مع وصول بايدن إلى رأس الإدارة الأمريكية الجديدة، بعد حملة قوية كان الاهتمام بحقوق الإنسان من أهم ركائزها، ظن الجميع أن تحسناً ما سوف يطرأ على أوضاع حقوق الإنسان في العالم، على الأقل لن تستمر الولايات المتحدة في دعم الانتهاكات وتسليح المنتهكين، كما فعل ترامب، لكن فيما يبدو أن هذه الوعود لم تكن سوى حبر على ورق ليُقال في الخطب الدعائية وحسب.
ما يحدث في مصر أكبر دليل على ذلك، إذ لا زالت الحكومة القمعية هناك تواصل استهداف المعارضة، وعلى الرغم من حديث إدارة بايدن عن إيلاء أوضاع حقوق الإنسان أهمية كبرى في ملفات السياسة الخارجية الأمريكية، تواصل واشنطن تمكين ديكتاتورية الرئيس عبد الفتاح السيسي وقواته الأمنية العنيفة من التنكيل بالمواطنين.
قوات الشرطة المصرية، في واحدة من أكثر الجرائم تبجحاً، قامت باعتقال عائلة معتقل بالكامل مطلع هذا الأسبوع بعد استغاثة والدة المعتقل ومطالبتها بإنقاذ نجلها وفتح تحقيقات فيما يتعرض له من انتهاكات داخل مقر احتجازه.
السيدة هدى عبد الحميد، هي الأم المكلومة، التي وصلتها رسالة خطية من نجلها الأكبر عبد الرحمن الشويخ يخبرها أنه تعرض لتعذيب وحشي داخل سجن المنيا شديد الحراسة، لتظهر بدورها على وسائل التواصل الاجتماعي في رسالة مصورة وتطلب المساعدة لإنقاذ ابنها الذي تعرض لاعتداءات جنسية وتضاعفت وتيرة التعذيب بحقه بعد تقديمها شكوى للنيابة العامة.
وفي رد فعل قمعي، داهمت قوات الأمن المصري، مساء الاثنين 26 أبريل/نيسان، منزلها في القاهرة، وقاموا باعتقالها هي وزوجها وابنتها البالغة من العمر 18 عاماً، ولا زال جميعهم رهن الاعتقال.
النيابة العامة وجهت للسيدة هدى تهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وصدر قرار بحبسها 15 يوماً على ذمة التحقيق، فيما لا يزال مصير ابنتها وزوجها المريض مجهولاً حتى وقت كتابة هذا التقرير.
خلفية الأحداث: عبد الرحمن هو شاب مصري، اعتقل قبل سبع سنوات وكان عمره حينها 23 عاماً، وعلى خلفية معارضته للسلطات يقضي حالياً عقوبة بالسجن المؤبد صدرت عن محكمة عسكرية رغم كونه مدنياً.
الواقعة الحالية يعود تاريخها إلى السادس من أبريل/نيسان الجاري، حين تم الاعتداء عليه جنسياً وبدنياً من قبل بعض أفراد الأمن بالسجن بمعاونة بعض السجناء الجنائيين، حيث قاموا جميعاً بتعذيبه واغتصابه، واستمر هذا التعذيب لمدة خمسة أيام قبل أن يتم نقله إلى المستشفى بعد تدهور حالته، وعندما سمعت والدته بما حدث تحدثت لوسائل الإعلام وتم القبض عليها.
المشين حقاً، أن نشر هذه القصة المروعة لما كان يحدث لعائلة الشويخ تزامن مع تغريد السفارة الأمريكية في مصر على تويتر بافتخارها بتعاون حكومة الولايات المتحدة مع السلطات المصرية، وتسليح الجيش المصري، مشددين أن “التعاون الدفاعي مع مصر هو حجر الزاوية لشراكتنا الاستراتيجية …”
لم يكن هناك أي ذكر لحقوق الإنسان؛ لا مناقشة لأهميتها في السياسة الخارجية الأمريكية؛ لم تذكر السفارة ما حدث لهدى أو ابنها أو باقي أفراد الأسرة.
لا يتعلق الأمر فقط بتقييمات السفارة الأمريكية في مصر، ولا عن كون الدبلوماسيين الأمريكيين لا يعون حقاً تداعيات الرسالة التي يرسلونها، لكن دعم قوات الأمن المصرية بحماسة وعلانية يمثل مشكلة خطيرة لواشنطن والسياسة الخارجية الأمريكية.
مثل هذا الدعم يقوض مصداقية الإدارة في جميع أنحاء المنطقة، كما وثقت “هيومن رايتس فيرست”، فإن الانتهاكات التي يرتكبها حراس السجن تدفع السجناء إلى أحضان ميليشيات داعش داخل السجون، وتؤجج التطرف.
وبما أن منظمة “هيومان رايتس فيرست” كانت تقدم تقارير على مدى عقود إلى الإدارات المتعاقبة، فإن دعم الديكتاتوريات العنيفة سياسة سيئة للولايات المتحدة، انضممنا إلى المنظمات غير الحكومية الأخرى في حث الولايات المتحدة على عدم إرسال 300 مليون دولار كمساعدات عسكرية إلى مصر ما لم يتم احترام حقوق الإنسان في البلاد.
إن إرسال هذه المساعدة لن يؤدي إلا إلى تعزيز السخرية المتزايدة بين المصريين وفي جميع أنحاء المنطقة من أن الإدارة الجديدة تدعي احترام حقوق الإنسان ولكنها في الواقع لا تقدم أي شيء لدعمها، بل على العكس، تساهم في تعزيز انتهاكات الأنظمة الديكتاتورية.
إن كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تحترم حقوق الإنسان حقاً، يجب عليها إدانة ما يحدث لعائلة الشويخ على جميع المستويات وفي جميع المنصات التابعة لها، بما في ذلك حساب سفارتها في مصر على تويتر، يجب أن يعلنوها صراحة أنه ما لم يتوقف التعذيب في السجون المصرية، فلن يكون هناك المزيد من المساعدات العسكرية من واشنطن.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا