كشفت طلبات “حرية تداول المعلومات” أن تمويل الحكومة البريطانية للسعودية والبحرين تضاعف هذا العام من خلال صندوق قيمته 70 مليون جنيه إسترليني، لطالما انتقده النواب مراراً لافتقار معاملاته إلى الشفافية.
زاد تمويل “صندوق الخليج الاستراتيجي” للمملكة العربية السعودية من 813605 جنيه إسترليني إلى 1.8 مليون جنيه إسترليني، ومن 710.028 جنيه إسترليني إلى 1.8 مليون جنيه إسترليني للبحرين، في 2021-2022، وفقًا لما أفصح عنه مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية (FCDO) ردًا على الطلبات.
لم يتضح حتى الآن سبب مضاعفة التمويل أو المجالات التي أنفقت فيها هذه الأموال، وبالرغم من أن الدولتين الخليجيتين تعتبران حليفتين مقربتين من المملكة المتحدة، ألا أنهما تتعرضان لانتقادات متزايدة بسبب سجلهما المروع ضد حقوق الإنسان والقمع الذي تتعامل به الأنظمة مع حرية الرأي والتعبير.
من جانبه قال مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية لموقع Middle East Eye “تعمل المملكة المتحدة مع شركاء في جميع أنحاء العالم لتحسين سجلهم في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك في الخليج…. يخضع أي تعاون من خلال صندوق الخليج الاستراتيجي لتقييم دقيق للمخاطر لضمان أن جميع الأعمال تفي بالتزاماتنا وقيمنا في مجال حقوق الإنسان”.
لكن برندان أوهارا، النائب عن الحزب الوطني الأسكتلندي، رئيس المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب حول الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخليج، قال لموقع Middle East Eye إنه اندهش من زيادة التمويل للدولتين، نظرًا للمخاوف السابقة التي أثارتها مجموعته حول استخدام هذه الأموال في انتهاكات حقوق الإنسان في تلك الدول.
وكرر أوهارا دعوته التي أطلقها العام الماضي لتعليق عمل الصندوق، مشيراً أن اللجنة المختارة يجب أن تجري تحقيقا في نشاطات الصندوق بصورة عاجلة.
وأضاف: “حقيقة أن حكومة المملكة المتحدة اختارت إنفاق ملايين الجنيهات الإضافية من أموال دافعي الضرائب على مشاريع في الخليج خلال أزمة غلاء المعيشة أمر غير منطقي”، متابعاً “سوف أكتب على وجه السرعة إلى وزير الخارجية لإثارة مخاوفي بشأن هذه الزيادة المزعومة في التمويل، وللمطالبة بتفصيل أين وإلى من تم تخصيص هذه الأموال.”
يأتي الكشف عن زيادة التمويل في نفس الشهر الذي حكمت فيه محكمة سعودية على سلمى الشهاب، طالبة الدكتوراه بجامعة ليدز وأم لطفلين، بالسجن 34 عامًا وحظر سفر لمدة مماثلة بسبب تغريدات انتقدت الحكومة، فيما أثارت زيادة التمويل في هذا السياق قلق المدافعين عن حقوق الإنسان.
قال سيد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، ومقره المملكة المتحدة: “على الرغم من أن البرلمان سبق ودق ناقوس الخطر بشأن دعم هذا الصندوق لهيئات خليجية متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب، وحماية مسؤولين في الدولة من المساءلة، اختارت حكومة المملكة المتحدة مكافأة دول الخليج الغنية بملايين إضافية من أموال دافعي الضرائب في سرية “.
وقالت لينا الهذلول، من مجموعة القسط الحقوقية ومقرها المملكة المتحدة، إن الوقت قد حان للحكومة البريطانية لتقديم إجابات على هذه التساؤلات المقلقة، مضيفة “حقيقة أن المملكة المتحدة زادت تمويلها للسعودية في وقت استمرت فيه أوضاع حقوق الإنسان في المملكة في التدهور تثير أجراس الإنذار بشأن تأثير ذلك”.
وتابعت الهذلول “سواء كان التمويل قد ذهب إلى هيئات متورطة بشكل مباشر في الانتهاكات، أو يستخدم الآن لتمويل أنشطة أخرى، فهناك أسئلة جدية حول دور هذه الأموال في ملف حقوق الإنسان.”
دون مزيد من التفاصيل
واجه صندوق الخليج الاستراتيجي، الذي يدعم مشاريع في ست دول خليجية، انتقادات وتساؤلات من قبل مجموعة من النواب الذين حثوا الحكومة على تقديم تفاصيل حول الصندوق، بل ودعوا إلى تعليق نشاطه.
في مارس/آذار، بعد أن أجرى النواب نقاشًا لمدة 90 دقيقة حول الصندوق، أصدر مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية ملخصًا موجزًا للبرامج التي يدعمها هذا الصندوق، ومن المتوقع نشر ملخص جديد في غضون أيام.
في المملكة العربية السعودية، وفقًا لملخص العام الماضي، فإن الصندوق “يعزز الشراكة الاستراتيجية ويحقق الرخاء والأمن المتبادلين من خلال دعم إصلاحات رؤية المملكة العربية السعودية 2030 عبر القطاعات ذات الأولوية بما يتماشى مع قيم المملكة المتحدة، بما في ذلك حقوق المرأة”.
تشمل المشاريع المدرجة شراكة تعليمية لرؤية 2030 والترتيبات المتعلقة بمؤتمر COP 26 ، ومؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ 2021 الذي عقد في غلاسكو في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كما جاء في هذا الملخص نقطة واحدة تقول “الأمن والعدالة” دون مزيد من التفاصيل.
وفي البحرين، تشمل المشاريع التي يمولها الصندوق البريطاني: تقوية قدرات هيئات الرقابة في المملكة الخليجية، والتي تشمل ديوان أمين المظالم في وزارة الداخلية ووحدة التحقيقات الخاصة، وتحليل لتطوير قدرات مكافحة الإرهاب في البحرين.
لا يقدم الملخص الذي تم إصداره العام الماضي أي تفاصيل حول المبلغ المدفوع لكل مشروع، وفي معظم الحالات، لا يذكر الوكالات أو الوزارات المدعومة، وهذا هو السبب في قيام مجموعات مثل معهد البحرين للحقوق والديموقراطية بتقديم طلبات حرية تداول المعلومات باستمرار.
في أغسطس/آب الماضي، كشفت الحكومة، رداً على أحد هذه الطلبات، أن الصندوق كان يمول وزارة الداخلية البحرينية وأربع هيئات رقابية مسؤولة، بشكل ما، عن المعتقلين السياسيين الذين يتعرضون لممارسات تسببت في موجة واسعة من الإدانات الحقوقية.
وقال سيد الوداعي إن ثمن تمويل المملكة المتحدة “سيدفعه المواطنون مثل الباحث البحريني المسجون الدكتور عبد الجليل السنكيس، الذي أمضى أكثر من عقد من الزمان خلف القضبان وأكثر من 410 أيام في الإضراب عن تناول الطعام، في سبيل محاربة الظلم والقمع، والمطالبة بأبسط حقوقه”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا