بعد أكثر من عام من الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين، حذرت إدارة بايدن إسرائيل من أنها بصدد أن تواجه عقوبة وقف نقل الأسلحة الأمريكية، إذا لم تتخذ إجراءات فورية للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.

جاء ذلك رسالة كتبها أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، ولويد أوستن، وزير الدفاع، تحث حكومة بنيامين نتنياهو على تخفيف المعاناة الإنسانية في المنطقة من خلال رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات في غضون 30 يومًا أو مواجهة “تداعيات” سياسية غير محددة.

أُرسلت الرسالة المكونة من أربع صفحات، والمؤرخة في 13 أكتوبر/تشرين الأول، إلى يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، ورون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية، وخرجت إلى النور بعد نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل باراك رافيد، الصحفي الإسرائيلي الذي يعمل لصالح أكسيوس، بعد تسريبها على ما يبدو.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر صحة الرسالة في إفادة صحفية يوم الثلاثاء.

وقالت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن الجماعات الإنسانية وجهت دعوات متكررة لزيادة تسليم الغذاء والدواء إلى غزة، لكن شحنات المساعدات إلى المنطقة المحاصرة هي حاليا عند أدنى مستوى لها منذ شهور.

وقال مسؤول إسرائيلي في واشنطن لرويترز إن إسرائيل تراجع الرسالة، وقال المسؤول “إن إسرائيل تأخذ هذه المسألة على محمل الجد وتعتزم معالجة المخاوف التي أثيرت في هذه الرسالة مع نظرائنا الأميركيين”.

وقال ميلر إن الجانب الأميركي كان ينوي أن تكون الرسالة اتصالا دبلوماسيًا خاصًا، مضيفًا أن توقيتها لم يتأثر بالانتخابات الرئاسية المقرر عقدها الشهر المقبل، والتي تشهد منافسة حادة في ولاية ميشيغان، حيث أعرب العديد من الناخبين العرب الأميركيين عن غضبهم إزاء دعم البيت الأبيض لسلوك إسرائيل في الحرب.

ويخشى الاستراتيجيون الديمقراطيون من أن يؤدي السخط بشأن غزة إلى خسارة كامالا هاريس، نائبة الرئيس ومرشحة الحزب، للولاية أمام دونالد ترامب في انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني.

عبرت إدارة بايدن في الرسالة من استيائها من التأخير في وصول المساعدات التي تمولها الولايات المتحدة عند نقاط العبور إلى غزة، وأضافت أن تدفق المساعدات إلى المنطقة التي دمرتها الحرب انخفض بنسبة تزيد عن 50% منذ وعدت إسرائيل في مارس/آذار الماضي بالسماح بتسليم المزيد من المساعدات.

وتقول الرسالة: “نحن قلقون بشكل خاص من أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية… تساهم في تدهور متسارع للظروف في غزة”.

وقال المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن الرسالة لم تكن تهدف إلى التهديد، بل “كانت تهدف ببساطة إلى تكرار الشعور بالإلحاح الذي نشعر به والجدية التي نشعر بها، بشأن الحاجة إلى زيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير”.

وبعد ارتفاع المساعدات بعد الاتصالات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مارس/آذار وأبريل/نيسان، انخفضت أحجام المساعدات التي تدخل القطاع في سبتمبر/أيلول إلى أدنى مستوى لها، كما كتب بلينكن وأوستن في رسالتهما، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما بدأت إسرائيل هجومها العسكري الضخم، والمستمر حتى الآن، على غزة.

يتعين على إسرائيل، بدءاً من الآن وفي غضون 30 يوماً، أن تتخذ خطوات محددة، بما في ذلك السماح بدخول ما لا يقل عن 350 شاحنة مساعدات يومياً وفرض فترات توقف إنسانية للأنشطة العسكرية الإسرائيلية.

وتضيف الرسالة: “إن الفشل في إظهار التزام مستدام بتنفيذ هذه التدابير والحفاظ عليها قد يكون له آثار على السياسة الأميركية بموجب المذكرة رقم 20 والقانون الأميركي ذي الصلة“.

تشير المذكرة رقم 20 إلى مذكرة أصدرها مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، والتي تسمح باتخاذ “خطوات مناسبة كرد فعل” إذا اعتبرت وزارة الخارجية أو البنتاغون أن دولة تتلقى مساعدات عسكرية أميركية لا تفي بالضمانات السابقة بالسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.

وتنص المذكرة على أن “مثل هذا الإصلاح قد يشمل إجراءات تتراوح بين تجديد الضمانات وتعليق أي عمليات نقل أخرى للمواد الدفاعية أو، حسب الاقتضاء، الخدمات الدفاعية“.

من جانبهم، دعا الجمهوريون في الكونغرس البيت الأبيض إلى إلغاء NSM-20 ووصفوه بأنه “زائد عن الحاجة” ورفضوه باعتباره يهدف إلى “تهدئة منتقدي المساعدات الأمنية لحليفتنا الحيوية إسرائيل”.

ومن بين التشريعات الأخرى ذات الصلة التي يمكن الاستعانة بها المادة 620I من قانون المساعدات الخارجية وقانون ليهي، والتي تمنع الحكومة الأمريكية من تقديم المساعدة العسكرية أو بيع الأسلحة للدول التي تقيد المساعدات الإنسانية أو تنتهك حقوق الإنسان.

ورفض ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية، الخوض في تفاصيل الأمر عندما سئل عن العواقب التي قد تواجهها إسرائيل لرفضها تلبية المطالب الأمريكية بزيادة وصول المساعدات.

وقال إن رسالة سابقة كتبها بلينكن في أبريل/نيسان أدت إلى زيادة تدفقات المساعدات الإنسانية. وأكد مسؤول إسرائيلي أن الرسالة الأخيرة قد وصلت لكنه لم يناقش التفاصيل، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.

وقال ميلر أيضا إن بلينكن شاهد لقطات تظهر فلسطينيًا واحدًا على الأقل يحترق حيًا بعد أن أشعلت غارة إسرائيلية النار في خيام خارج مستشفى في غزة، وقال “لقد شاهدنا جميعا هذا الفيديو، وكلنا نعلم أنه من المروع أن نرى الناس يحترقون حتى الموت. لقد أوضحنا مخاوفنا الجادة بشأن هذه المسألة بشكل مباشر مع حكومة إسرائيل“.

وقد وجهت الولايات المتحدة تحذيرات متكررة للسماح بزيادة المساعدات إلى غزة، لكن نتنياهو تجاهل في كثير من الأحيان مثل هذه المناشدات لتخفيف سلوكه في الحرب في غزة.

في الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن المستشفيات الثلاثة التي لا تزال تعمل في شمال غزة تواجه “نقصا حادا” في الوقود والأدوية والدم، في حين تتضاءل الإمدادات الغذائية.

وقال دوجاريك إن السلطات الإسرائيلية سهلت محاولة واحدة فقط من بين 54 محاولة للأمم المتحدة لإيصال المساعدات إلى شمال غزة هذا الشهر، وقد رفضت إسرائيل 85% من الطلبات، بينما تم إعاقة أو إلغاء بقية الطلبات لأسباب لوجستية أو أمنية.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا