في تصعيد خطير يهدد مستقبل اليمن، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا انقلابه الثالث وفرض ما سماها الإدارة الذاتية للجنوب، بالإضافة إلى إعلان حالة الطوارئ في العاصمة عدن وعموم محافظات الجنوب، وبذلك تدخل الأزمة اليمنية منعطفا جديدا غير معلوم العواقب.
ويستند الحليف الأساسي لدولة الإمارات، في تحركاته الميدانية الأخيرة، واستيلائه على المباني السيادية في مدينة عدن، العاصمة اليمنية “المؤقتة”، إلى إقراره بأن حكومة عبد ربه منصور هادي، “فقدت شرعيتها بموجب اتفاق الرياض الأخير” لعدم تطبيق الشق السياسي من الاتفاق وغياب موقف “رادع لها من التحالف العربي”.
كما ألقي المجلس الانتقالي باللائمة “ضمنا” على السعودية لعدم الرد على “الخطابات الرسمية التي وجهها المجلس للتحالف العربي لإيضاح أسباب منع عودة فريق المجلس الانتقالي في اللجنة المشتركة لتنفيذ اتفاق الرياض إلى عدن في 11 مارس/آذار الماضي”.
رفض يمني
من جانبهم، رفض محافظو وقيادات السلطات في محافظات حضرموت وسقطرى وشبوة والمهرة وأبين في بياناتهم، التي صدرت تباعاً عقب الانقلاب، خطوة الانتقالي الأخيرة والتي تتضمن إعلان الإدارة الذاتية لمحافظات الجنوب، واعتبروها بداية لصراعات جديدة مقلقة، وهي خطوة تنافي اتفاق الرياض وتدفع نحو العمل العسكري، مؤكدين وقوفهم مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. كما أكدوا أن خطوات الانتقالي تصرف غير مسؤول ودعوا إلى ضرورة التدخل لإعادة الجميع إلى اتفاق الرياض.
كما انضمت لحج إلى المحافظات الجنوبية الرافضة لبيان المجلس الانتقالي الجنوبي، لتكون هي السادسة بعد شبوة وسقطرى وأبين والمهرة وحضرموت، وأعلنت السلطة المحلية لمحافظة لحج، في بيان، رفضها الإجراءات التي أعلنها الانتقالي، مؤكدة وقوفها مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، وطالبت لحج بتدخل التحالف بقيادة السعودية والعودة إلى بنود اتفاق الرياض.
وتخضع لحج عملياً لسيطرة قوات الحزام الأمني التابع للانتقالي، لكن الشرعية تمتلك لواء عسكرياً يقوده محافظ المحافظة أحمد عبد الله تركي، فيما تعد محافظات حضرموت وشبوة وسقطرى والمهرة وأبين خارج سيطرة وكلاء الإمارات ووقفت في وجههم أكثر من مرة، ويسيطر وكلاء الإمارات في المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن ولحج والضالع.
وعلى الرغم من أن بيانات المحافظات اليمنية قامت بتعرية الخطوة التي نفذتها الإمارات عبر حليفها الانتقالي بادعائهم احتكار تمثيل مدن الجنوب، إلا أن خبراء انتقدوا غياب أي تعليق من الرئاسة اليمنية أو مجلس الوزراء للدفاع عن سلامة ووحدة البلاد في وجه ما يجري.
في المقابل، أجرى المجلس الانتقالي زيارته إلى محافظة عدن، وعقدوا لقاء مُثمرا وإيجابيا، وفق وصفهم، وجرى خلاله مناقشة التحديات الاقتصادية وتم وضع مصفوفة شاملة للحلول.
خلاف إماراتي سعودي
من جانبه، رأى مستشار رئاسي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن خيار الانتقالي بالقفز على الجهود التي تبذلها السعودية لإنجاح اتفاق الرياض وإعادة الأمور إلى طبيعتها في عدن، قد يفتح بابا لصراع جديد خلال الأيام القادمة قد يطال شريكتها في التحالف الإمارات، التي تواصل دعم الانتقالي وتقويض الشرعية.
ووفق مصادر يمنية فإن الإمارات تريد إشعال حرب جديدة في عدد من المحافظات، بعد أن أعادت رجُلها في شبوة علي السليماني تحت اسم اتفاق الرياض”، أما في محافظات سقطرى والمهرة ولحج، فيسود اتفاق على أن الإمارات والسعودية تريدان إشعال حرب جنوبية جنوبية، وتستخدمان المجلس الانتقالي الجنوبي لإشعالها لتحقيق مصالحهما.
لكن الأغلب أن التصعيد اليمني الأخير حتى وإن كان مجرد ضغط، فهو يخدم فقط ميليشيا الحوثي والإمارات، ويدفع الجنوبيين لمواجهة السعودية وقد يؤثر في القضية الجنوبية ومستقبل الجنوبيين، خاصة إذا ما صعدت السعودية ضد الإمارات ووكلائها، على خلفية هذه الخطوة.
ومنذ سحب الإمارات لجنودها من اليمن في فبراير/ شباط الماضي، فإن تقارير تؤكد أن أبوظبي أنفقت أموالا طائلة على تسليح وتدريب قوات “موازية” لقوات الحكومة الشرعية، بلغت نحو 200 ألف مقاتل، موزعين على العديد من التشكيلات القتالية التي تتخذ قراراتها باستقلالية شبه كاملة، عن قرار مؤسسات الحكومة الشرعية العسكرية والأمنية التي تتخذ من مدينة عدن، جنوب اليمن، عاصمة “مؤقتة” لها.
ومؤخرا، قالت صحيفة الغارديان إن تصادم المصالح الحاصل في اليمن، بين المملكة العربية السعودية، والإمارات، يعمل على استمرار النزاع هناك، ويبدو السلام بعيد المنال حاليا، وتابعت بأن السعودية والإمارات تتنافسان على السيطرة في جنوب اليمن حيث تدعم الإمارات الانفصاليين الذين يقولون إنهم يريدون استقلال الجنوب من جديد.
اتفاق الرياض في مهب الريح
من جانبه، وصف مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي الخطوة بالخطيرة، معتبرا أن هذا التطور يمثل إعلان وفاة لاتفاق الرياض الذي جرى توقيعه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالعاصمة السعودية الرياض، وماطل الانتقالي في تنفيذه، ورفض الإيفاء باستحقاقاته طوال الخمسة الأشهر الماضية.
وأضاف الرحبي إن خطوة الانتقالي تمثل تمردا جديدا على الاتفاقات الإقليمية والقرارات الدولية التي لا تعترف إلا بالحكومة الشرعية، وأبرزها قرار مجلس الأمن رقم 2216، معتبرا أن المشهد اليمني أصبح أكثر تعقيدا”.
في المقابل رأي محللون أن إعلان الانتقالي يهدف إلى الحفاظ على الانتصارات التي حققها أنباء الجنوب، كما أن خطوة تنفيذ الإدارة الذاتية لعدن والجنوب كانت مطلوبة منذ ثلاث سنوات نتيجة لما تعانيه الشرعية من انقسامات ولم يعد بمقدور أبناء الجنوب الاستمرار في دفع الثمن أكثر مما فعلوا حتى الآن، وفق تعبيره.
واستغرب المحللون أن يلجأ الانتقالي إلى هذه الخطوة المتهورة في وقت تجري فيه الوساطات العسكرية بإشراف سعودي من أجل عقد اتفاق مشترك بين الجيش الحكومي وقوات الانتقالي في محافظتي عدن وأبين خلال الأيام الماضية.
اقرأ أيضًا: صحيفة فرنسية: انقلاب الجنوب.. اليمن يتمزق برعاية إماراتية
اضف تعليقا