تمر على الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور بالشهر القادم أكتوبر 2022 ذكرى ميلاده الثالث والخمسين، لكنه ليس كبقية البشر الذين يحتفلون بهذا اليوم بين أهاليهم وأقاربهم، ذلك لأنه يقبع في حبس انفرادي لمدة تخطت خمس سنوات ونصف.

 

أحمد منصور ليس هو الوحيد الذي نكلت به حكومة الإمارات رغم درجات علمه ورُقي فكره، بل يلقى كثير من أبناء الشعب الإماراتي مصيره فقط لأنهم انتقدوا أداء الحكومة أو حتى دعوا إلى إصلاحات في بلادهم، لكن منصور هو الأبرز الذي نكلت به حكومة بن زايد.

 

تلك الحكومة التي ذاعت سمعتها السيئة مشارق الأرض ومغاربها، والتي باتت معروفة بانتهاكها لحقوق الإنسان بحق معارضيها، سواء بالقبض عليهم تارة أو مراقبته والتجسس عليهم تارة أخرى.

 

أما في حالة منصور فإن إنتقام بن زايد منه كان إجرامياً، حيث أنه يعيش في وضع مزري بسجنه في حبس انفرادي ويمنع عنه الدواء وأشعة الشمس، وعلى الرغم من المطالبات والاستغاثات التي قامت بها عدة منظمات حقوقية من أجل الإفراج عن منصور إلا أن بن زايد يتعنت في ذلك، بل أنه كان يخفي عن العالم الخارجي التنكيل الذي يقوم به تجاه الناشط الحقوقي حتى وقعت حادثة للعالم أظهرت مدى وحشية نظام الإمارات.. فكيف نكل النظام الإماراتي بالناشط الحقوقي أحمد منصور وكيف استطاع الأخير بذكاء أن يسمع العالم بصوته وهو قابع في غياهب السجون؟!.

 

 

اعتقال منصور 

 

اعتقال منصور لم يكن الأول بل إن المرة الأولى التي تعرض فيها الناشط الحقوقي لخطر السجن كانت في عام 2011، حيث أنه قال عن هذا الأمر أنه لاحظ بعد وفاة مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد نشاط كيانات أمنية تلاحق الناشطين.

 

ولذلك عمل منصور المعروف بنشاطه على تحجيم تلك الكيانات التي كانت تمتلك صلاحيات لا محدودة، وقام برفع عريضة إصلاحات إلى ولي العهد آنذاك محمد بن زايد والذي قام باضطهاده ومن ثم تم القبض عليه بعد عدة مضايقات تعرض لها بسبب هجوم الحكومة عليه.

 

تم القبض عليه في عام 2011 بتهمة الإساءة إلى الإمارات وقادتها وحكم عليه بثلاث سنوات إلا أنه خرج بعفو رئاسي بعد ثمانية أشهر من اعتقاله في ظروف قاسية تسببت في إصابته بعدة أمراض إضافة إلى خسارته إلى أكثر من 8 كيلوجرام من وزنه.

 

الاعتقال الأخير جاء في عام 2017 بنفس التهمة “الإساءة إلى هيبة دولة الإمارات ورموزها بما في ذلك قادتها” وصدر بحقه حكم بالسجن عشر سنوات في مايو من العام 2018.

 

الرجل العجوز 

 

أخفى محمد بن زايد تنكيل قواته الأمنية بالناشط الحقوقي أحمد منصور حتى استطاع الأخير أن يسرب إلى الإعلام الخارجي والمنظمات الحقوقية حالته المزرية في السجون الإماراتية.

 

قامت القوات الإماراتية باعتقال شخص برازيلي من أصول أفريقية يدعى كاليو كاسترو وقد اقتادوه للحبس الإنفرادي في إحدى السجون الإماراتية، وبعد خروجه تحدث عن تجربته والتي قال عنها أنني لم أظن أنني سأنجو منها.

 

يحكي المعتقل البرازيلي أنهم عندما اقتادوه لذلك السجن قام بالصراخ من وراء الأبواب الحديدة أنه يريد هاتف لإبلاغ أهله بوجوده في السجن لكن رجلاً رد عليه من وراء الجدران قائلاً لم يفعلوا ذلك إن لم يكن مكتوباً على زنزانتك.

 

فيما بعد اكتشف هذا الرجل الذي أطلق عليه الرجل العجوز بعدما رآه ذات مرة وهو شاحباً نحيفاً وعرف يعدها أنه مريض بارتفاع ضغط الدم، قبل أن يعرف هويته أنه الناشط أحمد منصور، حيث رفض الاخير أن يكشف عن هويته قائلاً ” عندما تتحدث مع عائلتك اجعلهم يبحثون في محرك البحث جوجل عن أحمد منصور وقد كان.

 

وظل من وراء الجدران يحكي له عن حالته المزرية ومنع الدواء عنه ووجوده في الحبس الانفرادي لمدة تخطت خمس أعوام دون تعرضه حتى لأشعة الشمس، وقام كاستلو بكتابة كل ذلك واستطاع أن يخرج من السجن بتلك الرسائل بعدما أخفها في حذائه قبل أن يعود إلى البرازيل ويتحدث عن معاناة منصور.

 

الخلاصة أن منصور استطاع بذكاء أن يوصل للعالم كله إجرام محمد بن زايد وحكومته بحقه، وأن الأخير مستمر في الإنتقام منه نظراً لنشاطه الملحوظ في ملف حقوق الإنسان.

 

اقرأ أيضاً : دولة الإمارات العربية تسرق الغاز الطبيعي من دول الجوار