“لا نعتقد أن الإماراتيين لديهم أي شيء حقيقي يقدمونه”، كان هذا رد مسؤول من حركة حماس على تصريحات القيادة الإمارتية حول استعدادها لدعم جهود القاهرة لتعزيز الهدنة بين الجانب الإسرائيلي وحماس، والذي دخلت حيز التنفيذ الجمعة 21 مايو/أيار الجاري.

 

وقال ولي العهد الشيخ محمد بن زايد إن الإمارات، التي وقعت اتفاق سلام مع إسرائيل العام الماضي، مستعدة للتوسط بين الجانبين ودعم جهود القاهرة لتعزيز الهدنة التي أنهت 11 يوما من العدوان العدوان.

 

مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة محاولة نادرة من جانب الإمارات لدعم غزة – وهي منطقة لم يكن لها فيها تأثير يذكر من قبل، بل لطالما كانت معادية لقيادتها-، سيكون أيضاً اختباراً للمواقف الفلسطينية تجاه اتفاقية تطبيع الإمارات مع إسرائيل، الاتفاقية التي كانت بداية قطار موجة جديدة من تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل بعد سنوات من المقاطعة.

 

على مدار الأيام الماضية، قُتل أكثر من 248 شخصاً في غزة، من بينهم 66 طفلاً بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة، ما جعل الكثير من الدول تنادي بحلول دبلوماسية لوقف إطلاق النار والبدء في هدنة جاءت برعاية جهود مكثفة من الجانب المصري والأمريكي.

 

على مدار الحكومات المصرية المتعاقبة، احتفظت مصر بنفوذ كبير لدى قيادة حماس، في النزاعات السابقة لطالما استضافت وفودًا في محاولة للتوسط في هدنات، لكن ومنذ عام 2013 أصبح نفوذ القاهرة داخل غزة أكثر تعقيداً بعد أن قام السيسي بحظر جماعة الإخوان المسلمين وهي الحركة التي منحت حماس -جزئياً- أساساً أيديولوجياً.

لكن مع تولي السيسي المنصب، تم الإغلاق الحدود بين مصر وغزة بصورة شبه دائمة، كذلك تنامت العلاقات بين مصر وإسرائيل، وأصبحت الاستخبارات الأمنية بين الجانبين أقوى وأقرب من أي وقت مضى

 

 

قال الدكتور إتش إيه هيليير، الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “على الرغم من أن التطبيع على مستوى الشعوب غائب تمامًا بين تل أبيب والقاهرة، بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، فإن اتفاق السلام لعام 1981 لا يزال يجعل القاهرة فريدة من نوعها”، موضحاً “لا يريد المصريون أن تقع غزة في حالة فوضى كاملة، وهو احتمال قوي إذا تم الضغط على الأراضي المحتلة أكثر من اللازم، وحماس تعلم أنه بالرغم من العلاقات السيئة مع القاهرة فإن لديهم خيارات قليلة”.

 

بينما قالت قيادة حماس في أماكن أخرى في المنطقة إن علاقاتها مع مصر لا تزال هشة ويمكن أن تتغير في أي وقت.

 

وقال مسؤول في حماس في لبنان طلب عدم نشر اسمه “نعم صحيح أن هناك مصلحة مشتركة في التحدث مع المصريين.. ونعتقد أن هذا سيستمر، لكننا لا نعتقد أن الإماراتيين لديهم أي شيء حقيقي يقدمونه”.

 

وقال هيلير: “دور مصر كان حاسمًا في التوسط لوقف إطلاق النار، ما كان مختلفًا هذه المرة هو أن البعض في واشنطن قد فوجئوا به، ربما لأنهم اعتقدوا أن الإماراتيين والبحرينيين أصبح لديهم نفوذاً بعد اتفاقيات أبراهام”.

وأضاف “لكن الواقع أن هذه الاتفاقات لم تمنح الموقعين أبدًا نفوذًا، لا مع الإسرائيليين، وبالتأكيد ليس مع الفلسطينيين”.

 

وقالت إليزابيث تسوركوف، الزميلة في معهد نيو لاينز للأبحاث ومقره واشنطن، إن دور مصر كوسيط موضع ترحيب من قبل إسرائيل.

 

وعلى الرغم من رفض النظام المصري تحويل “السلام البارد” مع إسرائيل إلى سلام حقيقي، أو حتى معالجة معاداة السامية السائدة في المجتمع المصري، فإن المسؤولين الإسرائيليين يرون في القاهرة شريكًا موثوقًا به في القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل، والتي تتعلق جميعها بالأمن.

 

وأضافت تسوركوف ” رأى المسؤولون الإسرائيليون بأغلبية ساحقة في الانقلاب العسكري عام 2013 خطوة إيجابية من شأنها ضمان أن الجهات الفاعلة التي تتوافق مع الاحتياجات الأمنية لإسرائيل تقود البلاد مرة أخرى… لم يكن التعاون على المستوى الاستخباراتي أكثر قوة من قبل”.

 

لكن الأحداث الأخيرة التي شهدتها فلسطين، ودماء الأبرياء التي سفكت، أعادت لفت انتباه المجتمع الدولي لعملية السلام المحتضرة في الشرق الأوسط.

تعليقاً على هذا قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في تصريحات يوم الأحد إن “التطلع الذي طال أمده للفلسطينيين للحصول على بلدهم، والذي يشار إليه عادة باسم حل الدولتين كان قد بدأ يختفي”.

 

وحذر لودريان من أن الوضع الحالي يساهم بصورة كبيرة في تعزيز سياسات الفصل العنصري المتهمة بها إسرائيل من قبل الجماعات الحقوقية، مضيفاً في حواره مع صحيفة “لو فيغارو” “خطر الفصل العنصري قوي إذا واصلنا تبني منطق الدولة الواحدة أو السماح للوضع الراهن بالاستمرار”.

 

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا