إبراهيم سمعان

سلطت وكالة “بلومبرج” الأمريكية الضوء على التطورات الجديدة في ملف أسعار النفط وزيادة الإنتاج، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمارس ضغوطًا هائلة على السعودية لزيادة إنتاجها، ومِن ثمَّ تخفيض أسعار النفط، الأمر الذي من شأنه الإضرار بنجاح “أوبك” في التوافق على قراراتها الأخيرة، كما يعقّد عملية طرح أرامكو للاكتتاب العام.

وقالت الوكالة في تقرير ترجمته “العدسة”، إنّه كان من المفترض إذا أعلنت السعودية، أكبر دولة مصدِّرة للنفط في العالم، زيادة إنتاجها من النفط الخام، فإنَّ الأسعار عادة ما كانت تنخفض.

وأضافت الوكالة: لكن على العكس هذه المرة، وفي ظلّ ضخّ المملكة لبراميل نفط إضافية في السوق؛ فقد قفزت الأسعار، الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يشعر بالسعادة.

وفي تغريدة عبر حسابه على تويتر، قال ترامب: “تحدثت للتو مع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، وشرحت له أنه بسبب الاضطراب والخلل في إيران وفنزويلا، أطلب من السعودية زيادة إنتاج النفط، ربما إلى 2 مليون برميل، لتعويض الفرق… الأسعار ترتفع! وهو وافق!”.

 

وذكرت الوكالة أنه بينما تراجع البيت الأبيض في وقت لاحق عن تأكيده، ضاعف ترامب الأحد من الضغوط على السعودية، مطالبًا بأن توقف ما أسماه تلاعبها بسوق النفط، وأصرَّ على ضرورة ضخ الدول الأعضاء بمنظمة “أوبك” المزيد من النفط في السوق.

وقادت السعودية الشهر الماضي منظمة أوبك” وحلفاءها- بما فيهم روسيا- إلى اتفاق يهدف لتهدئة الأسعار، وبينما التزمت الدول الأعضاء بالمنظمة وحلفاؤها من الدول المصدرة للبترول باتفاق 2016 الذي يحدّ من الإنتاج، قرّر ما يسمي بتحالف (أوبك +) خلال الاجتماع الأخير للمنظمة في فيينا ضخّ المزيد من الإنتاج لتعويض الإمدادات المفقودة من فنزويلا وليبيا.

لفتت الوكالة إلى أنَّ خام برنت سجل زيادة بنسبة 5.2 % منذ الانتهاء من الاجتماع بسبب تلك البراميل الإضافية، وفيما دعا الرئيس الأمريكي الدول الحلفاء بالمنظمة لوقف شراء النفط الإيراني، وارتفع المؤشر القياسي 2 %  يوم الجمعة ليصل سعر البرميل إلى 79.12 دولار.

ضغوط هائلة

قال جعفر الطائي، العضو المنتدب لشركة “منار” للاستشارات وإدارة مشاريع الطاقة ومقرها أبوظبي: إن السعودية تقع حاليًا تحت ضغوط هائلة.. يفضل السعوديون زيادة تدريجية في إنتاج النفط، والتي من شأنها عدم إصابة السوق بالصدمة.

وتابع: إنَّ السعوديين يفضلون الاحتفاظ بأسعار نفط تتراوح ما بين 70 إلى 80 دولارًا للبرميل، ولكن لأسباب سياسية يجب عليهم الاستجابة لمطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

وقبيل اجتماع أوبك الذي عُقِد في 22 يونيو، أعرب ترامب في تغريدته على موقع تويتر عن أمله أن تقوم المجموعة بزيادة الإنتاج، وجاءت تلك الرسالة في أعقاب رسالة أخرى في أبريل خلال لقاء سابق مع المنتجين.

من جانبهما عبر كل من الصين- المستهلك الأكبر في العالم للنفط- والهند- البلد الذي يشهد شهية متزايدة للطاقة– عن اعتراضهما على ارتفاع الأسعار.

 

دوافع سياسية

من جانبها انتقدت إيران، ثالث أكبر منتج للنفط بالمنظمة، تدخلات ترامب، واستجابة المملكة لمطالبه.

وكتب وزير النفط الإيراني بيجان زنغانة في رسالة إلى أوبك نقلتها وكالة شانا التابعة لوزارة النفط “لم نتمكن خلال اجتماع أوبك من التوصل إلى أي قرار يمنح أي دولة عضو، كامل حصة دولة عضو أخرى أو جزءًا منها”.

وأضاف زنغانة من دون أن يذكر السعودية بالاسم: “كل زيادة في إنتاج دولة عضو تذهب أبعد مما هو وارد في قرارات أوبك التي اتّخِذت في الثاني والعشرين من يونيو، تشكل خرقًا للاتفاق”.

 

وتابع الوزير أنه حرص على “تذكير الدول الأعضاء بضرورة التقيد بالتزاماتها والامتناع عن أي إجراء منفرد يمكن أن ينسف وحدة أوبك واستقلاليتها”.

وختم الوزير الإيراني: “قرارات أوبك لا تسمح بأي شكل من الأشكال لأحد الأعضاء بالتجاوب مع طلب بزيادة الإنتاج قدَّمته الولايات المتحدة بهدف سياسي واضح، المراد منه الإضرار بإيران”.

انتهاء الاتفاق

وقال روبن ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة قمر إنيرجي لاستشارات الطاقة في الإمارات: إنَّ الاتفاق انتهى، إنها ضربة حقيقية لأوبك، ويرجع ذلك جزئيًا- حتى الآن- إلى الانطباع السائد مؤخرًا أن السعودية تتبع التعليمات الأمريكية، وأن روسيا قد حاكت الاتفاق لزيادة الإنتاج على أي حال حتى قبل الاجتماع.

ووفقًا للطائي فإن تعليقات ترامب يمكن أيضًا أن تعقِّد عمليات البيع المخطط لها لطرح أسهم أرامكو الذي يمثّل حجر الزاوية في استراتيجية المملكة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، وتقول الحكومة إنّ بإمكانها أن تجمع 100 مليار دولار من عملية طرح أرامكو.

ولفت الطائي أنَّ تدخلات ترامب تزيد المشاكل الموجودة بالفعل في الاكتتاب الضخم والمعقد، كما تعزز الانطباع بوجود افتقار للاستقلالية في الشركة، ويجعلها تبدو وكأن ترامب يضع السياسة النفطية للسعودية.

 

وتستطيع السعودية التي تضخ 10.03 مليون برميل يوميًا في مايو، الاستفادة من قدرتها الإنتاجية البالغة 2 مليون بريمل يوميًا من الطاقة الإنتاجية غير المتسخدمة لتحقيق الاستقرار في الأسواق. لكن إضافة ذلك إلى الكمية الكاملة من النفط الخام من الممكن أن تخلق وفرة تؤدي إلى انحفاض الأسعار وفقًا لمحللين، كما يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية، من خلال تعميق الانقسامات بين المنافسين الجيوسياسيين السعودية وإيران.