العدسة_ غراس غزوان
تحول أكبر فنادق المملكة رفاهية إلى سجن كبير لأبناء عمومة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتحولت مظاهر الحياة الكريمة إلى حالة من البؤس الذي لم يتصوره أكثر المتشائمين بينهم أن يصل إلى هذا الحد.
الأنباء الواردة من داخل هذا السجن الملقب بـ “الأفخم في العالم” تشير إلى تنفيذ “بن سلمان” لعمليات تعذيب وحشية ضد بعض الأمراء بحسب ما أعلن عنه موقع “ميدل إيست آي” البريطاني.
تعذيب الأمراء
ففي تقرير خاص للكاتب البريطاني الشهير “ديفيد هيرست” والمعروف بقربه من دوائر صنع القرار في الوطن العربي أشار إلى تعرض بعض كبار الشخصيات للتعذيب والضرب بشكل مبرح أثناء عملية اعتقالهم أو التحقيقات التي جاءت لاحقا.
وبحسب “هيرست” فقد احتاج بعض الذين تعرضوا للتعذيب إلى النقل للمستشفى لعلاجهم بعد إصابتهم إصابات شديدة، موضحا أن الإصابات جميعها بعيدة عن الوجه حتى إذا ما ظهر أحدهم للعلن في وقت لاحق، لا تظهر عليه أي علامات جسدية تدل على تعرضهم للتعذيب.
وفي 4 فبراير الحالي جرى اعتقال العشرات من أفراد الأسرة المالكة ورجال الأعمال والاقتصاد ووزراء سابقين، بعد أسابيع من حملة أخرى طالت علماء دين ومفكرين وأدباء، أشرف على تنفيذها ولي العهد الجديد محمد بن سلمان.
وكشف الموقع عن أن عمليات التعذيب كان الهدف منها إجبار بعض الأمراء على الكشف عن تفاصيل حساباتهم المصرفية.
وكان تقرير لوكالة “رويترز” أشار إلى تجميد حسابات تابعة لولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف الذي لا يزال قيد الإقامة الجبرية، فيما ذكرت مصادر مصرفية للوكالة أن عدد الحسابات البنكية المحلية المجمدة نتيجة للحملة يزيد عن 1700 حساب وآخذ في الارتفاع، بعدما كان عددها 1200 حساب، وفق ما أعلن عنه الثلاثاء 7 نوفمبر.
” محمد بن نايف “
” الوليد بن طلال “
” متعب بن عبد الله “
النزعة القبلية
الأوضاع تشير إلى أن الأحداث الأخيرة غيرت الصورة المعروفة عن الأسرة المالكة بتماسكها ووقوفها جنبا إلى جنب وفق الأعراف التي قامت عليها المملكة العربية السعودية منذ عشرات السنين.
كما أن هذه الأحداث رسمت صورة مهشمة للعائلة المالكة، وأعادت للأذهان صورة مشابهة في ستينيات القرن الماضي، عندما أطاح الملك فيصل بشقيقه الملك سعود من الحكم في عام 1964.
وهنا يبرز سؤال حول الطبيعة القبلية والبدوية لأبناء آل سعود، ففي العرف البدوي يقع ما فعله ولي العهد ضمن عمليات الإهانة والإذلال، وهو ما لا يمكن أن يقبله أو يغفره أبناء عمومته، وفي ظل هذه الثقافة البدوية هل سيتسامح كل هؤلاء مع من داس على أعرافهم وأهانهم؟ .
تلك الأعراف تعتبر أيضا عملية تجميد الأصول والأموال طعنًا في الشرف، وهو ما يتطلب من أفراد الأسرة المتبقين أن يثأروا لهم وفق تلك الأعراف.
وهنا تحضر صورة ثالثة عندما أقدم الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود على اغتيال عمه الملك فيصل بن عبد العزيز في يونيو 1975، والتي رويت حولها قصص كثيرة؛ من بينها أن الأمير الموتور اغتال الملك في محاولة لقلب نظام الحكم، بسبب علاقة القرابة التي تربطه بآل رشيد، الذين كانوا يحكمون نجدا قبل أن تزيحهم الدولة السعودية الثالثة.
محللون متخصصون في الشأن الخليجي قالوا في تقرير آخر لموقع “ميدل إيست آي“: إن “بن سلمان” بعملية التطهير الأخيرة قد وجه أسلحته إلى الدعائم التقليدية للدولة السعودية بضرب أسس وحدة العائلة المالكة والنخبة الحاكمة.
وبما أن بناء المملكة قائم على ثلاثة دعائم أساسية هي وحدة العائلة “آل سعود”، والهوية الإسلامية للدولة، والاقتصاد المحلي المزدهر، فإن خطوات “بن سلمان” خلال الشهور الثلاث الأخيرة تسير باتجاه معاكس لتلك الدعائم وتعمل على هدمها، وتزيد من خطورة انهيار المملكة.
وكما استخدمت المملكة سياسة الفوضى في معالجتها للملفات الخارجية، كما فعلت في اليمن والعراق وسوريا، يبدو أنها آخذة في استخدام نفس السياسة في معالجة الملفات الداخلية، ما يجعل توقع ردة الفعل من الصعوبة بمكان أن يتوقعها أحد.
” محمد بن سلمان “
“بن سلمان” يستعين بـ “بلاك ووتر”
ومع تزايد الفجوة بين ولي العهد وأغلب الأسرة المالكة يزداد عند “بن سلمان” فقدان الثقة في من حوله ليتوقع “ميدل إيست آي” أن عددا كبيرا من رفاق “بن سلمان” الآن يتساءلون كم أمامهم من الوقت حتى ينقلب عليهم الأمير الطموح؟.
وتشير المعلومات الأخيرة إلى توافق آخر مع ما نشره الصحفي الإسرائيلي سيمون آران حول اتخاذ “بن سلمان” إجراءات أمنية مشددة، واستعانته بمرتزقة “بلاك ووتر” في تنفيذ عمليات اعتقال الأمراء.
وأوضح “آران” في تغريدات له على حسابه بموقع “تويتر” أن “تكليف بلاك ووتر توفير تلك الاحتياجات اليومية بدلاً من رجال الأمن السعوديين، هدفه تفادي أعمال انتقامية ونزاعات طائفية وقبلية”.
ويتوافق ما ذكره هذا الصحفي مع ما نشره حساب “العهد الجديد” على “تويتر”، في وقت سابق، حين أشار إلى وجود مرتزقة وحراس شخصيين من هذه الشركة الأميركية حول ولي العهد محمد بن سلمان.
اضف تعليقا