العدسة – إبراهيم سمعان
سلطت وكالة بلومبرج الأمريكية الضوء على دخول حملة مكافحة الفساد مراحلها الأخيرة، بالإفراج عن عدد من المتهمين من أصحاب العيار الثقيل أمثال الأمير الوليد بن طلال، والوليد الإبراهيمي مالك مجموعة إم بي سي، وخالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق.. وغيرهم.
وقالت الوكالة إنه رغم أن الحملة المثيرة للجدل على وشك الانتهاء إلا أنّ هناك العديد من التساؤلات عن القمع والابتزاز وعدم الشفافية، ومخاوف المستثمرين الأجانب لاتزال قائمة.
وإلى نص التقرير ..
حتى قبل إطلاق سراح “الأمير الوليد بن طلال” وغيره من المليارديرات، من سجنهم الفاخر بفندق ريتز كارلتون الرياض، بعد 3 أشهر من الاعتقال، كان المسؤولون السعوديون قد أعلنوا أن حملتهم المثيرة للجدل حققت نجاحًا باهرًا.
وقال مسؤول كبير فى الأسبوع الماضي، إن السلطات تسير على الطريق الصحيح؛ لاسترداد أكثر من 100 مليار دولار، فى إطار صفقات التسوية مقابل إسقاط كافة الاتهامات الموجهة للعشرات من الأثرياء والمشاهير والمسؤولين البارزين فى المملكة.
ومع مغادرة المعتقلين السابقين لمقر احتجازهم الفاخر بفندق ريتز كارلتون فى الرياض، لاتزال هناك العديد من التساؤلات القائمة، من بينها، هل كانت حملة مكافحة الفساد التي نفذها الأمير محمد بن سلمان تهدف إلى القمع أو انتزاع السلطة؟ أم كانت بمثابة عملية ابتزاز تهدف لمساعدة الاقتصاد الذي يواجه مصاعب؛ بسبب انخفاض أسعار النفط؟ وهل هذه هي نهاية جهود مكافحة الفساد لأكبر اقتصاد عربي؟
كم عدد المطلق سراحهم؟
أعلن النائب العام الشيخ “سعود المعجب”، في مقابلة نادرة في 21 يناير الماضي، أن نحو 90 متهما أطلق سراحهم بعد قبولهم بالتسويات الودية مع الحكومة، وتوقع المعجب أن تنتهي الحملة قبل نهاية الشهر.
وقال المعجب إنه “تم إسقاط الاتهامات عن 90 من المعتقلين، وتم إطلاق سراحهم، في حين لا يزال يقبع في الفندق حوالى 95 شخصًا، بمن فيهم 5 يفكرون فى عروض تسوية، فيما يراجع الآخرون الأدلة المقدمة ضدهم”.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، تم إطلاق سراح الأمير الوليد بن طلال ورجال أعمال كبار آخرين، بينهم فواز الحكير، وخالد التويجري رئيس الديوان الملكي في عهد الملك عبد الله والأمير تركي بن ناصر، المتورط فى عملية بيع أسلحة ضخمة أدت إلى تحقيقات فساد فى المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وفقا لمسؤولين حكوميين.
ما هو مصير من يرفض التسوية؟
قال النائب العام السعودي، فى 21 يناير الجاري: إن 95 شخصا لايزالون في فندق “ريتز كارلتون”، ومعظمهم مازالوا يستعرضون الأدلة المقدمة ضدهم من قبل الحملة، وأضاف أن المشتبه فيهم الذين لن يتوصلوا إلى اتفاق، سيحالون إلى النيابة العامة، ويحتمل أن يواجهوا محاكمة قضائية فى نهاية المطاف.
هل قبول التسوية يعني الاعتراف بالذنب؟
هذا الأمر جدلي، فلم يتم الإعلان رسميا على الادعاءات الموجه ضد الأمير الوليد، على الرغم من أن التصريحات التي قالها مسؤول سعودي كبير، وقت احتجاز الوليد، إنه متهم بغسل الأموال والرشوة والابتزاز، لكن فى المقابل، حافظ الوليد على براءته، في مقابلة مع “رويترز ” حيث قال: لا توجد اتهامات، هناك فقط مناقشات بيني وبين الحكومة.. تأكدوا أن هذه عملية نظيفة ونحن نتناقش فقط مع الحكومة بخصوص أمور متعددة لا يمكنني البوح بها الآن.. ليس للأمر علاقة بما هو ملائم وغير ملائم، كل شيء ملائم.
وقد شكك المسؤول السعودي الكبير السابق ذكره فى حديث الأمير الوليد قائلا إن التسويات “لا تحدث إذا لم يعترف المتهم بالتجاوزات وتعهد بعدم تكرارها، وهذا هو المبدأ العام لجميع المحتجزين وليس فقط الوليد بن طلال”. .
كم دفع الوليد بن طلال مقابل إطلاق سراحه؟
من غير الواضح هذا الأمر، لكن في ديسمبر الماضي، قال شخص على دراية بمسألة الاحتجاز، إن الأمير كان يرفض مطالب حكومية بالتخلي عن حصته المسيطرة بأسهم المملكة القابضة، فيما قال المسؤول السعودي إن الأمير سيبقى على رأس الشركة.
ما هو مصير المتهمين الآخرين؟
قالت السلطات فى نوفمبر الماضي إن الأمير متعب أبرم تسوية تجاوزت المليار دولار للحصول على حريته، لكنها لم تضف أي تفاصيل أخرى. وقد ضغطت الحكومة على الوليد الإبراهيم، مالك مجموعة “أم بي سي” التي تتخذ من دبي مقرا لها، لكي يتخلي أيضا عن نصيبه فى المجموعة، وفقا لمصدرين مطلعين على الأحداث، لكن شروط الإفراج عن الإبراهيم ليست واضحة، فيما أكد أحد المصدرين السابقين أن مالك “إم بي سي سيعود إلى إدارة المجموعة بشكل اعتيادي.
كيف ينظر المستثمرون لنهاية الحملة؟
لم تعلن الحكومة بشكل رسمي أسماء المشتبه فيهم أو الأدلة ضدهم، إلا أن الاعتقالات أثارت مخاوف بشأن الشفافية فيما ين المستثمرين الأجانب، وهم أمر حيوي لخطة ولي العهد محمد بن سلمان لتنويع الاقتصادي بعيدا عن النفط، لذا فإن أولئك الذين رأوا الاعتقالات في أنها لعبة الابتزاز وفرض السيطرة، سيحافظون على وجهة نظرهم.
ويقول آخرون إن إطلاق سراح الأمير الوليد وغيره من محتجزي الريتز يمثل نهاية لتلك الأحداث لمثيرة للجدل.
وقال علي قي، رئيس قسم الأسهم فى بنك رسملة للاستثمار ومقره دبي، “لقد حان الوقت للمستثمرين أن يولوا اهتماما بالقصة الحقيقية لمملكة، فالأمر يبدو كما لو كنت فى المكتبة فجأة، وانطلق إنذار الحريق الكاذب، والآن عليك العودة إلى مقعد في المكتبة.
ما هو تأثير حملة مكافحة الفساد على الاستثمارات
قال مسؤول كبير سعودي خلال مقابلة الأسبوع الماضي: إن الاستثمار الأجنبي المباشر سوف ينخفض على المدي القصير، ولكن الحملة فى نهاية المطاف ستثبت أنها أفضل شيء حدث للاقتصاد السعودي.
وارتفعت شركة الوليد المملكة القابضة بنسبة 10 % فى أول يوم تداول بعد الإفراج عنه، فى حين ارتفع المؤشر القياسي بنسبة 0.2 % .
وقال كونال داملي متخصص فى الأوراق المالية والاستثمار: إن شركات الأفراد المتهمين فى حملة مكافحة الفساد، تخضع لفحص إضافي من قبل المستثمرين خلال هذا الفترة حتى تتضح نتائج هذه الحملة.
هل الفساد مستشرٍ فى المملكة؟
ذكرت منظمة الشفافية العالمية في إحصاء لها عبر مسح عالي يسأل المواطنين عن تجربتهم عن الفساد، أن معدلات المملكة السعودية على غرار الصين والهند حوالي 46 درجة من أصل 100.
هل يستطيع الأمير محمد تغيير هذا النظام
الكثيرون لديهم شكوك في أن المملكة يمكن أن تتغير بسرعة، ويشكك بعض المحللين في مدى التغيير ذاته، حيث يقولون إنهم جرى احتجاز الكثير من المتهمين في الفندق ثم سمح لهم بالعودة إلى مواقعهم الطبيعة، دون أن توضح إذا كانوا مذنبين أم أبرياء.
ماذا يقول المسؤولون السعوديون؟
قال مسؤولون سعوديون حضروا منتدى دافوس الأسبوع الماضي، حملة مكافحة الفساد تهدف لتكافؤ الفرص بين المستثمرين، كما يقولون إن الأمير محمد بن سلمان لم يكن أمامه خيار سوى المضي قدما فى تنفيذ الحملة إذا أراد تنفيذ خطته للتحول الوطني.
وقال النائب العام هذه ليست نهاية حملة مكافحة الفساد، وأضاف: «نحن فى زمن سيتم فيه اجتثاث الفساد، فلن تتوقف الحملة على الفساد، والأمر الملكى كان واضحاً، ومَن يندم ويوافق على التسوية سيتم إسقاط الإجراءات الجنائية عنه”.
اضف تعليقا