“الحمد لله الذي تفضل علينا بالحج، بروح بودع عمي سلمان وأسافر إن شاء الله، إن ما سافرت فاعلموا أني قتلت”.. كانت هذه آخر تغريدة يمكن التيقن من صحة نسبتها إلى الأمير عبدالعزيز، نجل الملك السعودي الراحل فهد، الذي نشر هذه الكلمات عبر حسابه الموثق على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر).
انتشرت التغريدة كالنار في الهشيم، وطرح المغردون التساؤل: من الذي يستهدف اغتيال الأمير؟ لم يكن الجواب صعبا، فالخط الذي تبناه ابن فهد، عبر تويتر، خلال الآونة الأخيرة، يشي بتوجه معارض لسياسات فريق الحكم الحالي بالمملكة، الذي يحيط بولي العهد، والمرشح بقوة لتولي العرش، محمد بن سلمان.
تغريدات ابن فهد، وتقارير الإعلام حول الخلافات المحتدمة في الأسرة الحاكمة، وحديث نشطاء التواصل حول سيل الاعتقالات غير المسبوق.. أمور دفعت المراقبين للتساؤل حول صلة هذا الفريق باحتمال الاغتيال المشار إليه في تغريدة ابن فهد.
إقامة جبرية
وسريعا، نشر حساب ابن فهد تغريدة لاحقة، يحمد الله فيها على استرجاع حسابه من “القرصنة”، ثم اختفى الرجل من وقتها، لينتشر خبر آخر، لا تقل قيمته أهمية عن تغريدة ابن فهد الأولى، وهو وضع نجل الملك السعودي الراحل قيد الإقامة الجبرية.
وكالعادة، لم يعلن أي مصدر رسمي بالمملكة نفيا أو إثباتا للخبر، لكن الأمير السعودي المنشق، فارس بن سعود، أكد، عبر حسابه على تويتر توقيف ابن فهد ووضعه رهن الإقامة الجبرية بعد تشديد الحراسة عليه.
وأشار فارس بن سعود إلى أن فريق محمد بن سلمان سحب كل أجهزة الاتصال من ابن فهد، محملا الملك سلمان بن عبدالعزيز شخصيا المسئولية عن حياته.
مجتهد يكشف المزيد
ظلت التساؤلات قائمة حتى كشف حساب “مجتهد”، المعروف بمعارضته لحكم آل سعود وكشفه لكواليس القصر الملكي، عن أن ابن فهد اعتقل من قصره في جدة يوم الأربعاء الماضي على يد قوة تابعة لابن سلمان.
وأكد مجتهد أن ابن فهد كتب تغريدته المحذوفة عقب مجيء قوة ابن سلمان إليه، ثم وضع بعدها تحت الإقامة الجبرية، وهو في مكان غير معروف حتى الآن.
قبضة أمنية حديدية
خطة ابن سلمان، بحسب “مجتهد”، مفادها أن لا تساهل مع المعارضين في آل سعود، ولا حصانة لهم من الاعتقال، حتى لو كانوا ممن تبقى من أبناء عبد العزيز. ويقول مجتهد إن “الإمارات وعرابها محمد بن زايد يقفون حول إقناع الفتى السعودي بهذا النهج التصادمي العنيف”.
تصريحات مجتهد يتسق معها حملة الهجوم الضاري الذي تبناه ابن فهد ضد ابن زايد، في سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه، خاصة أن الأخير يدعم تولي ابن سلمان للعرش بطريقة يراها العديد من أمراء آل سعود مخالفة لتقاليد وأعراف نقل السلطة تاريخيا بالمملكة.
وتتحدث تقارير إعلامية عن حالة المعارضة الآخذة في التشكل داخل آل سعود ضد “توريث” السلطة إلى ابن سلمان في حياة أبيه، والتي يتزعمها وزير الداخلية الأسبق، الأمير أحمد بن عبدالعزيز، ووزير الحرس الوطني، متعب بن عبدالله، وعدد من أمراء الأفرع “غير السلمانية” من العائلة بطبيعة الحال.
معارضة من الخارج
مؤخرا، بدأت تتشكل ملامح هوية معارضة خارجية رغم أن أغلب المراقبين يرجحون نجاح ابن سلمان في قمع أي توجه معارض لنقل السلطة، لكنهم يرون أن كبت المعارضين لا يعني نهاية جبهة المعارضة.
يأتي هذا في ظل مؤشرات على تشكل “أذرع” لهذه المعارضة القوية بالخارج، يتولى التعبير عنها بعض كبار الكتاب، ومنهم جمال خاشقجي.
وبعد سفر خاشقجي للولايات المتحدة اختارها كمنفى اختياري يطلق منه الدعوة إلى سياسات وأفكار مخالفة لما هو معتمد من قبل فريق ابن سلمان، وهو ما يرجح وقوف بعض أمراء آل سعود وراء دعمه.
ورغم إعلان صحيفة “الحياة” اللندنية قرارا، الاثنين (11 سبتمبر) بوقف نشر مقالات خاشقجي، بسبب تغريدات دافع فيها عن جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه أكد أنه لن يتوقف عن الكتابة، مبديا تفهمه لـ “الظرف الذي اضطر إدارة الصحيفة لوقفه”.
ويبقى السؤال المطروح الآن: هل تمثل حملة الاعتقالات بالمملكة مؤشرا على قوة ابن سلمان وسهولة طريقه نحو إعلانه ملكا ؟ أم على ضعفه إزاء المعارضة المتنامية داخل آل سعود لصعوده الصاروخي على سلم السلطة، بما واكبه من إقصاء لباقي أفرع العائلة الحاكمة ؟
اضف تعليقا