بعد تولى المجلس العسكرى السوداني الحكم في فترة انتقالية أقصاها عامين، أمهل مجلس السلم والأمن بالاتحادالأفريقي المجلس العسكري في السودان 15 يوما لتسليم السلطة للمدنيين، وذلك لأن أي تغيير في السلطات الشرعية يستدعي عقوبات محدودة.
وجاء قرار المجلس الأفريقي بعد اجتماع عقده أمس في العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” ناقش خلاله الوضع في السودان بعد الإطاحة بالرئيس “عمرالبشير”، وسط ترجيحات بفرض عقوبات عليه جراء التطورات الأخيرة.
وأبدى المجلس في بيان عقب الاجتماع، عن قلقه العميق لسيطرة الجيش على السلطة وتأثير ذلك على الوضع الإقليمي والقاري.
وندد المجلس بتعطيل الدستور وحل البرلمان وتأسيس سلطة الجيش التي وصفها بغير الشرعية، رافضا قرار الجيش قيادة المرحلة الانتقالية. كما دعا إلى تسليم السلطة لقيادة مدنية ليس لها علاقة بالجيش.
ولوح المجلس بأنه سيطبق المادة السابعة من ميثاق الاتحاد، وتعليق عضوية السودان في جميع أنشطة الاتحاد الأفريقي، ودعا إلى فتح الأجواء السياسية، وأعرب عن قلقه العميق من سيطرة الجيش على السلطة، وتأثير ذلك في الوضع الإقليمي والقاري.
وناشدت رئيسة وفد السودان في اجتماعات مجلس السلم والأمن “أميمة الشريف”، المجلس بضرورة تفهم الوضع في السودان.
وأكدت أن الجيش السوداني تولى السلطة استجابة لطلب الشعب، وإن ما قام به كان ضروريا لحقن الدماء، مشيرة أن خطوة الجيش تمهد لنقل السلطة وخاصة بعد الإجراءات التي اتخذها المجلس العسكري في الساعات الأخيرة.
العقوبات
والجدير بالذكر، أن طبيعة ونوعية الإجراءات التي سيتخذها المجلس ضد السودان إذا لم يستجب المجلس العسكري الحاكم لطلبه غير معروفة حتى الآن، وإن كان يعتقد أن العقوبات المنتظرة لن تخرج عن المعتاد في الحالات المشابهة.
ويأتي في مقدمة هذه العقوبات تجميد العضوية إلى حين خروج العسكر من السلطة وتسلميها لحكم مدني.
ودافع عضو المجلس العسكري الانتقالي الفريق الركن “جلال الدين الشيخ الطيب” عن الخطوات التي اتخذها المجلس العسكري الحاكم بالسودان ورفض تسميتها بالانقلاب، خلال زيارته لإثيوبيا لإطلاع الأفارقة على حقيقة الأوضاع في السودان، ضمن أول زيارة خارجية يقوم بها أحد أعضاء المجلس العسكري الحاكم.
وأكد الطيب إن انحياز القوات المسلحة للشعب يأتي استجابة لرغباته في التغيير، ولا يعد انقلابا عسكريا أو طمعا في سلطة.
وأضاف خلال لقاءه بوزيرة الخارجية الإثيوبية “هيروت زمني”، أن المجلس حظي بتأييد شعبي عريض، مؤكدا التزام المجلس بوعده نحو الشعب بتسليم السلطة للمدنيين.
وقال عضو بالمجلس العسكري الانتقالي في السودان إن المجلس يحترم مهلة الاتحاد الأفريقي للسودان لتسليم السلطة المدنيين، وإنه في نيته تسليم السلطة للمدنيين، لكن بما يناسب الوضع وبعد الحوارات.
حرب اليمن
وفي نفس السياق، جاء رد المجلس العسكري الانتقالي بعد ساعات من المهلة التى حددها مجلس السلم والأمن وأعلن المجلس العسكري لأول مرة عن موقفه تجاه استمرار مشاركة القوات السودانية بالحرب في اليمن ضمن التحالف السعودي الإماراتي ضد المقاتلين الحوثيين.
وقال المجلس الانتقالي “أن القوات السودانية المشاركة في الحرب ستبقى حتى يحقق التحالف أهدافه”.
وأشارالفريق أول “محمد حمدان دقلو” نائب رئيس المجلس أن المجلس متمسك بالتزاماته تجاه التحالف، وستبقى القوات السودانية مع التحالف حتى يحقق أهدافه.
والجدير بالذكر، أن السودان شريك رئيسي في التحالف العسكري السعودي الإماراتي ضد الحوثيين في اليمن، ويقاتل آلاف الجنود السودانيين في صفوف قوات هذا التحالف الذي بدأ عملياته في مارس/آذار 2015.
وتشير تقارير إلى أن الرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي “عبد الفتاح البرهان” تولى عملية تنسيق إرسال الجنود السودانيين، وأشرف على القوات التي حاربت في صفوف التحالف السعودي الإماراتي، وهو على صلات وثيقة بكبار القادة العسكريين في الخليج بحكم مسؤوليته عن تنسيق الدور العسكري للسودان بالحرب.
كما أن معظم القوات البرية في حرب اليمن تتبع الفريق أول “محمد حمدان حميدتي” نائب رئيس المجلس قائد قوات الدعم السريع.
وكان البشير أرسل قوات إلى اليمن عام 2015 في إطار تحول رئيسي في السياسة الخارجية شهد تخلي الخرطوم عن علاقاتها المستمرة منذ عقود مع إيران عبر الانضمام للتحالف الذي تقوده الرياض.
وتصاعدت في الفترات الأخيرة المطالب في الشارع السوداني بسحب تلك القوات التي لا يعرف عددها على وجه اليقين.
وكانت صحيفة “لوموند الفرنسية” ذكرت سابقا أن هذه القوات تتولى مهمة حراسة القواعد الإماراتية في جنوب اليمن، كما يتخذها التحالف وقودا لمدافعه في معركة الساحل الغربي.
حاول المجلس العسكري أمس بفض الاعتصام بالقوة من أمام قيادة الأركان في الخرطوم، بالتزامن مع قرارات الأتحاد الأفريقي، وذلك مع أكد عليه المحتجون، إلا أن المجلس أشار أم التدخل الأمني كان يستهدف الحواجز والمتاريس التي أقامها المتظاهرون.
وأصدر تجمع المهنيين السودانيين بيانا قال فيه إن محاولات تجري لفض الاعتصام من أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني وإزالة جميع المتاريس.
ودعا المواطنين في بيان نشر على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى التوجه فورا إلى ساحات الاعتصام لحماية ما وصفها بثورتهم ومكتسباتهم، وقد استجابت أعداد من السودانيين للنداء والتحقت بموقع الاعتصام.
وذكر شهود عيان أن قوات الدعم السريع وعناصر من الجيش حاولت بواسطة جرافات إزالة المتاريس التي أقامها المعتصمون.
ويأتي هذا التدخل الأمني بعد يوم من تأكيد الناطق باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق “شمس الدين الكباشي” أنه لا توجد نية لفض الاعتصام.
وذكر أن قوات تجمعت عند ثلاثة جوانب للاعتصام سعيا لإزالة حواجز من الحجارة والمعادن، لكن المحتجين شكلوا حلقات حول منطقة الاعتصام لمنعها من إزالة تلك الحواجز.
يطالب المتظاهرون المعتصمون في محيط القيادة العامة منذ السادس من الشهر الجاري باستكمال جميع مطالبهم، وفي مقدمتها تشكيل حكومة مدنية، ومحاسبة رموز نظام “البشير” المعزول.
اضف تعليقا