ربى الطاهر

في كل يوم يشوي الغلاء جلود المصريين ويسرق منهم فرحتهم وإحساسهم بالحياة حتى في أيام العيد، فعجز الكثيرون عن شراء ملابس العيد التي ارتفع ثمنها بشكل لافتٍ.. الغلاء خطف معه الفرحة والابتسامة من وجوههم، وأشَعَرهم أنَّ الحياة صارت فوق احتمالهم في ظل هذا الارتفاع الجنوني للمشتروات.

فقد شهدت ملابس الأطفال ارتفاع كبير في أثمانها مقارنة بسنوات أخرى، هذا ما تؤكده لك أي جولة في أرخص أسواق الملابس؛ فقد تجاوزت ملابس الأطفال في المناطق المشهورة بانخفاض أسعارها مبلغ الـ550 جنيهًا، في حين كان منذ عام لا يتجاوز الـ200 أو الـ 300 جنيه على أحسن تقدير، في الوقت الذي كان يمتاز كثيرًا في جودته عن المتاح الآن، أما بالنسبة للمتاجر الشهيرة، والتي قد تعرض الملابس المستوردة أو الماركات المشهورة فأقل سعر لملابس الأطفال فيها ما يصل إلى 1000 وعلى أحسن تقدير يصل إلى 800 جنيه.

وأكد الكثيرون  بكل حزن أنهم لن يشتروا ملابس جديدة للعيد في ظل ارتفاع أسعارها الذي يفوق قدراتهم المادية، وأن أولادهم سيرتدون ملابسهم القديمة، وبذلك يختفي أهم مظهر من مظاهر الاحتفال بالعيد، وهو شراء اللبس الجديد، ويقولون: ماذا تفعل الأسر الفقيرة التي تتكون من خمسة أفراد مع هذه الأسعار الملتهبة، فشراء الملابس الجديدة عندما يتجاوز سعر الزي الخاص بطفل الـ 500 جنيه فبذلك تحتاج الأسرة لأكثر من 3 آلاف جنيه، فمن أين لأسرة فقيرة بهذه الأموال؟!

ووصل الحال بالكثير من الأسر إلى تسوُّل لبس العيد من الجمعيات الخيرية ومعارض مساعدة الفقراء ومؤسسات المجتمع المدني وانتظار عطايا الأغنياء.

فقد اهتمت الكثير من تلك الجمعيات الخيرية بتوفير ملابس العيد للأسر المحتاجة وللأيتام  لمعرفتهم أنّ تلك الأسر لن تتمكن من شراء ملابس، ولو حتي زيًا واحدًا لكل طفل، فاهتمت جمعيات مثل رسالة والأورمان وغيرهما بتوفير تلك الملابس، كما اهتم بعض الأغنياء بتوفير ملابس العيد للأطفال في الأسر التي عجزت عن شرائها، وهكذا أصبح تسول لبس العيد مظهرًا محزنًا أفرزته سياسة الغلاء البشع.

للصغار فقط

وكانت الأسر المصرية قد اعتادت في الماضى على شراء الملابس الجديدة للكبار والصغار سويًا، ولكن في ظل هذا الغلاء اكتفت الكثير منها بزيٍّ واحد للأطفال فقط، حتى لا يحرموا الفرحة بالملابس الجديدة، بينما سيرتدي الكبار ملابسهم القديمة على غير العادة.

وقد حرص البعض الآخر على شراء ملابس العيد قبل رمضان، لأنه من المعروف أن التجار أيضًا يبالغون في رفع أسعار ملابس، وأحذية العيد مع اقتراب أيام عيد الفطر، فالأسعار تختلف نوعًا ما قبل دخول شهر رمضان عن بَعْده؛ بسبب جشع بعض التجار، الذي يزيد الأمر سوءًا إلى جانب ارتفاع أسعار السلع من مصدرها الأصلي، يضاف لها بعد ذلك هامش ربح التاجر، وفي النهاية يتحمل الزبون أو المشتري كل هذا العبء الذي يفوق قدراته.

كما حرص الكثيرون على شراء الملابس من أماكن تتصف بأن أسعارها منخفضة نسبيًا، مقارنة بغيرها، وقد أكد التجار والزبائن أنّ سعر الزي الواحد الخاص بالعيد حتى في هذه الأماكن يتراوح ما بين 500 :1000 جنيه.

وأن سعر التيشرت يفوق 90 جنيهًا للطفل وسعر البنطلون الذي يحمل صور محمد صلاح يفوق 130 جنيها، وتفوق أسعار البدل العادية والأطقم الكاجوال للأطفال الـ500 جنيه.

غلاء واضح

وقد أكدت شعبة الملابس الجاهزة بغرفة التجارة أن ارتفاع أسعار الملابس حقيقة، وأن نسبة الارتفاع وصلت 15 %  وأرجعت سبب الارتفاع لزيادة تكاليف الإنتاج وزيادة أسعار المواد الخام، بسبب ارتفاع سعر الدولار والذي تجاوز 17 جنيهًا وانخفاض سعر الجنيه، وخصوصًا أن غالبية ما يعرض بالأسواق المصرية هو ملابس مستوردة يستوردها التاجر أو المورّد بأسعار مضاعفة، بسبب ارتفاع سعر الدولار.

بينما يؤكد الكثير من الخبراء أن نسبة الارتفاع في أسعار الملابس تتجاوز الـ15 % وأنّ تلك النسبة التي ذكرتها غرفة التجارة غير صحيحة، وأن نسبة الأرتفاع في أسعار الملابس عن الأعوام السابقة تصل إلى 30 % كما تشير الأسعار في الأسواق.

وقد عبر عدد من التجار من استيائهم من ارتفاع سعر الدولار الذي أثّر بالفعل على أسعار الملابس، مؤكدين أنهم أكثر المتضررين من تلك السياسة التي سبّبت انخفاضًا في الشراء، وفي إقبال الناس على شراء ملابس العيد بشكل واضح، وقد كان رمضان والعيد موسمين للمكسب والربح بالنسبة لهم، فجاء الغلاء ليحرمهم من ذلك.

وقد أكد تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن مجموعة الملابس والأحذية شهدت ارتفاعًا وصل 24 %  في شهر أبريل الماضي، بينما سجلت الأحذية ارتفاعًا وصل إلى  29 %  وهو ما يؤكّد صحة تقديرات الخبراء بأنَّ نسبة ارتفاع أسعار ملابس العيد، وصلت 30 % وأنه ارتفاع رهيب لا يقارن بالأعوام السابقة.