تعد الإمارات من الدول المحورية في أي محاولة انقلابية تجرى في المنطقة العربية والإسلامية. ففي مصر، برزت الإمارات كإحدى الدول العربية السباقة إلى تأييد بل ودعم الانقلاب الذي قام به عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس مصري منتخب في تاريخ مصر، الرئيس الراحل محمد مرسي. حيث تولت أبوظبي حينها مهمة الترويج للانقلاب المصري في العواصم الأوروبية، عبر زيارات قام بها المسؤولون الإماراتيون إلى أوروبا وأمريكا لإقناع الحكومات بالتغاضي عن انقلاب السيسي.
وبجانب هذا الدعم السياسي، كان هناك دعمًا ماليًا، حيث أعلنت الإمارات إضافة إلى السعودية عن مساعدات للاقتصاد المصري، وحصلت القاهرة بموجبها من أبو ظبي على نحو 4.9 مليارات دولار لتنفيذ مشروعات، وذلك بعد قرض بملياري دولار قدمته الإمارات لمصر عقب الانقلاب على الرئيس مرسي.
كذلك، ظهرت أدلة بعد الانقلاب في مصر أكدت الدور الإماراتي في دعم حركة تمرد التي كانت شرارة الانقلاب على الشرعية في مصر، حيث نُشر تسريب لمكالمة بين عباس كامل، مدير مكتب السيسي، وصدقي صبحي، رئيس أركان الجيش قبل الانقلاب، ورد فيها حقيقة دور الإمارات في تمويل حركة تمرد وجهاز المخابرات الحربية.
وقال كامل موجّهًا حديثه لصبحي: “والنبي يا فندم هنحتاج بكرة 200 من حساب تمرد”، مضيفاً: “انت عارف الجزء بتاع الإمارات”. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الانقلاب على مرسي صورة لوزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد بين مؤسّسَي حركة تمرد محمود بدر ومحمد عبد العزيز.
دور إماراتي في انقلاب تركيا الفاشل
علاوة على هذا، كان للإمارات دور آخر في دعم المحاولة الانقلابية في تركيا عام 2016، والتي أفشلها الشعب التركي وحكومته المنتخبة. حيث اتهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو “دولة خليجية” بأنها صرفت نحو ثلاثة مليارات دولار لتمويل حركة فتح الله جولن، من أجل التخطيط للقيام بالانقلاب الفاشل. وفي ديسمبر 2019 أصدرت تركيا مذكرة توقيف بحق دحلان، بوصفه عميلًا للإمارات واتهمته بـ”تنظيم محاولة الانقلاب، بالتعاون مع هيكل الدولة الموازي، الذي أقامته منظمة جولن الإرهابية.
وقد كان واضحًا على الإعلام الإماراتي ليلة الانقلاب الفرحة العارمة به، حيث أعلنت قناة سكاي نيوز، التابعة للنظام الإماراتي، نجاح الانقلاب وراحت تهلل لنهاية الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، واحتمال قيام حرب أهلية في تركيا. كما نشرت القناة الإماراتية حينها عن ما وصفته بمصدر أمريكي أن أردوغان يطلب اللجوء لألمانيا، إلّا أنها اضطرت لحذف التغريدة عقب اتضاح فشل الانقلاب.
كما إنه من المعروف والملاحظ دعم الإمارات للانقلاب الليبي، الذي يقوده مجرم الحرب خليفة حفتر على الحكومة الشرعية في ليبيا. حيث تخرق الإمارات حظرًا أقره مجلس الأمن الدولي، في 2011، على تصدير السلاح إلى ليبيا، بدعمها لحفتر بأسلحة ثقيلة واستراتيجية تملك بعضها وتحصل على البعض الآخر من دول أخرى، في محاولة منها للإطاحة بالحكومات الليبية المعترف بها دوليًا.
مصلحة إماراتية من “انقلاب” تونس
من جانبه، نشر موقع Mondafrique الاستقاصي الفرنسي، مقالًا حمل عنوان “الإمارات أكبر الفائزين من الانقلاب في تونس”. وقال الموقع: “إنه بعد الإخفاقات في ليبيا لحليفها خليفة حفتر، ها هي دولة الإمارات بقيادة محمد بن زايد ترى نفوذها يتعزز في تونس مع الإغلاق القسري لمكاتب قناة الجزيرة القطرية”.
واعتبر الموقع أن “الأمر الذي أصدره الرئيس التونسي قيس سعيد بإغلاق مكتب قناة الجزيرة هو انتصار كبير لمحمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي. حيث إن الرئيس التونسي انتقم له من قناة الجزيرة”. وأضاف الموقع الفرنسي أن ما يقلق الإمارات هو أن الحدود التونسية الليبية تخضع الآن لسيطرة حكومة الوحدة الوطنية، بمساعدة خبراء أتراك. كما أن عددا كبيرًا من التونسيين الجنوبيين يتعاطف مع القوات الليبية بدافع كره حفتر.
ووفق الموقع، فإن هذا السبب دفع الإمارات للسعي منذ رحيل بن علي في 2011 إلى تعزيز مواقعها في تونس، حيث أصبح مستقبل ليبيا على المحك جزئيًا.
تهديد إماراتي لأمن الكويت
وبعد ما حدث في تونس من إجراءات تهدد الديمقراطية، زادت الأذرع الإماراتية من هجومها على الكويت، حيث روجت لادعاءات بأن الكويت ستكون التالية بعد تونس. حيث كتب، ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، في حسابه على تويتر: “ضربة…جديدة ..قوية… جاية لإخوان خليجيين”.
وأكد خلفان أن ما يقوله هو مبني على معلومات عن وجود خطة أعدت لاستهداف الاستقرار في الكويت، والنيل من الإخوان، من دون تقديم تفاصيل على مزاعمه. زاعمًا: “التهاون في ردعهم… تفريط في الاستقرار”. ومن جانبه، كتب حسين مشربك، رئيس دعم العمليات في مجموعة الإمارات دبي الوطني سابقًا: “استيقظنا اليوم في تونس، وغدًا بإذن الله في الكويت.. قولوا آمين”.
لكن المسؤول الإماراتي السابق اضطر لحذف التغريدة بسبب الانتقادات التي تعرض لها من قبل المواطنين الكويتيين. كذلك، كتب عدد كبير من المسؤولين والمغردين الإماراتيين تحت وسم #إخوان_الكويت، حيث أساؤوا للكويت ونظامها السياسي.
هذه الدعوات الإماراتية المشبوهة دفعت مواطنين كويتيين لدعوة الحكومة لوضع حد لمحاولات استهداف استقرار البلاد. منهم ناصر الدويلة، عضو مجلس الأمة السابق والناشط الحقوقي، الذي قال: “ننتظر بيان من الديوان الأميري يبين بشكل جلي رفض الكويت لما قاله مشربك، وتمسك الكويت بدستورها ونظام حكمها الديمقراطي الذي نظمته المبادئ التي قام عليها المجتمع الكويتي منذ نشأة الكويت”. وأضاف الدويلة: “فما قاله مشربك دعوة خطيرة للانقلاب على الشرعية الدستورية لا يجوز السكوت عنه بل أن تجاهله يُريب”.
ولا تزال الإمارات تبث سمومها من مكان لآخر، بشكل جعل الكثيرين يصفونها بأنها مستعمرة صهيونية تابعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1971.
اضف تعليقا