منذ توقف التصعيد العسكري في مدينة الحديدة غربي اليمن تحول تركيز مليشيا الحوثي صوب محافظات البيضاء وإب والضالع ولحج، وحققوا انتصارات غير متوقعة، خصوصاً في مناطق “العود” بإب، و”الحشا” بالضالع، وفتحوا جبهة مهمة في “المسيمير” بلحج القريبة من قاعدة العند الاستراتيجية، ما شكل تهديداً حقيقياً لمكتسبات الشرعية والتحالف خلال السنوات الماضية.

تزامن ذلك مع انضمامات عكسية إلى صفوف الحوثيين تحدث للمرة الأولى، تمثلت في انضمام القيادي العسكري عبد الواحد الصيادي للحوثيين، ومن ثم تسليمهم منطقة العود في إب.

كما انضم الشيخ القبلي الشيخ أحمد ردهم الشليف، شيخ قبلية “عيال غفير” في نهم، وكذلك هرب قائد الشرطة العسكرية بمحور اليتمة في محافظة الجوف العقيد أحمد المجنحي وانضم للحوثيين رفقة عدد من أفراده على متن اثنتين من الأطقم العسكرية بعدتها وعتادها.

ويمضي الحوثيون في تطوير قدراتهم العسكرية، حيث كشفت المليشيا، الأسبوع الماضي، عن صاروخ باليستي جديد يعمل بالوقود الصلب بمدى 160 كيلومتراً وينفجر من الأعلى على ارتفاع 20 متراً، في حين يبلغ قطر دائرة الانفجار 350 متراً، ويتسم بقدرة تدميرية هائلة، حيث يبلغ عدد الشظايا التي ينفجر بها الصاروخ 14 ألف شظية، وفقاً للمتحدث العسكري التابع لها.

وقد لا تبدو هذه المتغيرات لافتة بشكل كبير في المشهد؛ إذ إن المعارك تحتمل طابع الكر والفر، لكن توقيت هذا التراجع الذي أصاب قوات الشرعية والتحالف قد يشكل نقطة تحول في مسار الصراع، وفقاً لمراقبين.

واتسمت الجبهات التي كسبها الحوثيون بدعم محدود من قبل التحالف منذ بداية الحرب، لأسباب غير معروفة، لكن إشعال الحوثيين لجبهة المسيمير القريبة من قاعدة العند يؤكد أن الحوثي يبادر ويرسم خطط الهجوم بإحكام، كما يرى المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني.

موقف هجومي حوثي
وأضاف المحلل السياسي الهدياني: “تحول الحوثيون إلى موقف الهجوم وبضراوة في إب والضالع والبيضاء، وهم من يختار زمان ومكان الحرب، فيما الشرعية والتحالف في حالة دفاع دائم، حيث يكرس الحوثيون قوتهم لتحقيق انتصارات ميدانية تنزع من الشرعية انتصاراتها السياسية الكبيرة في سيئون حضرموت وسط تراخٍ وغباء غير مبررين”.

واعتبر الهدياني في منشور له على “فيسبوك” أن سقوط جبال المحافظات الوسطى (جبل العود، ناصة مريس، حلموس ذي ناعم) أخطاء استراتيجية تفقد الشرعية المرتفعات الحاكمة، وأن سيطرة الحوثي عليها ستطيل الحرب.

وأوضح أن وصول قوات الحوثي إلى حدود التشطير السابقة (بين الشمال والجنوب) “إغراء مفخخ يفتح باباً للنزيف الكبير من مال ورجال على أبناء المحافظات الجنوبية، ومع تفكك الجبهات لن يتوقف الحوثي إلا في العند ومعاشيق (قصر الرئاسة في عدن) كما فعل في 2015”.

 

خذلان وأجندة
وتساءل الهدياني عن أسباب خذلان التحالف للجيش والمقاومة في إب والبيضاء والضالع، وعمّا إذا كان هناك صفقة ترعاها أطراف متآمرة لاختراق المناطق المحررة في الضالع ويافع وأبين.

وقال: “يستفيد الحوثي من تفكك جبهات الشرعية وملحقاتها والتحالف وأطرافه، ويكسب الحوثي من تآكلهم وتصارعهم ومخططاتهم ضد بعضهم”، متابعاً: “نسي البائسون أن للحوثي أجندة إقليمية تتجاوز خطوط الطول العرض، ولا تعترف بالجهات الأربع، ومن ورائه طهران التي تعتقد أن سيطرتها على باب المندب أهم من حصولها على السلاح النووي”.

توهان وعدم معرفة
المحلل السياسي اليمني نبيل الشرجبي يرى أن “الأمر ليس مرتبطاً بامتلاك الحوثيين لزمام المبادرة أكثر من كونه توهاناً في الطرف الآخر وعدم معرفه ما هو الطريق أو السبل التي يمكن أن يسلكوها في التعامل مع الحوثي، هذا بالنسبة للشرعية”.

وأضاف في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أنه “وبالنسبة للتحالف هناك ما يشغلهم، السعودية فقط تريد التركيز على تحرير وتأمين جبهة صعدة وباقي الجبهات على حدودها، وغيرها من ملفات التوريث والعلاقات مع الغرب وإيران”.

وتابع الشرجبي: “أما الإمارات فتدرك انشغال السعودية، فتمارس أعمالاً تعقد كثيراً مشهد التحرير، وخاصة في إنشاء بؤر وجماعات خارجة عن إطار الشرعية لتعقيد الموقف على الشرعية والسعودية، ولمحاولة ابتزازهم لمصالح إماراتية”.

استراتيجيات طرفي الصراع
ويشير العميد اليمني داود الصغير إلى أن “السبب في تبدل تموقع الطرفين الرئيسين في الحرب يعود إلى نقطتين؛ الأولى حرص مليشيا الحوثي على تحقيق تقدم ميداني هو الأول منذ بدء الحرب؛ إذ إنها قبل تقدماتها الأخيرة لم تسجل استعادة لأي منطقة فقدتها، بالإضافة إلى انسداد الحل السياسي في الحديدة، ما يعني عودة مرتقبة للمعارك هناك في ظل وجود ثقل كبير للتحالف والشرعية؛ ومن ثم فهي تستبق أي خسائر ميدانية هناك، وتعمل على محاولة تعويضها بإطار الممكن وتشتيت طرف الشرعية والتحالف”.

وتابع الصغير حديثه لـ”الخليج أونلاين” قائلاً: “النقطة الثانية أن الاستراتيجية العسكرية للتحالف تركز على مناطق الساحل لتأمين الخط البحري والمناطق القريبة من الحدود السعودية، ومناطق الثروة، مثل صعدة وميدي والجوف، عدا ذلك فإنه لم يضع ثقله العسكري في المناطق التي لا تشكل أهمية بالنسبة للتحالف أو المجتمع الدولي وهو الذي لم يضع منطقة نصب عينيه منذ بداية الحرب إلا وتمكن منها”.

ويقول: “كما يمكن ملاحظة أن جبهات المناطق الوسطى مثل البيضاء ومريس وقعطبة والعدين وعتمة لم تحظَ بذلك الدعم الذي يقدم لبقية الجبهات، فضلاً عن منطقة حجور التي خذلها التحالف رغم أهميتها الاستراتيجية لليمنيين في المعركة لكنها لا تشكل أولوية لأجندة التحالف لذلك تركت لقمة سائغة للحوثيين”.

 

المصدر: الخليج أون لاين