بعد سبع سنوات عجاف يبدو أنه لم يعد أحد يتعامل بالجدية المطلوبة مع “عبد الفتاح السيسي” مغتصب السلطة الشرعية في مصر، ولوكان ذلك مفهوما بالنسبة للشعب المصري الذي يرى فيه رجلا تافها لا يفهم ما يقول أو هو لا يقول شيئا يفهم، فتلك معضلة أخرى إذ بلغ بمصر الابتلاء مبلغا لم يحدث في أي عصر ولا حتى في عهد “كافور الإخشيدي” صاحب “المتنبي”،

فمصر الحضارة الضاربة في التاريخ والعلم والمعرفة والأدب والفن وصل بها الحال إلى أن أصبح يسوسها شخص أبكم لهي أكبر مصيبة يمكن أن تحدث في أي عصر.

ولم يقتصر الأمر على الشعب المصري بل تعداه إلى بقية دول العالم فبات السيسي لا يلقى اهتماما من أحد، وإذا تكلم سخروا منه وربما ضحكوا وضربوا كفا بكف حتى يقول الصديق قبل العدو ليته سكت.

آخر النوادر التي خرج بها مؤخراً قوله أثناء تفقده “عناصر المنطقة الغربية العسكرية المحاذية للحدود الليبية”، بعد أن تورمت وجنتاه واحمر وجهه وتلعثم كالعادة: “إن أي تدخل مصري مباشر في ليبيا بات شرعيا”، مؤكدا أن “جاهزية القوات المصرية للقتال صارت أمرا ضرورياً”.

وأشار إلى أن مصر “تسعى لوضع حد للتدخلات الأجنبية في ليبيا”، موضحا أن هذه التدخلات “تغذي بؤر الإرهاب هناك”، مشددا على أن “مصر حريصة على التوصل إلى تسوية شاملة في ليبيا”، كما أنها حريصة “على سيادة ووحدة الأراضي الليبية”، وأضاف إن “سرت والجفرة خط أحمر”.

خلط عجيب

ما ذكره السيسي يبرهن على أنه يهذي كالعادة دون انتباه إلى التناقض والخلط الذي يحمله كلامه إذ تحدث عن تدخل مصري في ليبيا وصفه بأنه شرعي دون أن يوضح كيف أصبح كذلك.

وهل استند إلى قرارات دولية كإجراءات جديدة لترسيم الحدود مثلا أم وجد في وثائق أجداده ما يشير إلى ملكيته لأراض في القطر الليبي الشقيق؟

كما أنه لم يوضح معنى كلامه بأن جاهزية القوات المصرية للقتال صارت أمرا ضروريا هل يقصد أنها ليست كذلك الآن ويتنظر أن تصير في المستقبل وهل حاربت مصر إسرائيل منذ خمسين عاما ولقنتها درسا في الصمود والفداء؟

في حين أن قواتها ليست جاهزة منذ ذلك الوقت إلى الآن.

ثم أليس هذا تنبيها لإسرائيل بأن القوات المصرية غير جاهزة في الوقت الحالي؟

ألم ينتبه السيسي إلى أن كلامه يعدَ خيانة للقوات المصرية الصابرة عليه قبل أن تصبر على العدو؟

ثم كيف يفسر قوله بأن مصر تسعى لوضح حد للتدخلات الأجنبية في ليبيا في حين يعتزم هو التدخل فيها؟

كما أشار إلى أن التدخلات الخارجية تغذي الإرهاب في ليبيا وهو أول من يعلم أن كل إرهابيي العالم يعملون ضمن ميليشيات عميله “خليفة حفتر” ابتداءً من “مرتزقة الجنجويد” إلى “مرتزقة فاغنار” الروسية إلى قيادات داعش التي تمولها وتدربها السعودية والإمارات.

أما آخر كلامه فلا يمكن أن يفهم إلا في سياق الجنون المحض إذ قال “إن مصر حريصة على سيادة ووحدة الأراضي الليبية”، قبل أن يضيف إن “سرت والجفرة خط أحمر”، وهما جملتان متعارضتان حد الصراخ فكيف تكون هناك وحدة في الأراضي في حين يعتبر أن جزءً منها خطا أحمر لا يجب تجاوزه.

يبدو أن السيسي وصل حالة من التخبط تقارب الجنون ولم يعد يعي ما يقول كما لم يعد الشعب المصري وحده من يصبر على هذا الأخرق بل إن دول العالم بأسرها صارت تغض الطرف وتعتبر كلامه من قبيل الهذيان السخيف لذلك لم يرد عليه وربما لعلمهم بأنه لن يفعل شيئا لأنه أقل من أن يفعل، وقديما قال بشار بن برد:

هجوت جريرا فأعرض عني واستصغرني، ولو أجابني لكنت أشعر الناس.