العدسة – بشير أبو معلا
في التاسع عشر من نوفمبر الماضي، وبضغط من المملكة العربية السعودية، اتهمت جامعة الدول العربية جماعة حزب الله اللبناني بـ”الإرهاب”، في خطوة اعتبرها “يارون فريدمان”، المحلل الإسرائيلي المختص في شأن العالم العربي، والمحاضر بشأن جماعات الإسلام السياسي في مركز حيفا للدراسات، خطوة أولية تهدف إلى إنشاء تحالف إقليمي في مواجهة الحزب.
وفي مقال بموقع “jforum” الناطقة بالفرنسية، فند المحلل الإسرائيلي تحركات السعودية ضد الحزب اللبناني، وتساءل هل ستنجح المملكة التي تعتبر أقوى دولة عربية اليوم، في المعركة السنية التي تقودها ضد النفوذ الإيراني بالشرق الأوسط، والتي تخدم في المقام الأول إسرائيل؟.
ورأى أنه بمجرد الانتهاء من القضاء على “الوحش الأسود” في إشارة إلى “تنظيم الدولة”، سيصبح “الوحش الأصفر” الذي يتلقى أوامر مباشرة من طهران، أكبر وأخطر منظمة إسلامية في العالم، وهذا أمر غير مقبول بالنسبة للسعوديين.
إعلان السعودية الحرب على “حزب الله”، ليس حبا في إسرائيل، ولكن كراهية لإيران، فلم يمر يوم خلال الشهور الأخيرة دون أن تضغط الصحافة السعودية على المنظمة اللبنانية وزعيمها حسن نصر الله، يضيف “فريدمان”، الذي أشار إلى أنه ليس لدى لبنان والسعودية حدود مشتركة، والتنظيم الشيعي يهدد إسرائيل وليس المملكة، فلماذا تصمم الرياض على تدمير هذه المنظمة اللبنانية؟.
ورأى الكاتب أن السعوديين لا علاقة لهم بالتهديد الذي يشكله حزب الله على إسرائيل، بل إن عداء السعوديين تجاه التنظيم الشيعي مرتبط بالخوف من توسعه في سوريا ولبنان.
وتابع: في عام 2015، كان النظام السوري على وشك الانهيار بفضل الدعم الخليجي لمنظمات المعارضة السنية، ولكن التدخل الروسي عكس الاتجاه، وبعد القضاء على المتمردين المعتدلين و”جبهة النصرة” في غرب سوريا، والتضييق الكبير على “داعش” شرق البلاد، ملأت الميليشيات الشيعية الإيرانية التي تساعد نظام الأسد بقيادة حزب الله، الفراغ الذي تركه جيش بشار الأسد، ما أثار قلق إسرائيل والسعوديين بالأخص، حول سيطرة الحزب على المنطقة بأسرها.
وحول استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، قال “فريدمان”: إن إعلان استقالة الحريري من السعودية فاجأ الشعب اللبناني، وما فاجأهم أكثر هو تصريحه الذي قال فيه: “جميع اللبنانيين يشعرون بالخطر، لكنهم يخشون التعبير عنه بصوت عال، حزب الله يسيطر على لبنان، ودور رئيس الوزراء والبرلمان لا شيء، وبعبارة أخرى، لبنان بلد تحت الاحتلال الإيراني”.
وبين أن محللين عربًا أشاروا إلى أن إعلان الحريري استقالته جاء بعد معلومات قدمتها السعودية لرئيس الوزراء اللبناني حول التدابير المضادة لحزب الله، والتي تعتزم المملكة اتخاذها في المستقبل القريب.
طبول الحرب تقرع بالفعل
ويؤكد “فريدمان” أن “الوحش الأسود” على وشك أن يختفي من الخريطة، والمملكة العربية السعودية وحلفاؤها يستعدون الآن للحرب ضد “الوحش الأصفر”.
وبالنسبة لموقف واشنطن، قال: أصبح من السهل احتشاد السعودية إلى دونالد ترامب، حيث إن الرئيس الأمريكي مصمم على محاربة إيران، كما أن الولايات المتحدة لديها حساب تسوية مع المنظمة الشيعية؛ فلم تنس أمريكا وكذلك فرنسا هجوم حزب الله عام 1983 على مشاة البحرية الأمريكية في بيروت الذي أسفر عن مقتل 241 جنديا أمريكيا و 58 جنديا فرنسيا.
هل إقامة ائتلاف مناهض لحزب الله أمر ممكن؟
ثامر آل السبهان، وزير الشؤون الخليجية، شدد مؤخرا على أهمية إقامة تحالف ضد حزب الله، مثل التحالف ضد الحوثيين، يشير “فريدمان”، الذي رأى أن التوقيت يبدو مناسبا لذلك، لأن حزب الله لا يزال متزامنا في الحرب في سوريا، وينبغي أن يقاتل على جبهات عدة، وربما تكون الفكرة على جدول أعمال المحادثات بين السعودية والولايات المتحدة والدول السنية.
وأكد أنه جغرافيا، لبنان لديه حدود مع سوريا في كل مكان باستثناء الجنوب، حيث يوجد في دولة الأرز حدود مع إسرائيل، وبما أن بعض الدول التي ينبغي أن تكون جزءا من الائتلاف ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فإنها ربما تفضل الهجوم عن طريق البحر، لكن هذه ليست عملية معقدة وصعبة فحسب، بل يمكن أن تلقى معارضة روسية.
وتابع “بالإضافة إلى ذلك، ستدفع إسرائيل الثمن الأكبر لهذه الحرب، لأن حزب الله ربما يرد بضربة قوية ضد إسرائيل، فزعيم الحزب حسن نصر الله، صرح في وسائل الإعلام أن اللبنانيين ليس لديهم ما يخشونه، وأن السلام سيبقى في لبنان.
كما أنه في ضوء تعليق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي، بالقول إنه ضد أي حرب في لبنان، يجعل إنشاء هذا الائتلاف موضع شك؛ فمصر شريك رئيسي للسعودية، لذلك على السعوديين حتى تجاوز ذلك وتشكيل هذا التحالف، الرضا بالحرب التقليدية التي تفوقوا فيها حتى الآن “الحرب الاقتصادية”.
اضف تعليقا