من المتوقع أن يؤدي تدخل حكومة المملكة المتحدة في ملف اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بحالة فلسطين إلى تأخير اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان من الممكن إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وكان قضاة المحكمة الجنائية الدولية قد وافقوا يوم الخميس على السماح للمملكة المتحدة بتقديم حجج قانونية في القضية بينما يدرسون ما إذا كانوا سيوافقون على الطلبات التي قدمها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.

ووفقا لأوراق المحكمة، بعد أن قدم المدعي العام الطلبات، قالت المملكة المتحدة إن القضاة الذين ينظرون في القضية يجب أن يتعاملوا مع الأسئلة “المعلقة” حول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على المواطنين الإسرائيليين قبل أن يقرروا ما إذا كانوا سيصدرون أوامر الاعتقال أم لا.

أثار قرار السماح للمملكة المتحدة بتقديم الحجج في القضية قلقًا بين بعض خبراء القانون الدولي من أن التدخل البريطاني له دوافع سياسية ومحاولة لإعادة فتح المسائل القانونية التي يقول الكثيرون إنها تمت تسويتها سابقًا، فيما أضاف البعض أن هذه الخطوة من شأنها عرقلة مسار تحقيق العدالة للفلسطينيين.

في فبراير/شباط 2021، أصدرت لجنة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية حكمًا يؤكد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد مهد القرار الطريق أمام المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق جنائي في الجرائم المرتكبة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية على يد الإسرائيليين.

ومع ذلك، أبلغت حكومة المملكة المتحدة الشهر الماضي الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية أن حكم عام 2021 “لم يحدد” قضايا الاختصاص القضائي المتعلقة باتفاقيات أوسلو، واتفاقيات السلام المؤقتة الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في التسعينيات.

وقال محامو الحكومة البريطانية إنه يتعين على القضاة بالتالي “اتخاذ قرار أولي” بشأن ما إذا كان بإمكان المحكمة الجنائية الدولية ممارسة الولاية القضائية على المواطنين الإسرائيليين “في الظروف التي لا تستطيع فيها فلسطين ممارسة الولاية القضائية الجنائية على المواطنين الإسرائيليين بموجب اتفاقيات أوسلو”.

إن الحجج التي قدمتها المملكة المتحدة تعكس ادعاءات كبار المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين الذين أجرت صحيفة الغارديان مقابلات معهم في الأشهر الأخيرة، والذين أكدوا أن “قضايا الاختصاص القضائي لم يتم حلها” لأن فلسطين “لا تملك صلاحيات تفويض الاختصاص القضائي إلى المحكمة”.

وقال الخبراء إن قرار السماح للمملكة المتحدة بالتدخل في هذه القضية قد يتسبب في تأخير قضية أوامر الاعتقال، على الرغم من أن مسؤول سابق في المحكمة الجنائية الدولية مطلع على قضية 2021 قال إن قضايا الاختصاص القضائي قد تم حلها، وإذا تم الطعن فيها، فلن يحدث ذلك أي فرق.

ووفقاً لمارك كيرستن، خبير المحكمة الجنائية الدولية وأستاذ العدالة الجنائية في جامعة وادي فريزر في كندا، “سيكون من الصعب تصديق إذا قرر القضاة أن فلسطين، وهي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدوليةلا يمكنها أن تطلب من المحكمة معالجة الفظائع المرتكبة على أراضيها بسبب تعثر عملية أوسلو للسلام”.

فيما قالت دانيا تشيكل، ممثلة الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان لدى المحكمة الجنائية الدولية، إن محاولة المملكة المتحدة الطعن في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية باستخدام اتفاقيات أوسلو هي خطوة “مثيرة للقلق العميق وغير عادلة”.

وأضافت أن المملكة المتحدة تبدو وكأنها “تعطي الأولوية للعلاقات الدبلوماسية على المساءلة عن الجرائم الدولية” وأن محاولتها للطعن في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية فشلت أيضًا في “معالجة عدم امتثال إسرائيل لاتفاقات أوسلو، لا سيما فيما يتعلق بالتوسعات الاستيطانية في الضفة الغربية”.

ورداً على القرار، قال كلايف بالدوين، المستشار القانوني الأول في هيومن رايتس ووتش: “لا ينبغي للمملكة المتحدة أن تقود حملة المعايير المزدوجة في وصول الضحايا إلى العدالة… سيتعين على الحكومة المقبلة أن تقرر على الفور ما إذا كانت تدعم الدور الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في تحقيق المساءلة والدفاع عن سيادة القانون للجميع”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا