تصاعدت الدعوات الحقوقية في الآونة الأخيرة للكشف عن مصير معتقلي الرأي في الإمارات، وعلى رأسهم المحتجزون في سجن الرزين السيئ السمعة. تأتي هذه المطالبات في ظل التفاعل الكبير مع فظائع سجن صيدنايا في سوريا، مما أثار مقارنات حتمية بين ممارسات الأنظمة القمعية في المنطقة.

وأكد الناشط الحقوقي الإماراتي حمد الشامسي أن انتهاكات حقوق الإنسان في سجون مثل الرزين، والحائر بالسعودية، والعقرب بمصر، لا تقل وحشية عما حدث في سوريا، مشددًا على ضرورة الضغط للكشف عن هذه الجرائم.

الناشط الإماراتي حمد النعيمي أشار أيضًا إلى أن آلاف المعتقلين السياسيين يعانون من ظروف لا إنسانية، محرومين من حقوقهم الأساسية، ما يجعل الإفراج عنهم مطلبًا إنسانيًا لا يحتمل التأجيل. 

ويعتبر هذا السجن نموذجًا للسياسة القمعية التي تتبعها الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي، حيث يتم إسكات الأصوات المعارضة بزجها في أماكن مجهولة وقاسية.

 

سجن الرزين: “جوانتانامو” الإمارات

افتتح سجن الرزين عام 2010 في صحراء أبوظبي على بعد 110 كيلومترات من مركز المدينة. ويعد هذا السجن أحد أشد السجون تحصينًا، حيث تراقبه أكثر من ثلاثين كاميرا داخل كل عنبر. 

ويضم السجن 11 عنبرًا يُحتجز فيها نحو 100 سجين، بينهم 61 من المعتقلين السياسيين. وقد صنفته المنظمات الدولية ضمن أسوأ عشرة سجون في العالم، حيث وصفه المركز الدولي لدراسات السجون بأنه الأسوأ سمعةً في العالم العربي.

تطلق وسائل الإعلام على هذا السجن لقب “جوانتانامو الإمارات” بسبب حجم الانتهاكات التي تحدث داخله. ويعاني المعتقلون فيه من ظروف معيشية قاسية، وحبس انفرادي لفترات طويلة، وحرمان من التواصل مع عائلاتهم، بالإضافة إلى تعرضهم للتعذيب النفسي والجسدي بشكل ممنهج.

في هذا السياق، أشار مركز مناصرة معتقلي الإمارات إلى التشابه الكبير بين ما يحدث في سجن الرزين وما تم الكشف عنه مؤخرًا في سجون النظام السوري. وبعد سقوط نظام بشار الأسد وخروج آلاف المعتقلين من السجون السورية، تصاعدت المطالبات بالكشف عن مصير معتقلي الرأي في الإمارات وضمان حقوقهم الأساسية.

صمت دولي على جرائم بن زايد

رحب مركز مناصرة معتقلي الإمارات بالإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام السوري، لكنه أكد على أن هذه الخطوة يجب أن تكون جرس إنذار للأنظمة العربية القمعية، ومنها الإمارات.

ودعا المركز إلى الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي وضمان حقوقهم الإنسانية، محذرًا من استمرار الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري كأدوات لتكميم الأفواه.

في هذا السياق، شجبت المقررة الأممية ماري لولور خلال ندوة حقوقية، واقع القمع في الإمارات، حيث يتم استخدام قوانين مكافحة الإرهاب كذريعة لاستهداف المعارضين السلميين. 

أشارت لولور إلى أن تعريف الإرهاب في القوانين الإماراتية غامض جدًا، ما يسمح بفرض أحكام قاسية مثل السجن مدى الحياة والإعدام على معارضين لم يرتكبوا أي أعمال عنف.

وأكدت أن الحكم الصادر ضد 43 مدافعًا عن حقوق الإنسان في 10 يوليو 2024 يعد انتهاكًا صريحًا لحقوقهم الأساسية. وذكرت أن هذه الأحكام جاءت بعد إعادة محاكمة تعسفية، ما يعكس مدى استغلال القضاء لقمع الحريات وتكميم الأصوات المعارضة.

فيما اختتم مركز مناصرة معتقلي الإمارات بيانه بالدعوة إلى ضغط دولي قوي على السلطات الإماراتية للإفراج عن جميع معتقلي الرأي، وضمان حقوقهم الأساسية، محذرًا من أن الصمت الدولي يعزز سياسات القمع ويقوض مبادئ العدالة والحرية. وأكد المركز أن المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية أمام مسؤولية أخلاقية لإنهاء هذه الانتهاكات.

الخلاصة أنه يبقى سجن الرزين رمزًا للقمع في الإمارات، ما يستدعي تضامنًا واسعًا من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان. ويعد الحديث عن حقوق معتقلي الرأي واجبًا إنسانيًا وسياسيًا لا يمكن السكوت عنه، خاصة في ظل استمرار سياسات القمع والإخفاء القسري التي تنتهك كرامة الإنسان بشكل صارخ.

اقرأ أيضًا :كيف اصبح جهاز أمن الدولة الإماراتي سلطة فوق القانون؟