“إسرائيل ليست دولة ديموقراطية على الإطلاق، بل تقوم على نظام فصل عنصري يفرض السيادة اليهودية على جميع الأراضي التي تسيطر عليها”، هكذا وصفت المنظمة الإسرائيلية الشهيرة “بتسليم” الدولة المحتلة في تقرير جديد، والذي من المتوقع أن يثير جدلاً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية.

وفي تقريرها، ذكرت “بتسليم” لحقوق الإنسان “السياسات الإسرائيلية تقوم بصفة أساسية على مبدأ تعزيز وتكريس سيادة اليهود على حساب الفلسطينيين”.

وقالت المنظمة إنها ترفض الافتراض السائد بأن إسرائيل تدير نظامين منفصلين للحكم في وقت واحد: أحدهما دائم، وهو نظام ديمقراطي داخل الأراضي التي تسيطر عليها، والآخر مؤقت، وهو فرض سيطرة عسكرية على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ أكثر من نصف قرن.

في مقال له في الغارديان قال حاجي إلعاد المدير التنفيذي لـ بتسليم “إسرائيل ليست ديموقراطية تقوم باحتلال مؤقت للأراضي الفلسطينية.. بل هي تريد ترسيخ أقدامها في المنطقة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط … يجب أن ننظر إلى الصورة الكاملة ونراها على حقيقتها: إنها تقوم على نظام الفصل العنصري”.

المناطق التي أشار إليها إلعاد تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية، اللتين احتلتهما إسرائيل بعد تراجع القوات الأردنية في حرب 1967، وكذلك قطاع غزة الذي احتلته بعد أن هزمت مصر في ذات الحرب، حيث ظل جيشها هناك حتى عام 2005.

كانت وجهة النظر السائدة لدى الإسرائيليين أن دولتهم تقوم بالاحتلال المؤقت لبعض الأراضي الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية سيزول مع الوقت، لكن مؤخراً، تكونت قناعة لدى الكثير من النشطاء الإسرائيليين أن دولتهم تسعى للفصل العنصري، وذلك بعد تهديدات الضم الإسرائيلية التي يرون أنها تثبت أن الاحتلال دائم، وكذلك بعد القوانين الأخيرة التي تعطي حقوقًا سياسية إضافية لليهود وتمنحهم أفضلية على العرب.

يُذكر أن منظمة “ييش دين”، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية أخرى، كانت قد نشرت الصيف الماضي تقريراً يستند على آراء قانونية أكدت فيه أن سياسات “الفصل العنصري” ترتكب ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وعلى الرغم من الحركات الإسرائيلية المناهضة لسياسات الاحتلال ضد الفلسطينيين، ذهب تقرير بتسيلم إلى أبعد من ذلك، وشرح باستفاضة النظام الذي أنشأته إسرائيل، حيث أوضح أن الفلسطينيين منقسمون إلى أربعة مستويات على حسب المكان الذي يعيشون فيه، ومع ذلك فإن جميع تلك المستويات تتمتع بحقوق أقل بكثير من تلك التي يتمتع بها الشعب اليهودي.

التقرير تناول معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة كمثال على “عنصرية” السلطات الإسرائيلية وقال عنهم إنهم في قاعدة الهرم، وأشار التقرير إلى وجود حوالي مليوني فلسطيني هناك، يعانون من الفقر والأمراض بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل عليها، في سياسة تقول بتسيلم إنها تمنحها “سيطرة فعالة”.

أما فلسطينيو الضفة الغربية، والبالغ عددهم 2.7 مليون فلسطيني والذين يعيشون في عشرات القرى والمدن المنفصلة، قالت بتسليم إنه على الرغم من أنهم يتمتعون بحكم ذاتي محدود بموجب الاتفاقات الموقعة في التسعينيات، فإن السلطة الفلسطينية “لا تزال تابعة لإسرائيل ولا يمكنها ممارسة سلطاتها المحدودة إلا بموافقة إسرائيل”، لهذا، ووفقاً لـ بتسيلم فإن الفلسطينيون هناك يعيشون “تحت حكم عسكري صارم وبدون حقوق سياسية”.

في التسلسل الهرمي لمستويات الفلسطينيين، يأتي بعد الضفة سكان القدس الشرقية، والبالغ عددهم 350 ألف فلسطيني منحت إسرائيل جنسيتها لهم، على الرغم من أن الكثيرين رفضوا من حيث المبدأ.

أما رأس الهرم، بالنسبة لتقسيم بتسيلم، يوجد مواطنون فلسطينيون في الحدود الواقعة تحت سيطرة إسرائيل، أو ما يُطلق عليهم عرب إسرائيل، ويحملون جنسية إسرائيلية ولديهم مواطنة كاملة، ويشكلون حوالي خمس الإسرائيليين، ومع ذلك، قالت بتسيلم إنهم يتمتعون بحقوق أقل من المواطنين اليهود، مشيرة إلى التمييز في الأرض، وقوانين الهجرة التي تحابي اليهود، وكذلك قانون يمنح الشعب اليهودي حقوقًا سياسية إضافية.

من الجدير بالذكر أنه في 2017، قامت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا باتهام إسرائيل بالفصل العنصري، لتكون بذلك أول هيئة تابعة للأمم المتحدة تتهم إسرائيل بهذا الأمر، الذي يُعد جريمة بموجب القانون الدولي، وهي خطوة شبهها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية السابقة بأنها كيدية و”دعاية نازية”.

اللافت للنظر أن قيادة الأمم المتحدة لم تدعم نشر التقرير، الذي أزيل لاحقًا من موقعها على الإنترنت.

وفي العام الماضي، بعد أن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنه يعتزم ضم أجزاء من الضفة الغربية، حذر 47 خبيرا من الأمم المتحدة من أن ذلك سيكون “بلورة لواقع ظالم بالفعل: شعبان يعيشان في نفس المكان، يحكمهما نفس انظام، ولكن مع حقوق غير متكافئة للغاية “، مضيفين “هذه رؤية جديدة للتمييز العنصري في القرن الحادي والعشرين.”

وعلى الرغم من تعليق خطط الضم التي يرعاها نتنياهو، فإن العديد من المنظمات الحقوقية الإسرائيلية والفلسطينية، بما في ذلك بتسيلم، تجادل بأن إسرائيل تفرض ضمًا “فعليًا” للضفة الغربية، حيث يعيش أكثر من 400000 مستوطن يهودي هناك ويتمتعون بنفس الحقوق والعديد من الخدمات نفسها التي يتمتع بها الإسرائيليين الآخرين.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا