أصدرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أمس الاثنين (9 سبتمبر)، بيان صحفي تحدثت فيه لأول مرة عن اعتقال جهاز “مباحث أمن الدولة” السعودي لأحد قادتها ونجله منذ 5 شهور، ضمن حملة اعتقالات طالت العديد من أبناء الجالية الفلسطينية في المملكة، الأمر الذي يعد أولى خطوات حماس لكشف تفاصيل ما كانت تُخفيه من توتر في العلاقات مع المملكة العربية السعودية.

 

السعودية تعتقل 56 عنصرًا من أبناء حماس منذ أكثر من 6 أشهر

طالبت حركة “حماس”، السلطات السعودية بالإفراج عن، محمد الخضري، أحد مسؤولي الحركة الذي اعتقل قبل أشهر، واصفة اعتقاله بالخطوة الغريبة والمستهجنة، وقالت الحركة في بيانها، “أقدم جهاز مباحث أمن الدولة السعودي، يوم الخميس 4 أبريل 2019 على اعتقال الأخ د. محمد صالح الخضري (أبو هاني)، المقيم في جدة منذ نحو ثلاثة عقود، في خطوة غريبة ومستهجنة”.

وأشار البيان إلى أن الخضري “كان مسؤولًا عن إدارة العلاقة مع المملكة العربية السعودية على مدى عقدين من الزمان، كما تقلد مواقع قيادية عليا في الحركة، ولم يشفع له سنه، الذي بلغ 81 عامًا، ولا وضعه الصحي- حيث يعاني من مرض عضال- ولا مكانته العلمية، كونه أحد أبرز الأطباء الاستشاريين في مجال الأنف والأذن والحنجرة، ولا مكانته النضالية، التي عرف فيها بخدماته الجليلة التي قدمها للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، داخل فلسطين وخارجها”.

وشددت “حماس” على أن “الأمر لم يقتصر على اعتقاله، وإنما تم اعتقال نجله الأكبر د. هاني، بدون أي مبرر، ضمن حملة طالت العديد من أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في السعودية”، وتابع البيان، “إن حركة حماس، إذ التزمت الصمت على مدى خمسة شهور ونيف، لإفساح المجال أمام الاتصالات الدبلوماسية، ومساعي الوسطاء، لكنها لم تسفر عن أي نتائج حتى الآن؛ لذا تجد الحركة نفسها مضطرة للإعلان عن ذلك، مطالبة السلطات السعودية، بإطلاق سراح الأخ الخضري ونجله، والمعتقلين الفلسطينيين كافة”.

صرح الوزير الفلسطيني السابق والقيادي في حركة “حماس”، وصفي قبها، “إن السلطات السعودية تعتقل منذ أكثر من 6 أشهر 56 عنصرًا من أبناء حماس كانوا مقيمين داخل المملكة ولا يزال مصيرهم مجهولاً، وحتى هذه اللحظة فشلت كل الاتصالات والوساطات في تجاوز هذا الملف والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين”.

 

صحيفة “مكة” تدرج مؤسس حماس وكبار قادتها ضمن قائمة للشخصيات الإرهابية

ومنذ عامين، وتحديدًا بعد وصف ترامب “حماس” من داخل السعودية بأنها “إرهابية”، بدأت الأخيرة عبر مسؤوليها ومحلليها وإعلامييها وناشطيها بالهجوم على الحركة والمقاومة في غزة، في حين بدأت سلطاتها الأمنية بالتحرك على الأرض بفرض أكبر حصار على الجالية الفلسطينية في المملكة، وخاصة أنصار الحركة، إذ نشرت صحيفة “مكة” السعودية في 10 مايو الماضي، مقالًا أدرجت فيه العديد من قيادات “حماس” على قائمة الإرهاب،

أثار المقال موجة غضب عارمة مما جعل الصحيفة مضطرة لحذفه من موقعها ومن حسابها على “تويتر”، إذ أنه بحسب المقال المحذوف، فإن هناك 40 شخصية على علاقة بالإخوان المسلمين دعموا الإرهاب، ومن بينهم مؤسس حركة “حماس”، الشيخ أحمد ياسين، والقيادي بالحركة عبد العزيز الرنتيسي، ومؤسس حركة الإخوان الشيخ حسن البنا، والشيخان يوسف القرضاوي وسيد قطب.

 

المركز الأورومتوسطي يعلن استهداف الفلسطنيين بصفة عامة

كشف المرصد الأورومتوسطي -وهو هيئة حقوقية دولية مقرها جنيف- عن اعتقال السلطات السعودية عشرات الفلسطينيين، وقال إنه لا يستطيع تحديد رقم دقيق لعددهم، غير أنه أحصى ستين شخصًا، وأشار إلى تقديرات تفيد بأن الرقم يفوق ذلك بكثير، وأضاف أنه استطاع توثيق شهادات من 11 عائلة فلسطينية تعرض أبناؤها للاعتقال أو الإخفاء القسري خلال الأشهر الأخيرة.

تم الاعتقال أثناء إقامتهم أو زيارتهم للمملكة وبينهم طلبة ومقيمون وأكاديميون ورجال أعمال، إذ تم عزلهم عن العالم الخارجي دون لوائح اتهام محددة أو عرض على جهة الاختصاص (النيابة العامة) ولم يُسمح لهم بالاتصال مع ذويهم أو التواصل مع محاميهم، حيث أشار المرصد إلى أن عائلة المهندس  (A5) -رمز تعبيري- الذي يقطن إحدى مدن الضفة الغربية المحتلة هي واحدة من تلك العائلات التي فقدت الاتصال مع نجلها مطلع الشهر الماضي خلال مراجعته دائرة الجوازات بالعاصمة الرياض.

ووفق إفادة العائلة فإنه تم منعها وأصدقاء نجلها الذي يعمل بإحدى الشركات السعودية من السؤال أو الاستفسار عن مصيره أو مكان احتجازه، إذ قالت زوجة A5))” إنّ أشد ما يؤلمني هو عدم معرفة أي شيء عن زوجي، أحي هو أم ميت، معافى أم يتعرض للتعذيب، إن هذا الأمر زاد أوجاع أطفالي وكذلك والديه وأشقائه وشقيقاته”.

وذكر المرصد الأورومتوسطي أن فلسطينيا آخر يرمز له  (B7) نموذج آخر لعمليات الإخفاء القسري بالسعودية، إذ فقدت عائلته الاتصال معه في يوليو الماضي، ومنذ ذلك الوقت لا تعرف شيئا عنه رغم المناشدات المتكررة للسلطات بالكشف عن مصير نجلها أو مكان احتجازه، فبحسب إفادة العائلة فإن نجلها أسير سابق بالسجون الإسرائيلية، ومُبعد بشكل قسري إلى الأردن حيث استكمل تعليمه الجامعي وتزوج هناك ومن ثم انتقل إلى العمل بإحدى الشركات في السعودية.

وبيّن الأورومتوسطي أن السلطات السعودية اعتقلت رجل أعمال فلسطينيًا مقيمًا في جدة منذ عقود ويبلغ من العمر ستين عامًا في يوليو الماضي، حيث نقل المرصد الحقوقي الدولي عن أحد أبنائه قوله إن السلطات السعودية صادرت أمواله وطالبت أفراد العائلة بالصمت، ومنعتهم من مغادرة أراضي المملكة خشية فضح عملية اعتقال والدهم.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنه رصد أيضًا عمليات احتجاز لحجاج من أصول فلسطينية ويحملون جنسيات عربية خلال أدائهم فريضة الحج هذا العام، لكن عائلاتهم لا تزال تتكتم على ظروف احتجازهم على أمل إنهاء كابوس إخفائهم القسري والعودة من جديد لحياتهم الطبيعية، كما دعا المرصد الأورومتوسطي، في نهاية التقرير، السلطات السعودية للكشف الفوري عن عشرات الفلسطينيين المعتقلين بالمملكة والذين تعرضوا لإخفاء قسري دون تهم أو مخالفات.

 

فيلم وثائقي يكشف عمق العلاقات بين السعودية وحركة حماس

بث التلفزيون “العربي” تحقيقًا وثائقيًا، مساء أمس، يتحدث عن علاقة حركة “حماس”، بالنظام السعودي، حمل عنوان “حماس في بلاد الحرمين”،  إذ تحدث الفيلم عن نشأة “حماس” في السعودية، بتأسيس من رجل الأعمال الفلسطيني السعودي خيري حافظ الآغا، الذي نعته حركة “حماس” معتبرة إياه من مؤسسي الرعيل الأول، الذين عملوا بالخفاء لعقود في السعودية، إلى حين وفاته في العام 2014، كما تطرق الفيلم إلى انقلاب الرياض على حركة “حماس” في الحقبة الجديدة، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

عرض الفيلم جانبا من الفترات الذهبية في العلاقة بين الطرفين، وكيف قدمت الرياض بشكل رسمي، ملايين الدولارات إلى “حماس”، قبل أن تبدأ العلاقة بالتوتر بعد فشل اتفاق “مكة” عام 2007، إلا أن اللافت للنظر أن نجل خيري الآغا، هو أحد المعتقلين الحاليين في السعودية، في حملة طالت نحو 60 من كوادر حركة حماس ومناصريها، منذ فبراير الماضي.،

استشهد الفيلم بتصريحات سابقة لقيادات من “حماس”، في مقدمتهم رئيس المكتب السياسي السابق، خالد مشعل، الذي أكد أن السعودية كانت تدعم الحركة لسنوات طويلة، حيث تحدث مشعل عن أن السعودية تراجعت عن دعم الحركة بشكل تدريجي إلى حين القطيعة التامة بعد العام 2015.

عرض الفيلم تصريحات لأحد كوادر الحركة، ممن غادروا السعودية تهريبا إلى اليمن، ومنها إلى إسطنبول، بعد بدء حملة الاعتقالات، حيث قال أحد الذين غادروا من السعودية إلى إسطنبول، أن السلطات السعودية قامت باعتقال شقيقته من أجل إجباره على العودة، رغم أنها تحمل الجنسية السعودية.

تطرق الفيلم إلى مسؤول الحركة في السعودية، الطبيب محمد الخضري، الذي أعلنت حماس أنه معتقل منذ أبريل الماضي، بينما قال محللون وقيادات في “حماس” خلال الفيلم، إن علاقة جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمحمد بن سلمان لها علاقة باعتقال الفلسطينيين الذين يحمل عدد منهم الجنسية الأردنية، موضحين أن السعودية تعتقل عشرات الفلسطينيين لعلاقتهم بحماس، وتقديم بعضهم الدعم المالي لها، إضافة إلى اعتقال كفلاء سعوديين لهم، والاستيلاء على شركاتهم الخاصة.