كتب- باسم الشجاعي:
على ما يبدو أن دولة قطر هي الفائز الوحيد في معركتها مع دول الحصار؛ “مصر والإمارات والسعودية والبحرين” المفروض عليها منذ أكثر من عام، حيث كان آخر جولاتها ما حدث أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ومحكمة العدل الدولية.
فقد قدم “عبيد سالم الزعابي”، المندوب الدائم للإمارات لدى الأمم المتحدة في جنيف مذكرة إلى اللجنة العامة لمجلس حقوق الإنسان، احتوت ردًا رسميًا على الطلبات التي تقدمت بها دولة قطر الأسبوع الماضي.
“الزعابي” طلب من المجلس إمهال دول الحصار الوقت لسلك طريق التفاوض والحل السلمي للأزمة، وهو ما يشير إلى تراجعها في مواقفها الدولية ضد قطر، وانتصار جديد للدوحة.
ويتزامن ذلك مع الوقت الذي يدرس مجلس حقوق الإنسان طلبين مقدمين من قطر بخصوص تعليق عضوية دول الحصار في المجلس.
ومن المقرر تشكيل لجنة خاصة لدراسة طلبات قطر وفحص الشكاوى من الناحية القانونية وفحص التوصيات السابقة بنفس الخصوص المقدمة من البرلمان الأوروبي.
جلسة قطر في مجلس الأمن
كيف انتصرت قطر؟
قبل الخوض في تفاصيل ما حدث، يجب العودة لبداية القصة التي بدأت في يونيو الماضي، حينما تقدمت قطر بدعوى أمام محكمة العدل الدولية، حمّلت الإمارات فيها مسؤولية أذى تكبدته عوائل قطرية، وحصول انتهاكات بسبب إجراءات الحصار الذي فُرض على البلاد.
وقالت الدوحة في نص الدعوى المقدمة للمحكمة الدولية: إن “الإمارات قادت هذه الإجراءات التي أدت إلى تأثير مدمِّر على حقوق الإنسان، بالنسبة للقطريين والمقيمين في قطر”.
وقدمت قطر طلبًا بالإجراءات المؤقتة، تطلب فيه من محكمة العدل الدولية اتخاذ إجراء فوري لحماية القطريين من أي ضرر مستقبلي لا يمكن إصلاحه.
وبعد أن قدمت قطر حججها أمام المحكمة في “26 يونيو”، خُصص اليوم الثاني من الجلسات للإمارات، إلا أن فريق الدفاع الإماراتي ظهر متناقضًا في دفاعه.
وتضمنت ادعاءات فريق الدفاع الإماراتي تناقضًا واضحًا بين فريق الدفاع نفسه؛ إذ أنكر الفريق طرد الحكومة الإماراتية القطريين.
هيئة دفاع الإمارات أمام مجلس الأمن
وجاء هذا الإنكار رغم نشر البيانات الرسمية على وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، إعطاء القطريين مهلة 14 يومًا أسوة بباقي دول الحصار للخروج من البلاد.
ومن القرارات التي أنكرها فريق الإمارات العقوبات التي تصل إلى السجن ما بين 3 – 15 عامًا، مع غرامة مالية لا تقل عن 500 ألف درهم إمارتي، لمجرد التعاطف مع دولة قطر؛ سواء كان بالكلمة أو التغريدة أو تسجيل الإعجاب عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وفق ما صرح به النائب العام في دولة الإمارات “حمد سيف الشامسي”، “الأربعاء” 7 يونيو 2017.
ومن ضمن التناقضات التي وقعت فيها الإمارات؛ ما ظهر في بيان وزارة خارجيتها، الذي صدر يوم “الخميس” الماضي، 5 يوليو؛ حيث قالت: إنَّ “الحصار جاء دعمًا للقرارات الصادرة من السعودية والبحرين”، وإنها لم تتخذ أي تدابير إدارية أو قانونية لإبعاد القطريين”.
فالإمارات لم تكن شريكة فحسب، بل قادت حصار قطر منذ الوهلة الأولى من خلال تصدر مسؤولين إماراتيين بارزين للمشهد بوسائل الإعلام، للتحريض على خطاب الكراهية ضد قطر.
وفي هذا الصدد يرى الدكتور “عبد الله بن عبد اللطيف المسلماني”، وكيل دولة قطر أمام محكمة العدل الدولية “سابقًا” في نزاعها مع البحرين، أن دفاع الإمارات أمام محكمة العدل الدولية عن تدابيرها القسرية والتمييزية التي اتخذتها ضد القطريين بأنه دفاع متهالك مليء بالثغرات، ومرافعة سيئة، ومحاولة إماراتية لتضليل الرأي العام بتقديم مبررات لا يمكن قبولها لا قانونًا ولا منطقًا، وخلط بين حقوق الأفراد وحقوق الدولة، وفشلت أبو ظبي في تقديم دفاع يثبت بشكل جاد حرصها على حماية الأفراد القطريين المقيمين على أراضيها فضلًا عن تجاوزاتها ضد قطر على مستوى التجارة الدولية وأنشطة الطيران المدني.
لماذا الإمارات فقط؟
للرد على هذا التساؤل نعود إلى المادة 22 من اتفاقية القضاء على التمييز العنصري، وهذه المادة أساسية في رفع الدعوى؛ حيث نصّت المادة على أنه في حالة أي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف بشأن تفسيرها أو تطبيقها وتتعذر تسويته بالمفاوضات أو الإجراءات المنصوص عليها صراحة في هذه الاتفاقية، يحال هذا النزاع، بناءً على طلب أي من أطرافه، إلى محكمة العدل الدولية للفصل فيه، ما لم يتفق المتنازعون على طريقة أخرى لتسويته.
لذلك فإن هذه المادة تعتبر استثناء من القاعدة العامة وهو موافقة الأطراف على التقاضي لمحكمة العدل الدولية.
كذلك فإن الإمارات قد وقعت على اتفاقية القضاء على التمييز العنصري دون أن يكون لديها تحفظات عليها، وبالتالي فهي مُلزمة بتطبيق بنودها.
أما بالنسبة للسعودية فإنها قد قامت بالتوقيع على المعاهدة عام 1997 غير أنها تحفظت على المادة 22.
وكذلك الحال بالنسبة للبحرين التي انضمّت للاتفاقية عام 1990.
الدوحة تحاصر أبو ظبي
وفي حال أدينت الإمارات، يتوقع خبراء وقانونيون أن تقر محكمة العدل الدولية بحسب قانونها عددًا من القرارات ثم تحيلها إلى مجلس الأمن لمتابعة تنفيذها.
وأبرز تلك القرارات رفع الحصار عن قطر، ودفع التعويضات للمتضررين، أو اتخاذ إجراءات دولية بحقها، منها حظر بيع الأسلحة، وتعليق أو إلغاء الاتفاقيات التجارية أو تجميد عضويتها في الأمم المتحدة.
وتعتبر أحكام محكمة العدل الدولية هي مبادئ قضائية تلتزم بها الدول بنص المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة.
ويبدو أن أبو ظبي تبحث عن مخرج يحفظ لها ماء الوجه، وذلك بحسب ما ذكر حساب “بدون ظل” والذي يعرّف نفسه أنه “ضابط في جهاز الأمن الإماراتي.
وكشف “الحساب” في تدوينة له على موقع “تويتر” عن مشاورات تجري داخل أروقة ديوان الرئاسة الإماراتي لإيجاد “مخرج يحفظ ماء الوجه” من أجل المصالحة مع دولة قطر.
اضف تعليقا