“الأمير بندر بن سلطان ينافسنا بالترويج لإسرائيل، وإن أي متحدث إسرائيلي لن يستطيع مجاراة الأمير بالدعاية الإسرائيلية”، هكذا وصف الإعلام الإسرائيلي تصريحات الأمير السعودي بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، والتي رفع فيها الأمير “الدعاية الإسرائيلية” إلى مستوى الخطاب الرسمي، وأعاد إنتاجها بوصفها خطابا للنظام الحاكم في الرياض.
البداية جاءت خلال مقابلة رئيس المخابرات السعودية وسفير الرياض الأسبق لدى واشنطن، مع قناة العربية شبه الرسمية، وانتقاده الفلسطينيين بشكل حاد، وتحميلهم مسؤولية تضييع “فرص السلام”. كما لم ينسَ بندر توزيع الاتهامات لدول أخرى، على رأسها تركيا وقطر، اللتان أصبحتا الشمّاعة التي يعلق النظام السعودي عليهما فشله في الداخل والخارج، إضافة إلى كل مصائب وأزمات الأمتين العربية والإسلامية.
وهاجم الأمير بندر القيادات الفلسطينية بسبب رفضها لاتفاق العار الذي وقعته الإمارات والبحرين مع إسرائيل؛ فيما ردد بندر مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الحاج أمين الحسيني راهن على النازية بقيادة هتلر، وهي التصريحات التي حاول نتنياهو من خلالها الزج بالفلسطينيين في العار وتشويه تاريخهم النضالي وتبرير احتلال أرضهم.
احتفاء إسرائيلي
مقابلة الأمير السعودي مع قناة العربية، حظيت باحتفاء إسرائيلي كبير على مختلف المستويات، إذ تناولتها وسائل الإعلام العبرية باهتمام بالغ، ونشرت مقتطفات منها، وخصوصا تلك التي يهاجم من خلالها القيادات الفلسطينية، ويحملها مسؤولية تضييع “فرص السلام” مع تل أبيب.
صحيفة “يسرائيل هيوم” المقربة من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، قالت إنه “من ناحية إسرائيل فإن صبرها الاستراتيجي وطول نفسها قد آتى أكله ولو بعد حين، يتضح الآن أننا حققنا انتصارات حقيقية ولم تضِع الجهود هباءً”.
وأكدت الصحيفة: “يصعب منافسة الأمير بندر بن سلطان عندما يتمحور الحديث حول الدعاية الإسرائيلية، فهو يؤدي بالمهمة على أكمل وجه، بطريقة مقنعة أكثر من أي متحدث إسرائيلي، وبالتأكيد أحسن من أي متحدث أمريكي يناصر إسرائيل”.
وأضافت “يسرائيل هيوم”: “عندما تحدث الصحفي الأمريكي توماس فريدمان قبل شهرين، عن هزة أرضية سياسية تاريخية في الشرق الأوسط، كان يقصد شيئا ما يشبه لقاء بندر بن سلطان مع قناة العربية”.
وأوضحت الصحيفة العبرية أنه: “في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد يزور النصب التذكاري لضحايا المحرقة النازية في برلين، برفقة نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، كان الأمير السعودي يتحدث عن انحياز الفلسطينيين بقيادة الحاج أمين الحسيني إلى هتلر والنازية، وهذا تحول كبير وذو ثقل”.
الأمير بندر بن سلطان آل سعود لم يتحوّل فجأة إلى مناصر للصهيونية، فمن يفتش في سجل مواقفه يجد أنه كان عراب العلاقات السعودية الإسرائيلية السرية، حيث تؤكد تقاير غربية أن بندر كان على تواصل دائم مع يهود أميركا ومسؤولين إسرائيليين عندما كان سفيرا لبلاده في واشنطن.
إشارة واضحة
حديث الأمير بندر يمثل إشارة واضحة على تغير السياسة السعودية تجاه القضية الفلسطينية، وسعي ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان الحثيث لتمرير حل تصفوي لهذه القضية، تحضيرا لاتخاذ قرارات حاسمة تُسرِّع من خطوات الرياض باتجاه التطبيع مع تل أبيب.
ويرى مراقبون أن تهجم الرياض الجديد على فلسطين وقضيتها، يكشف عن خطورة الدور السعودي المرسوم في تل أبيب وواشنطن، كما يكشف عن المهمة الجديدة التي يضطلع بها محمد بن سلمان، الذي يصر على انتزاع الورقة الفلسطينية لصالح مصالحه.
بدورها، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن تصريحات الأمير بندر بن سلطان تعكس تراجعا في الدعم السعودي للفلسطينيين، مؤكدة أن بندر لم يكن ليحصل على مساحة واسعة في قناة “العربية” لو لم تحصل رسالته على مباركة من ولي العهد محمد بن سلمان
وتناغما مع تصريحات الرياض الناعمة تجاه تل أبيب، أشاد وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي “بيني غانتس” بجهود ولي عهد المملكة محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وذلك خلال لقاء افتراضي عبر تطبيق “زووم”، هو الأول من نوعه، عقده مع عدد من الصحافيين من السعودية والإمارات والبحرين، في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وقال غانتس في بداية الاجتماع الذي شمل أيضا ممثلين عن المجتمع المدني في الخليج، إن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد لديهما “مسيرة في مكافحة الإرهاب ودعم السلام في المنطقة”.
أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي???????? بيني غانتس بجهود ولي العهد السعودي???????? محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي???????? محمد بن زايد في مكافحة الإرهاب والسعي لتحقيق السلام في المنطقة – خلال نقاش هو الأول من نوعه مع صحفيين من دول الخليج نظمه المجلس العربي للتكامل الإقليمي @thearabcouncil pic.twitter.com/czV8Ugqaym
— إسرائيل بالعربية (@IsraelArabic) October 4, 2020
تنديد فلسطيني
اللافت أيضا أن تصريحات الأمير بندر جاءت بالتزامن مع اللقاءات والحوارات التي تجريها الفصائل والقيادات الفلسطينية، في مدينة اسطنبول التركية، بهدف توحيد الصف الفلسطيني، خصوصا بعد التطبيع الإماراتي والبحريني مع إسرائيل، وهو ما يؤكد أن الرياض ترفض أية جهود من شأنها إنهاء الانقسام الفلسطينية.
وشهدت الأيام الأخيرة توافقا بين حركتي فتح وحماس وكافة الفصائل، حول ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، في كافة المحافظات، خاصة في القدس، بهدف ترتيب البيت الفلسطيني، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية.
واعتبر القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، سامي أبو زهري، تصريحات الأمير بندر بن سلطان “مؤسفة، ولا تخدم إلا الاحتلال الإسرائيلي”.
من جانبه، أعاد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، نشر الجزء الأول من حوار الأمير السعودي، قائلا: “من فاته المشاهدة يشاهد الآن. وسنقوم بتوزيع كل ما سوف تبثه قناة العربية لنتأكد أن الجميع سمع وشاهد”.
وقال عريقات، في تغريدة لاحقة: “للذين يتساءلون لماذا أقوم بإعادة توزيع مقابلة الأمير بندر، وما هو الرد؟ أجيب بأن من حق من لم يشاهد أن يشاهد”.
وأضاف: “عندما تستكمل قناة العربية بث حلقاتها الثلاث، سيكون هناك رد علمي وثائقي موضوعي، دون شيطنة أحد، أو استخدام أي من مصطلحات الشتم. من يعرض الحقيقة الموثقة لا يحتاج للشتم”.
للذين يتساءلون لماذا اقوم باعادة توزيع مقابلة الامير بندر ، وما هو الرد ؟ اجيب من حق من لم يشاهد ان يشاهد ، وعندما تستكمل قناة العربية بث حلقاتها الثلاث . سيكون هناك رد علمي وثائقي موضوعي ، دون شيطنة احد ،او استخدام اي من مصطلحات الشتم . من يعرض الحقيقة الموثقة ، لا يحتاج للشتم. https://t.co/3RzmZ0OpEP
— Dr. Saeb Erakat الدكتور صائب عريقات (@ErakatSaeb) October 6, 2020
اضف تعليقا