منذ أن قام الاحتلال الإسرائيلي باحتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967م، واتصف ذلك العدوان بالعنصرية والتمييز، حيث أقام السجون واستولى على الأراضي وهدّم المنازل، وقام بكل ألوان الوحشية واللاانسانية.

وعند الحديث عن السجن والاعتقال، فحدّث ولا حرج! عن ألوان التعذيب التي يتعرض لها الأسرى في سجون الاحتلال.

لكن تعامل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع الأطفال هو الأكثر وحشية، في كل ما سبق، وقد أدانت منظمات عالمية حالات الاعتقال التعسفي التي يتعرض لها الأطفال في فلسطين.

وطبقاً لاحصائيات نادي الأسير الفلسطيني فإن إسرائيل قامت باعتقال أكثر من 50 ألف طفل منذ بدأ العدوان عام 1967م منهم 1300 طفل في عام 2021 فقط، ما دل على زيادة وتيرة اعتقال الأطفال.

فكيف تتعامل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع الأطفال في فلسطين؟ وكيف يسعى هذا العدوان إلى التنكيل بالأطفال وتدميرهم نفسياً؟ وكيف يفصل القوانين من أجل ذلك؟!. 

قوات النحشون وعربة البوسطة 

لا يكتفِ الاحتلال وجنوده باعتقال الأطفال وهذا انتهاك بحد ذاته، بل يتمدى في التنكيل بهم بكل أساليب التعذيب الجسدي والنفسي.

فرحلة الطفل مع تلك المعاناة تبدأ عندما تقوم قوات الاحتلال باعتقاله، إما من المظاهرات السلمية، أو من الشوارع العادية، أو حتى من البيوت ليلاً.

فهم لا يخجلون أن يسيّرون حملة بقوات كاملة مدججة بالأسلحة، من أجل اعتقال طفل لم يتجاوز العاشرة من عمرة أو ربما أصغر.

بعد اعتقال الطفل يتم تقييده بشكل غليظ وقاسي، ثم يمر بمراحل تحقيق يتعرض فيها للتعذيب النفسي وتحجب أي معلومات عن أهله وذويه، ثم يقومون بإرغامه على التوقيع على وثائق تدينه مكتوبة باللغة العبرية وغير مترجمة حتى لا يعرف المكتوب بها، وكذلك يمنعون حضور محامي عن الطفل في التحقيقات.

ليس ذلك فحسب، بل يعرّضون الأطفال للتعذيب الجسدي لفترة طويلة بما يعرف بـ “الشبح”، وهو الجلوس مقيد على كرسي لفترة طويلة إضافة إلى الضرب والركل بالقدم وضرب بأعقاب الأسلحة المختلفة.

يظن الطفل أن المأساة انتهت عند ترحيله من مراكز الشرطة إلى السجون، لكن المعاناة لم تبدأ بعد!.. حيث يقوم قوات تابعة لشرطة السجون يسمون “النحشون” وهم قوات يمتلكون قوة بدنية، مدججين بأحدث الأسلحة وأدوات القمع مثل قنابل الغاز والسياط وغيرها، بتولي مسؤولية نقل الأطفال والتفنن في تعذيبهم طوال فترة الترحيل.

يتم نقل الأطفال في ظل الظروف القاسية وتحت وطأة التعذيب من خلال هؤلاء الوحشيين عبر عربات تسمى “البوسطة” وهي عربات مغلقة حديدية ليس بها أي منافذ، ما يسبب ضيق في التنفس للأطفال وحالات إغماء.

محاكمة الأطفال 

بعدما تنتهي تلك الرحلة القاسية، يتم نقل الأطفال المأسورين إلى السجون الإسرائيلية، وهنا يتم تجريدهم من ملابسهم ووضعهم في زنازين مغلقة لا تدخلها أشعة الشمس أو أي ضوء.

ويبقى الأطفال في تلك الظروف أمد طويل حتى يتم تقديمهم للمحاكمة، وهي جولة أخرى من التعذيب النفسي حيث يتم إعادة التحقيق مع الأطفال بشكل مهين، وفي النهاية يحاكمون أمام محكمة عسكرية وهو انتهاك آخر لحقوقهم.

علاوة على ذلك فإن السلطات التشريعية في دولة الاحتلال تفصّل القوانين من أجل التنكيل بالأطفال، حيث أقرت قانوناً بتخفيض سن العقوبة للأطفال من عمر 14 عاماً إلى 12 عاماً.

ومن ثم يتم الحكم على الأطفال بأحكام جائرة، بناء على اعترافات تم إجبارهم عليها ثم يتم إعادتهم إلى السجون ليقبعوا فيها لسنوات.

وكذلك يتم التمييز في سجون الأحداث بين الأطفال الفلسطينيين والأطفال الإسرائيليين من حيث المعاملة، فإن السلطات تسعى دائماً إلى تجريد الأسرى الفلسطينيين من أغراضهم على فترات متباينة، وكذلك تمنع عنهم الزيارات.

من كل ما سبق نستنتج أن سلطات الاحتلال تتعامل مع الأطفال الأسرى الفلسطينيين بكل وحشية، وتسعى للتنكيل بهم وتدميرهم نفسياً وبدنياً، مستخدمة كل آلات وأدوات القمع لتحقيق تلك الرغبة، في حين يغض العالم الطرف عن معاناة هؤلاء الأطفال ويصمت عن جرائم الاحتلال ليصبح مشارك في الجريمة.

اقرأ أيضاً : التصويت على حل الكنيست.. إلى أين سينتهي صراع “نتنياهو – بينيت” بدولة الاحتلال ؟!