الحرب ضد الإسلام السياسي في مصر والسعودية والإمارات دعم الإسلاموفوبيا في أمريكا

منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، شعرت كلاً من السعودية والإمارات بخطر تجاه الإسلام السياسي الذي يغير النظم السياسية الراكدة في العالم العربي بما في ذلك دول الخليج، ما دفعهم لمحاربته، وازدادت محاربتهم له بعد انقلاب عام 2013 في مصر، حيث شكل السيسي محورًا جديدًا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لاستهداف الإسلام السياسي في كل مكان في العالم.

لعبت دول الخليج وبالأخص السعودية والإمارات دوراً كبيراً في محاربة الثورات التي اندلعت في مختلف بلدان الربيع العربي وأولها مصر، حيث أيدوا الانقلاب الدموي الذي قام به عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري آنذاك، عام 2013، والذي أطاح بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في مصر، وهو كذلك أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

بعد الانقلاب، شكلت مصر – إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – محورًا جديدًا يستهدف الإسلام السياسي في كل مكان.

في أواخر 2013، أعلنت الحكومة المصرية أن جماعة الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية”، وقد حذت عدة دول أخرى مثل روسيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين حذوها.

كانت ليبيا أفضل مسرح لنشر الإسلاموفوبيا من قبل الدول الثلاث ]مصر والسعودية والإمارات[؛ حيث قدم خليفة حفتر، وهو ضابط عسكري وصف نفسه بأنه رجل قوي مناهض للإسلاميين، كذلك اعتبره الجميع أكثر أمراء الحرب نفوذاً في ليبيا.

أطلق حفتر “عملية الكرامة” في ليبيا لاقتلاع جميع الميليشيات الإسلامية في الجزء الشرقي من ليبيا، ووصفها بأنها إرهابية، وعليه وجدت الدول الثلاث في حفتر فرصة ذهبية للتخلص من الإسلام السياسي في ليبيا، لذا قدموا له المساعدة العسكرية والمالية لتوسيع سيطرته من بنغازي إلى ضواحي طرابلس.

منا ناحيته، أعلن حفتر أن حملته العسكرية للسيطرة على طرابلس تهدف إلى تخليص ليبيا من الإرهابيين الذين يدعمون حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

السيسي يرأس الإسلاموفوبيا في الغرب

إعلان حفتر كان بمثابة ذريعة للكثير من القادة المعاديين للإسلام السياسي، ليس فقط لدعم حفتر، ولكن أيضًا لنشر الإسلاموفوبيا في الغرب، حيث أصبح الرئيس المصري مروجًا لمعاداة الإسلاميين في اجتماعاته مع القادة الغربيين خاصة أعضاء الكونغرس الأمريكي، حيث أن لديهم بالفعل بعض الميول العدائية للإسلاميين.

قبل أن يصبح وزيراً للخارجية الأمريكية، كان مايك بومبيو أحد أعضاء الكونغرس أثناء إدارة أوباما، وكان من بين ثمانية أعضاء قاموا برعاية قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة إرهابية، و في 2017 ، قدم السيناتور الجمهوري تيد كروز مشروع قانون لوصف الجماعة على إنها إرهابية.

قبول في البيت الأبيض

في أبريل/نيسان 2019، قال الرئيس ترامب إنه يفكر في هذه الخطوة لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين بأنها جماعة إرهابية بعد لقائه مع الرئيس المصري السيسي، وفي الوقت ذاته، كان صهر ترامب جاريد كوشنر يتعرض لضغوط من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لإدراج جماعة الاخوان المسلمين على قائمة الجماعة الإرهابية، بحسب نيويورك تايمز.

من جانبها، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض آنذاك سارة هاكابي ساندرز إن الرئيس استشار قادة في الخليج ممن يتفقون معه في نفس الأفكار بشأن جماعة الإخوان المسلمين.

جاء آخر إعلان عن نية الولايات المتحدة في 13 يناير/كانون الثاني في جامعة ستانفورد، عندما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أن إدارة ترامب ما زالت تدرس إمكانية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية – مستشهدة بآراء العديد من دول الشرق الأوسط التي تعتبرها “خطراً حقيقياً”، وأضاف “يجب علينا القيام بدورنا، وآمل أن يتخذ أصدقائنا الأوروبيون نفس الخطوات “.
كما أكد بومبيو أن البيت الأبيض لا زال يبحث عن أسباب قانونية لمثل هذه الآراء قبل إدراج الاخوان المسلمين على قائمة الجماعات الإرهابية.

ويليام لورنس، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية بواشنطن، علق على الموضوع قائلاً

“عندما حاولت إدارة ترامب التفكير في ذلك من قبل، لم يدعمهم البنتاغون ووزارة الخارجية ووكالات الاستخبارات الأمريكية، الذين رأوا بأن مثل هذا التصنيف سيعقد العلاقات الأمريكية مع دول مثل المغرب وتونس والكويت والأردن- حيث يوجد يكون للإخوان المسلمين أحزاب سياسية وأعضاء في البرلمان وهم جزء من المشهد السياسي”.

نبذت جماعة الإخوان المسلمين العنف رسمياً في السبعينيات وتعهدت بالعمل كحزب سياسي له علاقات مع السياسيين في العديد من الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة، فإذا قامت الولايات المتحدة اليوم بتصنيفها كجماعة إرهابية، فهذا يعني أن الدبلوماسيين الأمريكيين لن يكونوا قادرين على التعامل مع المسؤولين الحكوميين في تلك البلدان.

 

اتهام غير منطقي لا أساس له

في حواره مع “انسايد ارابيا”، قال ريانون سميث، مدير تحرير مؤسسة “تحليل ليبيا” ومقرها لندن، إن مصر والإمارات والسعودية حاولت ربط الإخوان المسلمين والإسلام السياسي بمنظمات إرهابية مثل داعش والقاعدة من أجل دفع الولايات المتحدة إلى إدراجها على قائمة الجماعات الإرهابية مثلما فعلوا، حيث قال “لقد ساهمت الدول الثلاث في الترويج بشدة لفكرة الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة من خلال رواية واحدة تربط جميع أشكال الإسلام السياسي – سواء كانت عنيفة أم لا – بالجماعات الإرهابية العنيفة للغاية؛ تم تبني مثل هذه الرواية من قبل داعمي الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة “.

وأضاف سميث”: “بينما تعتبر تلك الدول قوات حفتر بأنها الجيش الوطني الليبي ويقومون بدعمه مستندين على فرضية أنه يقاتل الميليشيات الإرهابية التي تدعم حكومة الوفاق الوطني، فإن معظم قوات حفتر الأكثر وحشية هي” ميليشيا تتبع المنهج السلفي في الإسلام، وهو منهج يتبع الأيدلوجية الوهابية المتزمتة للغاية”.

جاسون باك، زميل غير مقيم في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أيد تحليل ورأي سميث، وأضاف في حواره للموقع بأن “لدى حفتر جيش يضم ميليشيات إسلامية متطرفة، لذا فإن الادعاء بأنه يقاتل الميليشيات الإسلامية التي تدعم الحكومة الوطنية هو مجرد دعاية لتبرير ما يحدث”، وتابع “من المنطقي جدًا وصف حفتر لخصومه بأنهم ميليشيات إرهابية لدعم رواية مؤيدي حفتر، أي مصر والإمارات”.

من ناحيته أكد ويليام لورانس أن هذه الرواية التي تحاول مصر والسعودية والإمارات ترويجها يصعب تصديقها حتى في ليبيا نفسها، لأن المقاتلين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين يقاتلون في صفوف ضد المنظمات الإرهابية كتنظيم القاعدة وداعش.

وأضاف لورنس: “إن مثل هذا الاعتقاد يساهم في انتشار رهاب الإسلام في الولايات المتحدة وحول العالم، لأن كل من يهاجم الإسلام السياسي يستخدم غالبًا نفس المفردات لمهاجمة المسلمين بشكل عام متهمًا إياهم بالارتباط بالعنف والإرهاب”.

أحبط مؤتمر برلين الأخير حول ليبيا محاولة كل من مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لنشر الإسلاموفوبيا، من خلال وصفهم القوات التي تدافع عن حكومة الوفاق الوطني بالإرهابيين.

لقد تجنب البيان الختامي للمؤتمر استخدام هذا الوصف، مع الدعوة إلى “عملية شاملة لتسريح ونزع سلاح الجماعات والميليشيات المسلحة في ليبيا وإدماج الأفراد المناسبين في مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية”.
ومع ذلك لازالت محاولات تلك الدول مستمرة في دعم وتأييد فكرة “الإسلاموفوبيا” في الغرب وخاصة الولايات المتحدة.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا