مع فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية، تثور الكثير من التكهنات حول اقتراب السعودية من إعلان التطبيع الكامل والمعلن مع إسرائيل علي غرار ما فعلته كلاً من الإمارات والبحرين، حيث تخشى الرياض من احتمال عودة جو بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران، ورفع العقوبات الأمريكية عنها، الأمر الذي قد يسرع من التطبيع السعودي مع إسرائيل حسب ما يرى مراقبون.

استطلاع رأي

وفي تطور لافت، كشف استطلاع جديد للرأي أجراه معهد “إسرائيلي” عن أكثر دولة عربية يريد الإسرائيليون تعزيز العلاقات معها.

وبحسب نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد “متيفيم”، ونشرت نتائجه وزارة الخارجية الإسرائيلية، الأحد، على صفحتها بموقع “تويتر”، كانت السعودية هي تلك الدولة.

وقال 24% من الإسرائيليين الذين شملهم الاستطلاع إن السعودية هي أكثر دولة عربية يريدون تعزيز العلاقات معها في مختلف المجالات.

وحلت مصر في المركز الثاني بنسبة 12%، في حين قال 11% من الإسرائيليين إن الإمارات هي أكثر دولة عربية يجب تعزيز العلاقات معها، وجاء الأردن رابعاً بنسبة 4%.

ولا ترتبط السعودية بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بخلاف مصر التي وقعت معاهدة سلام مع تل أبيب عام 1979، وتبعها الأردن عام 1994، والإمارات والبحرين في سبتمبر 2020، فيما أعلن مؤخراً السودان موافقته على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.

وأكتوبر الماضي، قال يوسي كوهين، رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي للمهام الخاصة (الموساد)، إن الإعلان عن التطبيع بين إسرائيل والسعودية “بات قريباً”.

ونقلت صحيفة “جيروسالم بوست” الإسرائيلية عن “كوهين” في نقاش مغلق، أوضح خلاله أن مسار التطبيع بين الرياض وتل أبيب يتوقف على نتائج الانتخابات الأميركية وهوية المرشح الفائز لكنه يتوقع أن يتم ذلك قريباً.

وأضاف كوهين أن السعوديين سينتظرون حتى إجراء الانتخابات الأميركية مرجحاً أن يعلنوا عن التطبيع مع إسرائيل كـ”هدية” للمرشح الفائز في هذه الانتخابات.

وأشارت الصحيفة إلى أنه يفهم من كلام كوهين أنه في حال فاز المرشح الديمقراطي جون بايدن بالانتخابات الأميركية، فإن هذا لا يعني أن السعوديين غير معنيين بالتطبيع مع إسرائيل، لكن توقيت الإعلان عن هذه الخطوة سيكون عندها غير واضح.

قلق سعودي

وفي سياق متصل، قالت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، إن دولاً عربية “قلقة جداً” بشأن احتمال عودة جو بايدن بعد دخوله البيت الأبيض إلى الاتفاق النووي مع إيران، ورفع العقوبات الأمريكية عنها، مشيرة إلى أن هذا الأمر قد يعزز تحالف هذه الدول مع “إسرائيل”.

ونقلت الصحيفة المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي عن مسؤولين في دول عربية أن “خوفهم لا ينبع من سياسة بايدن الخارجية، وإنما من المستشارين المحيطين به، ومن يشاركونه بصنع القرار”.

وقال مسؤول سعودي كبير -لم تسمه- للصحيفة العبرية، إن هناك تكهنات بأن يُعزز انتخاب بايدن، وإبرامه اتفاقاً نووياً جديداً مع طهران، التحالف الإقليمي بين “إسرائيل” والدول العربية.

وأضاف: “إذا توجه بايدن إلى إيران فإن ذلك سيتركنا نحن وإسرائيل وحدنا بمواجهة التهديد الإيراني، بدون الولايات المتحدة وأوروبا، وعليه فإن التحالف سيتعزز”، في إشارة إلى إمكانية تطبيع الرياض مع الدولة العبرية ولحاقها بالإمارات والبحرين والسودان مؤخراً.

وفي ذات السياق، نقلت قناة “كان” الرسمية الإسرائيلية عن مسؤولين بارزين في الخليج أن هناك مخاوف من عودة “رجال أوباما” إلى البيت الأبيض في عهد بايدن.

وعبروا في هذا الصدد عن قلقهم من عودة ظهور “جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في السعودية والإمارات، إلى جانب رفع العقوبات عن إيران وفروعها في المنطقة”.

وأكد هؤلاء المسؤولون أن هناك حالة من عدم اليقين فيما يتعلق بسياسة بايدن المرتقبة تجاه المنطقة.

وقالوا في هذا الصدد: إن “عودة بادين إلى السياسة التصالحية تجاه إيران والإخوان المسلمين ستقرب دول الخليج من إسرائيل وتقوي اتفاقيات التطبيع التي تم التوصل إليها بين إسرائيل والإمارات والبحرين مؤخراً”.

من جانبه، أكد الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات العامة السعودية سابقاً، أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن يدرك مصالح بلاده في المنطقة، وأن الرياض تبقى أكبر شريك استراتيجي لواشنطن فيها.

وقال الفيصل، في لقاء مع قناة “سكاي نيوز عربية”، إن بايدن “لا تغيب عنه مصالح أمريكا في المنطقة بحكم معرفته فيها من خلال خبرته كعضو في مجلس الشيوخ الأمريكي، وكنائب للرئيس في عهد باراك أوباما”.

وأشار السفير السعودي السابق في كل من لندن وواشنطن، إلى متانة العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة على الأصعدة كافة، مشيراً إلى أنه رغم وجود صعود وهبوط في هذه العلاقات حسب تغير الأوضاع فإن السعودية تعد أكبر شريك استراتيجي لأمريكا في المنطقة. 

وأضاف “الفيصل” أن علاقات التعاون المشترك على الصعيد الأمني وثيقة بين البلدين لمواجهة خطر الإرهاب، ما يشمل تبادل المعلومات، والقيام بعمليات مشتركة، وغيرها من النشاطات التي واجهت خطر “القاعدة” و”داعش”.

تشجيع التطبيع

وكان لافتاً في الشهور الماضية الإحتفاء السعودي الكبير باتفاقات العار التطبيعية التي وقعتها كلاً من الإمارات والبحرين مع إسرائيل، حيث قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن التطبيع مع “إسرائيل” سيحدث في نهاية المطاف، في إطار خطة سلام فلسطينية إسرائيلية. 

وأضاف بن فرحان: “نحن ملتزمون بالسلام، وهو ضرورة استراتيجية للمنطقة، والتطبيع مع إسرائيل في نهاية المطاف جزء من ذلك ” 

وتابع: “لذلك نحن دائماً نتصور أن التطبيع سيحصل، لكن علينا أيضاً أن نحصل على خطة سلام فلسطينية إسرائيلية”. 

وفي السياق ذاته، قال السفير الأمريكي لدى “إسرائيل” ديفيد فريدمان، إن تطبيع المملكة العربية السعودية مع “إسرائيل” مرتبط بجدول زمني داخلي “يمضي قدماً”.

وأوضح فريدمان في مقابلة مع صحيفة “جيروزاليم بوست”، أن السعوديين أسهموا كثيراً في مسألة التطبيع، وتقدموا خطوات هائلة في هذا الشأن.

وأشار إلى أن تطبيع الرياض مرتبط بالجدول الزمني الداخلي الخاص بهم، وكشف أن “هذا كله يمضي قدماً”، مبدياً امتنانه الكبير “للمساهمة الكبيرة التي قدَّمتها السعودية لهذه العملية (التطبيع) برمَّتها”.

 وللمرة الأولى سمحت السعودية في سبتمبر الماضي للطائرات الإسرائيلية المتجهة إلى أبوظبي بالمرور في أجوائها.

وكان مسؤولون أمريكيون توقعوا انضمام 10 دول في الشرق الأوسط إلى معاهدات السلام مع إسرائيل.

وفي ذات السياق، قال معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، لجامعة تل أبيب، إن موت الملك سلمان بن عبد العزيز، سيمهد الطريق لتوقيع اتفاق التطبيع، مقابل ثمن أكبر من الذي تلقته الإمارات والبحرين.

وأوضح المعهد أن الثمن هو “سلة مطامع سعودية، منها تحسين الصورة والمكانة الدولية، بما فيها الكونغرس الأمريكي”. بعد أن تضررت بفعل تصرفات ولي العهد محمد بن سلمان.