعضاء سابقين في الموساد ووكالات استخبارات إسرائيلية وأمريكية وغيرها من الدول الأخرى، وهو أيضاً شريك تجاري مع الشركة، التي لديها استثمارات في 18 شركة أمن إلكتروني إسرائيلية وفقًا لموقعها على الإنترنت.

مؤخراً، تم الإعلان أن شركة AWZ Ventures بصدد تأسيس شركة تابعة لها في الإمارات العربية المتحدة، وقد تم تعيين الدبلوماسية الكندية السابقة كاثرين فيرير فريشيت كمدير عام لهذه الشركة الفرعية، والتي تسمىAWZ Horizons ، سيكون مقرها في أبو ظبي، عاصمة الدولة الخليجية.

الجدير بالذكر أن فيرير فريشيت تعمل منذ فبراير/شباط 2021 لصالح الشركة الأم، وقد تم تكليفها بتسهيل بيع تقنيات الأمن السيبراني إلى دول أخرى في الشرق الأوسط، مثل المملكة العربية السعودية، ودول في شمال إفريقيا.

في تصريحات صحفية، قالت سيينا أنستيس، كبيرة المستشارين القانونيين في مركز أبحاث  Citizen Lab التابع لجامعة تورنتو: “إن بيع تقنيات المراقبة الإلكترونية إلى دولة مثل الإمارات العربية المتحدة يُعد مشكلة كبيرة من ناحية حقوق الإنسان”.

من جانبها، رفضت شركة AWZ Ventures الانتقادات الموجهة لها بسبب تعاملها مع الإمارات، وفي رسالة بالبريد الإليكتروني رداً على أسئلة راديو كندا، دافعت الشركة عن قرارها، حيث قال المؤسس المشارك لشركة AWZ والمتحدث باسمها، يارون أشكنازي إن الشركة تستثمر في “تقنيات الأمن الدفاعية المصممة بحيث لا يمكن التحايل عليها أو استخدامها لأغراض شائنة”.

وأضاف أشكنازي أن شركته تعمل “بجدية” مع شركات أخرى “لضمان امتثالها لأعلى معايير الاستثمار الأخلاقية والتنظيمية في كندا والأسواق الأخرى التي نعمل فيها”.

وتابع أشكنازي إن العلاقة التجارية بين AWZ Ventures والإمارات يتم تأسيسها “بروح اتفاقيات إبراهيم” – معاهدات السلام التي تم إبرامها بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى، مضيفاً أن شركته لديها موظفين على الأرض “لضمان العمليات الأخلاقية”.

 

“الأمر خطير وكارثي”

أحد محامي حقوق الإنسان الإسرائيلي قال إن الإمارات استخدمت هذا النوع من التكنولوجيا من قبل للسيطرة على مواطنيها وعرقلة الإصلاحات الديمقراطية.

وقال إيتاي ماك، الذي دعا إسرائيل إلى أن تكون أكثر شفافية عندما يتعلق الأمر بالصادرات الدفاعية، “إنه أمر خطير للغاية وكارثي”، مضيفاً أنه يرى أنه من “المحزن للغاية” أن يربط رئيس وزراء كندي سابق نفسه ببيع تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية إلى الإمارات العربية المتحدة.

وتابع ماك: ” كان يجب أن يفعل ستيفن هاربر أشياء أفضل للإنسانية بدلاً من وضع اسمه وكذلك سمعته كرئيس وزراء كندي من أجل هذا المشروع”، وأضاف “إنه يعطي شرعية كبيرة ليس فقط لهذا المشروع، ولكن أيضا لانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات”.

يُذكر أن كندا والإمارات العربية المتحدة يتمتعان بعلاقات دبلوماسية وتجارية قوية وتشتركا في عضوية المنظمات الدولية، مثل منظمة الفرانكوفونية.

 

اتهامات بالتجسس على الصحفيين والنشطاء

كشف تحقيق دولي بعنوان “مشروع بيغاسوس” -وهو تعاون مشترك بين 17 وكالة صحفية وحقوقية- هذا الصيف أن الإمارات وغيرها من الأنظمة القمعية كانت عملاء لمجموعة NSO الإسرائيلية، منتجة برامج التجسس Pegasus ، وهي برامج خطيرة يمكن تثبيتها سراً على الهواتف المحمولة.

حدد التحقيق 1000 رقم هاتف كانت أهدافاً محتملة للإمارات بواسطة برنامج التجسس Pegasus ، شملت القائمة قادة سياسيون ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيون في أجزاء كثيرة من العالم.

وفي وقت سابق، أفاد مركز Citizen Lab أن الإمارات استخدمت برامج تجسس ضد المدافع الناشط والمدافع الإماراتي المدون الإماراتي أحمد منصور، المسجون منذ عام 2017.

في إدانة منصور، استندت المحاكم في الإمارات العربية المتحدة في حكمها إلى قانون الجرائم الإلكترونية الإماراتي، والذي بموجبه، يصبح أدنى انتقاد للسلطات جريمة جنائية، حيث اتهم بالتواصل مع منظمات دولية بهدف تشويه سمعة الدولة.

وبحسب تقرير لهيومان رايتس ووتش، فإن السلطات الإماراتية توصلت إلى رسائل البريد الإليكتروني ورسائل الواتساب بين أحمد منصور وعدد من المنظمات الحقوقية عبر اختراق هاتفه.

وقالت المحامية سيينا أنستيس من مركز Citizen Labإنه “لا يمكن للشركات أن تتذرع بالجهل”، مضيفة “في حالة الإمارات، هناك أمثلة متعددة استخدام الحكومة الإماراتية هذه البرامج ضد الجهات الفاعلة في مجال حقوق الإنسان والمعارضين في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان”.

 

لا قيود على التصدير

في كندا، لا تحتاج شركة مثل AWZ Ventures إلى تصريح تصدير لبيع تكنولوجيا الأمن السيبراني، ما يجعل عملية البيع سهلة للغاية.

في حواره، قال إدين عمانوفيتش، أحد مدراء منظمة الخصوصية الدولية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، والتي تطالب بالحد من استخدام تقنيات المراقبة: “النظام الذي يحكم هذا الأمر عالق تماماً في الحرب الباردة”.

وأضاف عمانوفيتش أن الضوابط المعمول بها في كندا والعديد من البلدان الأخرى تركز على الأسلحة التقليدية، لكنها تسهل عمليات البيع لأجهزة المراقبة وتقنيات التجسس، مشيراً أن “هذه الضوابط عفا عليها الزمن تماما وغير قادرة على معالجة مخاطر حقوق الإنسان التي تشكلها هذه الصناعات الناشئة”.

كما قال المحامي الإسرائيلي إيتاي ماك، إن الحكومة الكندية لا تزال تتحمل مسؤولية كبيرة بموجب القانون الدولي لضمان عدم تقويض الشركات الكندية لحقوق الإنسان في الخارج.

وأضاف “ربما وفقا للوائح في كندا والأنظمة في إسرائيل، الشركات الإسرائيلية التي تبيع المعدات فعليا هي فقط التي لديها التزامات قانونية مباشرة… لكن الحكومة الكندية يجب أن تكون مسؤولة عن كيفية تحويل الأموال من خلال الشركات الكندية وكيف تؤثر على حقوق الإنسان.”

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا