العدسة – باسم الشجاعي

على عكس ما يحاول الإماراتيون ترويج الصورة الحضارية لبلادهم، يوما بعد يوم يزال الستار عن الوجه الأسود لـ”أبناء زايد”، الذي يزداد قبحا، بسبب تورطهم في العديد من الأعمال المشبوهة.

وبات من الواضح أن الإمارات تتبن سياسات مالية تساعد على تهريب وغسيل الأموال، عادة ما تكون المخدرات وتجارة السلاح مصدرها الرئيسي، كما تشير دلائل إلى تورط أبو ظبي في دعم وتمويل تجارة البشر التي تشمل المهاجرين الأفارقة المارين في ليبيا.

وفي هذا الإطار، كشفت قناة “ABC” الأمريكية جزءا من الدور الذي تقوم به حكومة الإمارات، بتمويلها شركة دولية تقوم بعمليات غسيل الأموال استنزفت مئات الملايين من أستراليا.

مؤسسة “وول ستريت للصرافة”، هي واحدة من أكبر شركات تحويل الأموال في الشرق الأوسط، ومكتبها الرئيسي في دبي، تعد المركز الرئيسي لغسيل أموال عصابات المخدرات والجماعات الإرهابية في المنطقة.

وتقوم الشركة التي يديرها “الطاف خناني”، الذي يسجن حاليًا في ولاية فلوريدا الأمريكية، بنقل أموال دولية؛ من خلال عمليات تبادل العملات المتعددة، بحدود ما بين 14 مليار دولار و16 مليار دولار سنويا.

وتعمل في أستراليا، لعصابات “لون وولفز، وكومانشيرو بيكي”، فضلا عن شخصيات المافيا اللبنانية التي تعيش في غرب سيدني (لم يحددها التقرير).

كما كان “خناني”، ينقل المال نيابة عن الكارتيلات المكسيكية الكوكايين وجماعات الإرهاب، بما في ذلك القاعدة، ومنظمة إرهابية إجرامية يديرها “داود إبراهيم” ومقرها في الهند.

ومنذ عام 2008، كان خاناني يدير الشبكة من شركة الزرعوني للصرافة في دبي، وبعد أن تم ضبطه في بنما في سبتمبر 2015 من قِبل إدارة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أسرته وشركائه، وأغلقت السلطات في دبي بورصة الزرعوني.

ويبدو أن هذه الاتهامات المتكررة، تعني أن النظام المالي الإماراتي ليس يعاني من “ثغرات مالية”، بقدر ما هي “أدوات مقصودة” تهدف إلى جلب أكبر فائض مالي من العائدات، إلى جانب “هامش سلطة ونفوذ على كثير من المنظمات المشروعة وغير المشروعة، والتيارات السياسية والعسكرية في مناطق النزاعات”.

وهذه ليست المرة الأولى، فقد كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عام 2010، نقلا عن رسالة من السفير الأمريكي في أفغانستان آنذاك، “كارل إيكينبري”، إلى وزارة الخارجية الأمريكية، قال فيها إن “ملايين الدولارات كان يتم تهريبها أسبوعيا وشهريا وسنويا من أفغانستان إلى دبي في حقائب صغيرة”.

وقالت “الجارديان” أيضا في التقرير ذاته إن تحقيقا أمريكيا اكتشف تهريب مائة وتسعين مليون دولار خلال شهر يوليو 2009 إلى إمارة دبي، منها 75 مليون دولار هربت للإمارة في يوم واحد.

كما نشرت جريدة “فايننشال تايمز” البريطانية في وقت سابق، رسالة تكشف فتح السلطات السويسرية تحقيقا بخصوص أنشطة رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة الاستثمارات البترولية الدولية “آيبيك”، “خادم القبيسي”، وهي شركة مملوكة لحكومة أبوظبي، مشيرة إلى أن الاتهامات التي يواجهها الرجل هي غسيل الأموال والفساد والاحتيال، والضلوع في مؤامرة دولية لنهب صندوق الثروة الماليزي المعروف بـ(1MDB).

من الأموال للبشر

وبموازاة غسيل الأموال، كشفت تقارير صحفية أخرى تروط الإمارات في عمليات تهريب البشر، بليبيا، والاستفادة من عائدتها.

وبحسب موقع “العربي الجديد”، فإن دلائل تشير إلى تورط الإمارات في دعم وتمويل تجارة البشر التي تشمل المهاجرين الأفارقة المارين في ليبيا.

ونقل الموقع على لسان مسؤول رفيع المستوى بجهاز الهجرة غير الشرعية في ليبيا، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات التي أدلى بها، فإن “الإمارات ليست السلطات الوحيدة المتورطة في هذه التجارة، فهناك دول أخرى، لكن الأهداف تختلف، فمنها الحصول على العمالة الرخيصة عبر تسهيل وصول المهاجرين إلى دول أوروبية، ومنها سياسية كتمويل الإمارات وغيرها لهذه الأنشطة”.

وأشار المسؤول الليبي إلى أن التحقيقات مع المهاجرين بمراكز الإيواء تثبت أن قبيلة تعرف باسم الرشايدة في إرتيريا هي المسيطرة على هذه التجارة.

وتابع قائلًا: “الوثائق لدينا ومن بينها اتصالات هاتفية تم اعتراضها تثبت وقوف سلطة أبوظبي وراء تشجيع ودعم أسماء خطرة يعملون كمهربي بشر، من بينهم رجل يدعى “كحاس” من بلدة “عدي خالا”، وآخر يدعى “أبوحمدي”، يعيش في كسلا، وثالث اسمه “ودي تولدي”، وهو إثيوبي”.

وعن شكل التمويل والدعم الذي تقدمه الإمارات لهؤلاء المهربين، قال المسؤول: “من قبيل تزويدهم بسيارات النقل الصحراوية الحديثة التي قبض على الكثير منها وكذلك التسليح، فشبكات المهربين لا تقتصر على تهريب البشر فقط إنما لها أنشطة أخرى”.

وحول الأسباب السياسية للإمارات لدعمها الاتجار بالبشر، رجّح البعض أن تكون أبوظبي تعمل على تشجيع “الهجرة باتجاه دول بعينها في أوروبا، كي تستخدمها كورقة ضغط على هذه الدول، وتحقيق مآرب سياسية.

ومنذ سنوات، يتدفق مهاجرون أفارقة على ليبيا، أملا في عبور البحر المتوسط بطريقة غير شرعية نحو السواحل الإيطالية، ومنها إلى بقية الدول الأوروبية، هربا من حروب أو ظروف اقتصادية متردية.

وتعتبر ليبيا بلد عبور المهاجرين الأفارقة نحو أوروبا؛ حيث لا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي تشهد كل عام وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر إلى أوروبا.

وبحسب تصريح سابق لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، في نوفمبر الماضي، فإن عدد المهاجرين في ليبيا حسب الإحصائيات الرسمية المحلية والدولية، تجاوز النصف مليون مهاجر، ينتمون لأربع وعشرين دولة، خمس وتسعون بالمائة منهم من إفريقيا وحدها.