في صفعة جديدة تتلقاها الإمارات بعد اتفاق العار المشين الذي عقدته مع إسرائيل، قررت وجوه بارزة في ما يعرف بمنتدي تعزيز السلم تقديم استقالتها من مجلس أمناء المجلس اعتراضاً على إصدار المنتدى بيانا باسمهم يؤيد فيه الخطوة الإماراتية، متهمين المجلس بالكذب واستغلال أسمائهم في تمرير صفقات الإمارات المشبوهة.
وفي 20 أغسطس الجاري، صدر بيان عن المنتدى بمناسبة اجتماعه الدوري، مرفقا بصور الـ18 عضوا، ويتضمن تثمينا لاتفاق التطبيع، وهو ما تبعه ردود أفعال متنوعة من أعضاء في مجلس أمناء المنتدي بين إعلان البعض تبرؤه من البيان ونفي علمهم به، وتقديم البعض الآخر لاستقالته اعتراضا علي الزج باسمهم في هكذا بيان يؤيد التطبيع.
استقالات بالجملة
ويعد من أبرز الشخصيات التي تقدمت باستقالتها اعتراضا على تأييد اتفاق العار، هو المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، وخطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، الذي تقدم باستقالته من عضوية مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم للمجتمعات المسلمة في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة.
وأوضح الشيخ حسين، أن سبب تقديم الاستقالة هو قيام المجلس المذكور بعقد اجتماعه العاشر عبر تقنية “زووم” في الخامس عشر من الشهر الجاري، وإصداره بيانا يشيد بقرار الإمارات الخاص بالتطبيع مع إسرائيل، مؤكدا أن هذا التطبيع هو “طعنة في ظهر شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، وخذلان للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”.
وكان المفتي حرم على الإماراتيين الصلاة في المسجد الأقصى، بموجب فتوى كان قد أصدرها عام 2012، وقال المفتي إنه أصدر فتوى عام 2012 “تسمح بزيارة القدس والأقصى ضمن معايير معينة، ليس من بينها التطبيع”.
وسارع أعضاء من المجلس لنفي صلتهم بالبيان التطبيعي، حيث قالت عائشة العدوية، التي تترأس “جمعية الكرامة” في الولايات المتحدة، في بيان عبر فيسبوك: “لفت انتباهي إدراج اسمي في بيان صادر عن منتدى تعزيز السلم يشيد بخطوات الإمارات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل”.
وأضافت العدوية: “لم تكن هناك مناقشات بالاجتماع حول فلسطين أو علاقة الإمارات بإسرائيل، ولم يكن هناك اتفاق على أي نوع من الدعم لصفقة الإمارات مع إسرائيل”، وتابعت: “ما زلت نصيرا قويا للشعب الفلسطيني وسعيه للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، ونتيجة هذا الخرق للثقة وانسجاما مع قيمي، أعلن استقالتي”، لينتهي بها الحال إلى الاستقالة من مجلس أمناء المنتدى.
فيما قال حمزة يوسف، رئيس جامعة الزيتونة بكاليفورنيا، وعضو المجلس، إنه “دائما مع شعب فلسطين المظلوم”، نافيا مشاركته أو تأييده لأعمال أو لاتفاقات تخالف ذلك.
موقف مماثل صدر تجاه بيان المنتدى من عبدالله المعتوق، المستشار بالديوان الأميري الكويتي، وعضو مجلس الأمناء في 21 أغسطس الجاري، وأكد المعتوق في بيان، أنه “لم يناقش اجتماع المنتدى أو يتداول أية مبادرات سياسية تجاه القضية الفلسطينية”، وأضاف: “أؤكد التزامي التام بالمواقف الثابتة والمبدئية للكويت تجاه القضية الفلسطينية”.
كما نقلت وسائل إعلام عربية، بيانا منسوبا إلى الشيخ أحمد هليل، إمام الحضرة الهاشمية بالأردن، عضو مجلس أمناء المنتدى، أوضح فيه أنه لم يطلع على بيان تثمين التطبيع ولم يقدم فيه رأيه، وأكد وهو أيضا قاضي القضاة الأسبق بالأردن، موقفه الداعم للقضية الفلسطينية.
رفض واسع
وقوبل اتفاق الإمارات التطبيعي بتنديد واسع علي مستويات رسمية وشعبية، حيث اعتبرته فصائل فلسطينية بارزة، مثل “حماس” و”فتح” و”الجهاد الإسلامي”، خيانة من الإمارات للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية.
وأصدرت الخارجية التركية بيانا تنتقد فيه بشدة اتفاق الاحتلال الإسرائيلي والإمارات على “تطبيع العلاقات”، معتبرة أن الأخيرة “خانت” بذلك القضية الفلسطينية من أجل “مصالحها الضيقة”.
وشدد البيان، على أن التاريخ، فضلا عن ضمائر شعوب المنطقة، “لن ينسى، ولن يغفر، أبدا، هذا السلوك المنافق للإمارات”، التي قدمت الفلسطينيين “قربانا” لحسابات “سريّة”.
من جانبه أعلن رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، رفض بلاده لكل “عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني”، وأضاف أن “الاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني هي خطوط حمراء بالنسبة للمغرب”.
وأردف: “التطبيع مع الكيان الصهيوني هو دفع وتحفيز له كي يزيد في انتهاكه لحقوق الشعب الفلسطيني والالتفاف عليها مشددا علي رفض كل عمليات التهويد والالتفاف على حقوق المقدسيين والفلسطينيين، وعلى عروبة وإسلامية المسجد الأقصى والقدس الشريف”.
ولفت النظر إلى أن “الأمة الإسلامية كلها معنية بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى باعتباره أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين”.
وفي السياق قالت منظمات حقوقية أميركية ومعها منظمات فلسطينية واسلامية، إن اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، برعاية الرئيس الاميركي دونالد ترمب، لا يخدم القضية الفلسطينية، ويعزز موقف حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو.
وأكدت المنظمات في بيان صحفي أن الادعاء بأن هذا الاتفاق التطبيعي جاء من أجل وقف الضم، غير دقيق ومجرد حيلة وتحايل على الشعب الفلسطيني، والدليل على ذلك أن إسرائيل أعلنت أنها لن توقف الضم بل تعلقه مؤقتا، وهي مستمرة في بناء المستوطنات والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
ووقع على البيان كل من: مركز دالاس للعدالة والسلام في الشرق الاوسط، وائتلاف دالاس الفلسطيني، والتجمع الديمقراطي بتكساس، والجالية الأمريكية الفلسطينية، ولجنة دالاس المناهضة للحرب، وتحالف دالاس ضد القمع العنصري والسياسي، وحزب الاشتراكية والتحرير، وتحالف متروبليكس فلسطين، والمسلمون الاميركيون من أجل فلسطين – تكساس، والتحالف الفلسطيني المسيحي من أجل السلام، وائتلاف المنظمات الفلسطينية الأمريكية.
ويأتي إعلان اتفاق التطبيع بين تل أبيب وأبوظبي، تتويجا لسلسلة طويلة من التعاون، والتنسيق، والتواصل، وتبادل الزيارات بين البلدين.
اقرأ أيضًا: تحليل: بعد الإمارات من التالي في قائمة التطبيع مع إسرائيل؟
اضف تعليقا