العدسة – موسى العتيبي
ربما لو أخطأ التليفزيون المصري وأذاع خطابا قديما للمشير عبد الفتاح السيسي بعد حادثة “مسجد الروضة” التي وقعت بسيناء الجمعة الماضية، وراح ضحيتها قرابة الـ500 شهيد ومصاب، فلن يشعر أحدا من المصريين أن هذا الخطاب قديم، فخطابات “السيسي” عقب كل حادث عنف أو إرهاب باتت مكررة بالصوت والصوت.
“تعبيرات غاضبة، وانفعالات في الصوت، وحدة في الإلقاء، إلى جانب أحاديث مكررة عن أهل الشر والإرهاب، واستهداف مصر، وصمود وصبر وتحمل المواطنين، وخالص التعازي للضحايا، و”كنا عارفين إنه ده هيحصل، وعارفين إنه هيصحل تاني” وغير ذلك.
عبارات السيسي باتت محفوظة، وأصبحت كالقوالب الصماء التي يتم تسديد الخانات بها، للحد الذي يطالب فيه مؤيدون له بتجديد خطابه السياسي الذي مل المصريون منه إلى حد كبير، كما أن أداءه متكرر بشكل كبير، وربما يكون الاختلاف فقط في لون “البدلة والكرافتة” التي يرتديها خلال كل خطاب.
كما أن ردود أفعاله بعد كل خطاب باتت محفوظة أيضا، ولا تخرج عن أربعة أشياء “الإعلان عن ضرب معاقل للإرهاب في سيناء، أو الإعلان قصف جوي لمعاقل الإرهاب في ليبيا، أو الإعلان عن قتل مجموعة مسلحة في أحد الطرق الصحراوية أو الأوكار، أو الإعلان عن ضبط خليه إرهابية جديدة وراء الحادث”.
“العدسة”، ومن خلال التقرير تستعرض عرضا مفصلا لـ10 خطابات من خطابات السيسي التي بدأها منذ الثالث من يوليو 2013، وحتى اليوم، والتي يظهر فيها التطابق والتماثل إلى حد لا تستطيع فيه أن تفرق بين توقيت كل خطاب فيها.
يعزي الشعب المصري كله
في 20 نوفمبر 2013، قتل نحو 11 مجندا من قوات الجيش في هجوم مسلح بمنطقة الشلاقة جنوب الشيخ زويد على طريق رفح العريش، وحينها وقف السيسي بين وزير الداخلية وقيادات المجلس العسكري يعزي المصريين في وفاة عدد من الجنود، ليبدأ بعبارته الشهيرة والمكررة: “أنا هنا مش بعزي الجيش أو الشرطة، أو بعزي أسر الشهداء والضحايا، أنا بعزي الشعب المصري كله”.
تكررت تلك العبارات في باقي خطابات السيسي، على مدار الأربع سنوات الماضية، وكانت بمثابة افتتاحية لكل خطاب من خطاباته.
سنقتص لقتلة الشهداء
في 19 يوليو 2014، وقعت مذبحة الفرافرة، التي قتل فيها نحو 28 ضابطا ومجندا من قوات حرس الحدود المصرية، وقيل وقتها إن منفذ الهجوم هم مجموعة من المهربين.
وكعادته، خرج السيسي في اليوم الذي تلاها 20 / 7/ 2014، ليخطب في المواطنين، ويتوعد بملاحقة مرتكبي الحادثة والقصاص منهم، مشددا كعادته أنه مستعد للموت في سبيل الوطن، في عبارة باتت مكررة ومحفوظة في كل خطاباته.
العملية وراها دعم خارجي
في 24 أكتوبر 2014، شنت مجموعات مسلحة هجوما عنيفا على كمين كرم القواديس الأمني بمدينة الشيخ زويد، وأسفر الحادث عن مقتل نحو 35 مجندا وضابطا، وعشرات الإصابات.
السيسي وكعادته، خرج عقب الحادث ليخاطب المصريين بعبارات مكررة، وركز في خطابه هذه المرة على أن مصر تتعرض لمؤامرة خارجية، وأن العملية وراءها دعم خارجي من جهات ودول أجنبية، وهي نفس العبارة التي يكررها السيسي في كل خطاباته دون أن يذكر من هي تلك الجهات.
انتم اللي اخترتوا يا مصريين
بعد هجمات سيناء في 29 يناير 2015، والتي شن فيها مسلحون هجمات على مواقع عسكرية وأمنية في العريش باستخدام السيارات المفخخة وقذائف الهاون، وقتل فيها ما لا يقل عن 30 جنديا، خرج السيسي كعادته في خطاب ليذكر المصريين بأنهم هم من اختاروا طريق 30 يونيو، وأنه انصاع لخيارهم في يوليو 2013، وبالتالي فإن ما يحدث هو نتيجة هذا الاختيار.
نخوض المعركة نيابة عن العالم
في خطابه في 15 فبراير 2015، وقف السيسي بعد حادثة ذبح 21 قبطي مصري على يد تنظيم الدولة “داعش” في ليبيا، يخاطب المصريين ويؤكد لهم أن مصر تخوض معركة ضد الإرهاب نيابة عن العالم، وأن الثمن الذي تدفعه مصر من دماء أبنائها إنما تدافع به عن العالم كله، متوعدا بالقصاص من قتلة المصريين، ومؤكدا أن الإرهاب لن ينال من عزم وصلابة المصريين، كما هو معتاد دائما.
المهم نبقى إيد واحدة
“خلي بالكم يا مصريين اللي بيحصل دا مش جديد علينا، دا أمر كنا عارفين إنه هيحصل وكنا مستعدين له، ومستعدين إننا نواجهه، بس المهم نبقى إيد واحدة”.
تلك العبارة، ذكرها السيسي في خطابه بعد حادثة اغتيال النائب العام الراحل هشام بركات، في 30 يونيو 2015، حيث وقف متوسطا أسرة المستشار الراحل هشام بركات، وظل يخطب ويتوعد ويؤكد أن ما حدث لم يكن أمرا مستغربا، وأن الإرهاب سيظل يلاحق المصريين لكن المهم أن يظل المصريون على قلب واحد، كما قال.
كلمات السيسي تلك، هي عبارات مكررة تُردد في أكثر من خطاب له عقب حوادث الإرهاب والعنف المختلفة.
أهل الشر مش هيسبونا
“أهل الشر” كان لهم نصيب كبير من خطابات السيسي، دون أن يُحدد هؤلاء الأشرار الذين يريدون إفشال حكمه، ليترك لمستمعيه تفسير من هم “أهل الشر” حسب رؤيتهم الخاصة.
السيسي ذكر الخير والشر وأهلهم خلال خطابه في جنازة ضحايا الكنيسة البطرسية التي وقعت في 12 ديسمبر 2016، وأسفرت عن مقتل وإصابة عشرات الأقباط، حيث وصف السيسي نفسه بـ”أهل الخير” و”أهل الإصلاح”، فقال:” هننتصر لأننا مش أهل شر إحنا أهل خير وإصلاح وتعمير”.
المواجهة طويلة ومستمرة
“لازم تعرفوا إن اللي بيتعمل دا محاولة لتحطيمكم، محاولة لتمزيقكم، عاوزين يففككونا، لازم نخلي بالنا عشان مستقبل مصر، وشعب مصر، إحنا عارفين إن المواجهة طويلة ومستمرة، علشان كده لازم نتصدى ليها وبكل قوة”.
لم تخلُ كافة خطابات السيسي من عبارات مشابهة وكلمات مماثلة، وكان من بينها خطابه في 9 أبريل 2017، بعد انفجاري كنيسة مارجرجس بطنطا، والكنيسة المرقسية بالإسكندرية.
سنتصدى للإرهاب بكل قوة
وجه السيسي خطابا للمصرين بعد حادث المنيا الإرهابي، الذي وقع في 26 مايو 2017، وتسبب في مقتل وإصابة عشرات الأقباط، أكد فيها أن مصر ستتصدى وبكل قوة للإرهاب، وهي عبارة مكررة عشرات المرات في خطابات السيسي.
وخلال كلمته، قال السيسي: “سنتصدى للإرهاب وبكل قوة، ولن نتردد في حماية شعبنا من الشر وأهله، وسنضرب معسكرات الإرهاب في أي مكان، وأنا بكلمكم دلوقتي وقواتنا المسلحة بتنفذ عملية عسكرية ضد معاقل الإرهاب في ليبيا”.
الإرهاب لن يزيدنا إلا صمودا
لا ينسى السيسي دائما وأبدا أن يؤكد في خطاباته المتكررة عقب كل حادث، أن الإرهاب لن يزيد المصريين إلا صمودا وعزيمة، في مواجهة المخاطر، وأن ما يحدث يستهدف أمن واستقرار مصر، وتعطيل عجلة التنمية التي انطلقت في كافة النواحي والقطاعات.
ذكر السيسي تلك الكلمات في خطابه في 24 نوفمبر الجاري، عقب عقب الحادث الإرهابي الذي استهدف مسجد الروضة بالعريش، والذي تسبب في مقتل وإصابة أكثر من 500 مصري، في حادث هو الأصعب على الإطلاق منذ تولي السيسي.
اضف تعليقا