أزعجت الخطوات المتسارعة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتوسيع قاعدة نفوذها العسكري في القارة السمراء، الدول الإفريقية، والتي لوّحت برفع شكوى إلى الاتحاد الإفريقي ضد أبو ظبي.
وكانت اتهمت عدد من الدول الإفريقية في قمتها الـ 30 بأديس أبابا، التي انتهت “الاثنين” 29 يناير، الإمارات بتقويض الوضع في الصومال، ومساندة أقاليم بهدف التمرد على رئيس البلاد نتيجة مواقفه من أزمة الخليج.
الغضب الإفريقي من الإمارات، فتح الباب لإعادة تسليط الضوء على معركة بسط النفوذ لـ”أولاد زايد” التي تقودها في القارة السمراء، وما الهدف من ذلك.
أرض الصومال
البداية من أرض الصومال؛ حيث أقرّ البرلمان في 12 فبراير الماضي، إقامة قاعدة عسكرية إماراتية في مدينة بربرة شمال غرب البلاد.
وتتميز مدينة بربرة بميناء استراتيجي مهم في منطقة القرن الإفريقي المتوترة؛ حيث يقع على ممر بحري يربط ما بين قناة السويس والبحر الأحمر والمحيط الهندي.
ويأتي هذا القرار بعدما أعلنت شركة “موانئ دبي” العالمية، 2016، أنها حصلت على امتياز “إدارة وتطوير” مرفأ بربرة لمدة ثلاثين عامًا، وباستثمارات تصل إلى 442 مليون دولار.
ووفق ما ورد في تقرير استخباراتي نشره موقع “تاكتيكال ريبورت” المتخصص في تقديم معلومات استخبارية حول الطاقة والدفاع في الشرق الأوسط، فإن ولي عهد الإمارات “محمد بن زايد”، كشف أمام قادة عسكريين إماراتيين رفيعي المستوى عن رغبته في “تعزيز دور البحرية الإماراتية” في تأمين ساحل اليمن حتى مضيق باب المندب، ضمن خطة استراتيجية لتوسيع الانتشار العسكري في مضيق هرمز وساحل اليمن وباب المندب وحتى سواحل القرن الإفريقي.
ليبيا
وسعيًا لفرض أجندتها الإقليمية وتأكيد حضورها العسكري في القرن الإفريقي، كشف موقع “IHS Jane” المتخصص في الشؤون العسكرية أن الإمارات أقامت قاعدة عسكرية في مدينة المرج شرقي ليبيا.
وفي 2016، قامت الإمارات بتطوير قاعدة “الكاظم”، ذات البنية التحتية المتواضعة، بإنشاء مبانٍ جديدة وإنشاءات في حظيرة الطائرات التي استقبلت طائرات هجوم خفيفة وأخرى من دون طيار.
واصلت دولة الإمارات نشْر قواعد عسكرية في ليبيا؛ حيث أقامت قاعدة عسكرية في نوفمبر الماضي، في مطار الخروبة العسكري بعد تطويره، وذلك دعمًا للجنرال المتفاعد “خليفة حفتر” قائد القوات التابعة لمجلس النواب المنعقد في طبرق.
وبحسب تقارير إعلامية فإن القاعدة العسكرية مزودة بمعدات حديثة، من بينها طائرات شيبيل كامكوبتر أس 100، وهي طائرات من دون طيار توجه قذائفها بالليزر، والتي لها دور كبير في معارك بنغازي”.
قاعدة عصب الإريترية
في أعقاب الخلافات الدبلوماسية التي أدت إلى قطع العلاقات بين الإمارات وجيبوتي، البلد الذي كانت تطمح أبو ظبي إلى الاستفادة منه عسكريًا واقتصاديًا لتأمين طموحاتها في القرن الإفريقي، توجهت الأنظار إلى جارتها اللدود إريتريا.
وعقدت الإمارات اتفاق شراكة من خلال عقد إيجار مدته 30 عامًا، تسلمت بموجبه ميناء عصب العميق ذا الموقع الاستراتيجي، ومطار عصب المجاور، حتى تنشئ هناك قاعدتها العسكرية.
وتعد قاعدة عصب أحد أهم خطوات الإمارات لإحكام قبضتها حول باب المندب، فضلًا عن خدمة طموحاتها في المنطقة، وقد لعبت دورًا في مساعدة القوات اليمنية وقوات التحالف العربي.
وبحسب مركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية والمخابراتية الأمنية (أمريكي)، فإن الإمارات تقوم بتطوير تلك القاعدة العسكرية لتضيف لها طائرات حديثة، ونشرت صورًا بالأقمار الصناعية تؤكد ذلك التطوير.
وبالإضافة إلى العتاد الجوي الذي ركزته الإمارات في قاعدة عصب، هناك أيضا وحدة برية كبيرة تضم على الأقل كتيبة مدرعة مجهزة بدبابات لوكلير القتالية فرنسية الصنع.
من أين يأتي الفرق؟!
أثار البذخ العسكري لدولة الإمارات، المزيد من الشكوك حول مصدر الأموال؛ حيث إن بعض المعلومات الخاصة بالإنفاق العسكري ولصفقات شراء الأسلحة يزيد عن الموازنة المالية للبلاد بأكملها، بفارق يقارب الـ 10 مليارات دولار.
فالإمارات تتربع على قائمة أكبر 15 دولة في العالم من حيث الإنفاق على السلاح، وبحسب المعلومات والأرقام الرسمية فإن الموازنة العامة لدولة الإمارات للعام 2015 بلغت 49.1 مليار درهم (13.1 مليار دولار)، أما الموازنة العسكرية للبلاد فتم تخصيص 14.3 مليار دولار لها، وذلك بحسب معهد مركز (GFP) المتخصص بدراسات التسلح، لكن معهد استكهولم الذي يرصد عمليات شراء الأسلحة الفعلية والإنفاق العسكري الفعلي لكل دولة يظهر أن دولة الامارات أنفقت في 2014 على التسلح والقطاع العسكري أكثر من 22.5 مليار دولار، وأنفقت في العام 2013 أكثر من 23.4 مليار دولار.
وأبرمت الإمارات صفقات بالمليارات لشراء مزيد من الأسلحة خلال معرض دبي للطيران في 2015؛ حيث اشترت نظام المراقبة والإنذار المبكر والتحكم المحمول جوًا من السويد بقيمة 1.27 مليار دولار.
كما اشترت وزارة الدفاع الإماراتية ثلاث طائرات مروحية من طراز”ايه دبليو 609″ من شركة “أوجستا ويست لاند” الإيطالية التي قالت إنه “سيتم تسليم الطائرات الثلاثة، اعتبارًا من عام 2019، مع خيارات شراء ثلاث طائرات أخرى في المستقبل”.
وأعلنت الجهة المنظمة لمعرض دبي للطيران أن إجمالي الصفقات التي تم إبرامها خلال المعرض بلغت 146 مليار درهم إماراتي (40 مليار دولار تقريباً)، فيما استحوذت السلطات الإماراتية وشركات إماراتية، من بينها شركتا طيران الإمارات وطيران الاتحاد على جزء من الصفقات.
اضف تعليقا