العدسة – هادي أحمد
مع دخول حملة مكافحة الفساد التي ينفذها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يومها الخامس، رجح مراقبون أن يكون السيناريو الأقرب أو الدافع الرئيسي وراء الحملة – التي وصفها البعض بمذبحة الأمراء- هو محاولة الأمير الشاب (32 عاما) السطو على أموال الأمراء والوزراء ورجال الأعمال بالمملكة والذين وصفهم البعض بـ”القطط السمان” .
و”القطط السمان” هو مصطلح سياسي يصف الطبقة الغنية والمترفة في المجتمع، وكان من أوائل من استخدم هذا المصطلح كاتب في صحيفة “نيويورك تايمز” كرمز “لعمق الفساد المالي في حملات انتخابية لتجار مترفين”.
ويري مراقبون أن ولي العهد يريد معالجة أزماته الاقتصادية الناجمة عن انخفاض سعر النفط عالميا، أو للإنفاق على المشاريع الضخمة التي يعتزم تنفيذها لإتمام عملية التحول الاقتصادي والتي تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، فضلا عن انزلاقه في حروب خارجية (كاليمن) مكلفة لم تؤت ثمارها رغم مرور أكثر من 3 سنوات على بدئها والأزمة القطرية .
وأفاد مسؤولون بوزارة المالية، الخميس الماضي قبل بدء الحملة بيومين، أن الحكومة السعودية تخطط لإرجاء الموعد المستهدف للتخلص من العجز الكبير في الموازنة, والناجم عن هبوط أسعار النفط إلى 2023 بدلا من 2020.
800 مليار دولار
ويتذرع بن سلمان بتورط هؤلاء المسؤولين البارزين في قضايا فساد؛ وبناء عليه يتم تحويل أرصدتهم المليارية بعد تجميدها إلى سيطرة الدولة .
ويدفع في اتجاه هذا السيناريو ما كشفته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية (الأربعاء 8 نوفمبر 2017 ) أن السلطات السعودية تسعى لمصادرة أرصدة وأموال تابعة للمحتجزين بتهم الفساد، قد تتجاوز قيمتها الـ 800 مليار دولار.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصدر وصفته بالمقرب من الحكومة “إن السلطات السعودية تعتزم مصادرة مبالغ تتراوح بين 2 و3 تريليون ريال (ما يعادل نحو 800 مليار دولار)، وأن كافة الأرصدة المصادرة من المعتقلين بتهمة الفساد ستصبح ملكا للدولة للسعودية”.
وذكرت الصحيفة في هذا السياق أن البنك المركزي السعودي جمد حسابات مصرفية للأشخاص المتهمين، لكنه لم يوقف عمل شركاتهم.
وحسب المعلومات المتوفرة لدى “وول ستريت جورنال”، فإن جزءا كبيرا من تلك الأرصدة المملوكة للمحتجزين من أمراء، ورجال أعمال بارزين ووزراء حاليين، يُحتفظ بها في الخارج، الأمر الذي سيعقّد محاولات إعادة الأموال إلى السعودية، لافتة إلى أن المملكة سيكون بمقدورها تجاوز صعوبات مالية تواجهها، حتى ولو استطاعت الحصول فقط على جزء يسير من هذه الأموال.
وأكدت أن الفترة الطويلة من أسعار النفط المتدنية أجبرت الحكومة السعودية على الاقتراض من السوق الدولية, والتوجه للسحب من احتياطياتها الدولية، التي راكمتها خلال فترات ازدهار أسعار النفط.
محمد بن سلمان
1200 حساب
وشهد يوم أمس (الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 ) عمليات مشابهة بتجميد أرصدة أخري، حيث نقلت وكالة رويترز عن مصرفيين ومحامين قولهم إن البنوك السعودية جمدت أكثر من 1200 حساب مصرفي لأفراد وشركات في المملكة في إطار حملة الحكومة على الفساد.
وذكر المصدر المصرفي لرويترز أن البنك المركزي السعودي يوسع منذ يوم الأحد قائمة الحسابات التي يلزم البنوك بتجميدها، على أساس كل ساعة تقريبا .
ومن بين كبار رجال الأعمال الموقوفين قيد التحقيق الملياردير الأمير الوليد بن طلال رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة، وناصر بن عقيل الطيار مؤسس مجموعة الطيار للسفر، وعمرو الدباغ رئيس مجلس إدارة شركة البحر الأحمر العالمية للبناء.
كشفت شبكة “بلومبرج” الأمريكية، أمس الثلاثاء أيضا عن أن السلطات السعودية توسعت في إجراءات مكافحة الفساد، لتشمل تجميد حسابات بنكية لمئات الأشخاص، غير الذين تم توقيفهم مسبقًا من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال يوم السبت الماضي.
ونقلت الشبكة عن مصادر وصفتها بـ”المطلعة” أن الإجراءات الصارمة والمفاجئة تخطت الموقوفين الحاليين إلى ما هو أبعد من ذلك، وأن أوامر صدرت من مؤسسة النقد العربي السعودي للبنوك، بتجميد حسابات العشرات من الأشخاص، وأن المؤسسة أرسلت قائمة بمئات الأسماء، وطالبت البنوك بتجميد أرصدتهم.
الوليد بن طلال
انضمام بن نايف
كما شهد اليوم الأربعاء دخول ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف ، لأول مرة في قائمة الشخصيات التي طالها التجميد، منذ بدء الحملة، حيث جُمدت الحسابات البنكية التابعة لها وأفراد من أسرته.
وتحدثت تقارير أخرى أن محققين يتصلون هاتفيا ببعض الشخصيات للتحقق من مصادر أموالهم لكنهم ما زالوا طلقاء فيما يبدو، مضيفا أن عدد الأشخاص الذين تستهدفهم الحملة من المتوقع أن يزيد في نهاية المطاف إلى مئات.
وقالت مصادر مصرفية إن عدد الحسابات البنكية المحلية المجمدة نتيجة للحملة يزيد عن 1700 حساب وآخذ في الارتفاع، بعدما كان عددها 1200 حساب وفق المعلن يوم الثلاثاء، وفقا لرويترز.
وقالت المصادر إن عددا من الذين طالتهم أحدث عمليات احتجاز بينهم أشخاص تربطهم صلات بأسرة ولي العهد ووزير الدفاع الراحل، الأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي توفي عام 2011.
اضف تعليقا